أين وكيف سترد إيران على مقتل قاسم سليماني؟

ايران وقاسم سليماني

رام الله الإخباري

رام الله الاخباري : 

الحذر والترقب من رد الفعل الإيراني يسود المنطقة نتيجة العملية الأمريكية التي استهدفت الشخصية العسكرية الأهم في طهران، قاسم سليماني وقادة من الحشد الشعبي، والتي يراها البعض ردا قويا على اقتحام السفارة الأمريكية في بغداد.

ويرى مراقبون أن إيران ليس لديها خيار سوى الرد على العملية الأمريكية، لكنهم يرون أن أقسى الردود من جانب طهران لن تكون بحجم سليماني، ويرى البعض أن عملية الرد في أغلب الأحيان لن تخرج عن الساحة العراقية حتى لا تتسع دائرة المواجهات الإيرانية مع دول المنطقة، مشيرين إلى أن العراق به الكثير من الأهداف التي قد تصلح لعمليات إيرانية للرد على مقتل سليماني.

مكان الرد الإيراني

قال ثائر البياتي، أمين عام القبائل العربية بالعراق لـوكالة سبوتنيك الروسية  "بكل  تأكيد سيكون هناك رد إيراني على مقتل قاسم سليماني وقادة الحرس الثوري والمليشيات، وسيكون الرد من جانب طهران في نفس ساحة المعركة "العراق حصرا"، وستكون القواعد الأمريكية المنتشرة في ربوع العراق هي الأهداف الرئيسية من أجل إيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية بين صفوف الأمريكان ومحاولة اختطاف رهائن، ليكونوا أسرى لدى الحرس الثوري".

وأضاف أمين عام القبائل، أن "الأهداف الأمريكية بالعراق كثيرة والقواعد منتشرة في كل مكان في العراق وبشكل خاص في المنطقة الغربية، مثل قاعدة عين الأسد وكركوك وقاعدة الحبانية والتاجي وقاعدة البكر في محافظة صلاح الدين، في منطقة جنوب الموصل".

الأهداف الأمريكية

وتابع البياتي "أما في داخل العاصمة بغداد فهناك المطار وقاعدته العسكرية، ومجمع السفارة الأمريكية الكبير في العراق، وبكل تأكيد ستكون هناك ردود أفعال وردود قاسية جدا، لكن مهما كانت قسوة الرد الإيراني لن يكون بمستوى "مقتل قاسم سليماني"، وهذا ما يغيظ الإيرانيين الذين دفعوا الأوضاع إلى الاتجاه العسكري، وهم من استفزوا وحاولوا جر الأمريكان إلى هذا السيناريو، وخلقوا فوضى في العراق وكان هناك مخطط للسيطرة على الحكم من جانب المليشيات والحشد الشعبي".

وتوقع أمين عام القبائل "أن يكون هناك مزيد من الاقتتال وتصاعد المواقف والتوتر، وبالمقابل ستكون هناك ردة فعل أمريكية قاسية جدا، باستهداف المليشيات ومعسكرات الحشد الشعبي وغيرها واستهداف القيادات العراقية بما فيها الشخصيات السياسية، والعملية كبيرة جدا في داخل العراق وبها الكثير من الأحداث".

أوراق إيرانية

من جانبه قال محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية بالقاهرة لـ"سبوتنيك"، "عندما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على قصف 5 مواقع لحزب الله العراقي في التاسع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول الماضي بكل من العراق وسوريا، ردا على مقتل مقاول أمريكي في اليوم الذي سبقه، كان رد حزب الله العراقي بحصار السفارة الأمريكية في بغداد، وبعدها أدان كبار قادة العراق الضربات الأمريكية ولم يتعرضوا بالإدانة أو الشجب لمقتل المقاول الأمريكي الذي كان متعهدا لتوريد الأغذية إلى السفارة".

وأضاف رئيس المنتدى العربي، "بعد مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وقادة آخرين، نددت الحكومة العراقية على لسان رئيس وزرائها بتلك العملية، ولم تتعرض بالتنديد لأي سلوك إيراني ضد المصالح الأمريكية،على اعتبار أن سليماني والمهندس كانا يخططان لعمليات نوعية مكثفة وموسعة ضد القوات الأمريكية في العراق، وقاما بالفعل طيلة الأشهر الماضية بعمليات مماثلة".

وتابع أبو النور، "جاء قرار البنتاغون بضرورة اللجوء إلى مخاطرة تصعيدية ضد قادة العمليات المحتملة لاستبعاد تهميش واشنطن من العراق، وهو التهميش الذي اقتضى عملية عسكرية تحمل ما تحمله من مجازفة تنطوي على تبعات تصعيد غير محسوب مع إيران، لا سيما أن إيران تمتلك بالفعل الكثير من أوراق التأثير في الإقليم".

بطل قومي

وأشار رئيس المنتدى العربي، "الموقف الإيراني قام على التوعد بالرد على هذا العمل والانتقام الشديد، لأن قاسم سليماني بالنسبة للنظام الإيراني الحالي هو بطل قومي وتقريبا أهم شخصية عسكرية بالبلاد، وهو حاصل على وسام "ذو الفقار"، الأعلى في الجمهورية الإسلامية، وتمت ترقيته إلى رتبة فريق وهي رتبة لم يحصل عليها رجل قبله في تاريخ الحرس الثوري على مدى أربعين عاما".

الرد القاسي

وأوضح أبو النور، "تشير الخبرة التاريخية القريبة مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي إلى أن طهران ستنفذ وعيدها وترد على تلك العملية،على سبيل المثال: في واقعة احتجاز بريطانيا الناقلة الإيرانية في جبل طارق ردت إيران واحتجزت ناقلتين بريطانيتين، في مضيق هرمز، بعد وعيد أقل بكثير من وعيد خامنئي اليوم، ما يعني أن آية الله القابض على مفاصل السلطة بالكامل منذ العام 1989 لن يسمح بأن يمر الأمر من دون رد، خاصة أنه توعد بنفسه بالرد القاسي".

وأشار أبو النور إلى أن "رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي الذي أدان العملية، وأماط اللثام عن اصطفافه الكامل مع إيران، مستمدا موقفه من كونه مؤيدا من الداخل بكتلة سائرون وعصائب أهل الحق وأطياف عديدة على رأسها المرجع الأعلى آية الله السيستاني، الذي أدان العملية ورفض النهج الأمريكي، وهو ما يعطي لإيران أفضلية في الرد على العملية بالميدان نفسه، أي في العراق وليس في أي ساحة أخرى".

وتابع رئيس المنتدى العربي، "في ضوء تلك التطورات يبدو أن الخطوة الأمريكية جاءت في عدة أطر منها إطار الاستباق، لأن سليماني كان يخطط لعمليات ضد المصالح الأمريكية في العراق، وفقا لبيان البنتاغون الذي أراد القول إنه في عهد وزيره الجديد، مارك إسبر، لن يسمح بتكرار سيناريو الثمانينيات ضد المصالح الأمريكية في الإقليم، لذلك ستلجأ إيران إلى التصعيد، لأن تلك الواقعة استهدفت ابتداء، شل قدرة طهران على تنفيذ العمليات التي كان مخطط لها، وعليه فإنه من المرجح أن يكون الرد مباشرا من جانب إيران ضد المصالح الأمريكية وليس بالضرورة أن يكون عن طريق الوكلاء، لأن أمريكا بادرت بالإعلان عن العملية وهو إعلان انطوى على إحراج بالغ للإدارة الإيرانية".

الخطأ الفادح

ولفت أبو النور إلى أنه "بتحليل بسيط للعملية نجد أن قاسم سليماني ارتكب خطأ استراتيجيا فادحا، لأنه اجتمع مع كل هؤلاء القادة الميدانيين العراقيين واللبنانيين في مكان واحد، ما جعل من قتلهم بضربة واحدة فرصة لا يمكن تفويتها أمريكيا، وهو ما يشير كذلك إلى أن واشنطن كانت تملك الكثير من المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بتحركات القادة الإيرانيين، ويبدو أن تعيين إيران نائب قاسم سليماني الجنرال إسماعيل قآاني، قائدا لفيلق القدس هو بمثابة رسالة سريعة مفادها أن طهران كانت متجهزة لهذا السيناريو وأن لديها عدة طبقات من القادة يمكنهم ملء الشغور الناتج عن تغييب أي شخصية حتى لو كانت على المستوى الأعلى".

حتمية الرد

وحول ضرورة الرد الإيراني قال أبو النور، "في المحصلة ينهض ترجيح أن يكون هناك ردا إيرانيا سريعا وقويا، لأنه لو لم ترد طهران فسوف تعاني في السنوات المقبلة من ضبط قيادات الوسط في الحرس الثوري، وستفشل في استقطاب شبان جدد إلى فيلق القدس وإلى الحرس الثوري والباسيج بطبيعة الحال، لأن معنى أن تتخلى إيران مجانا عن قاسم سليماني الحاصل على وسام "سيف الإمام علي"، فإنها قد تتخلى عن أي عنصر آخر، وهذا سيعرض نظامها القائم أساسا على تلك القوات إلى خطر داهم قد يكلف النظام بالكامل قدرته على البقاء على قيد الحياة".

الرد بحجم سليماني

وقال الدكتور حسين ريوران أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران  لـ"سبوتنيك" إن "قاسم سليماني قائد كبير وشخصية رمزية في المنظور الإيراني"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن التكهن برد الفعل الإيراني ولا بشكله حتى اللحظة، هل سيكون على الأرض العراقية أم خارجها، ومن الممكن أن تكون إسرائيل هدفا للقصاص".

مشيرا إلى أن "رد الفعل الإيراني سيكون مساويا لمقدار سليماني ورمزيته، وحال مراجعتنا للردود الإيرانية من حيث طبيعة التحركات الإيرانية وردود الفعل الأولية في الداخل، مثل ترأس على خامنئي بنفسه للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني".

وقتل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، بغارة أمريكية على موكبهما قرب مطار بغداد الدولي، فجر أمس الجمعة، أسفرت عن سقوط ثمانية قتلى، بينهم "شخصيات مهمة".

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن الجيش قتل قاسم سليماني بناء على تعليمات الرئيس دونالد ترامب، وأنه إجراء دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين في الخارج.

وأدانت قيادة العمليات المشتركة للقوات العراقية العملية الأمريكية، معتبرة إياها "حادثا غادرا وجبانا نفذته الطائرات الأمريكية".

وتتهم واشنطن سليماني بالمسؤولية عن "العمليات العسكرية السرية" في أنحاء الشرق الأوسط، وخاصة في العراق وسوريا؛ وصنف من قبلها كـ "داعم للإرهاب".

وكان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قد أعلن، اليوم السبت، خلال تقديم التعازي بقاسم سليماني أن جريمة الولايات المتحدة هذه لن تنسى أبدا.

وتشهد العاصمة العراقية، بغداد، حالة من التوتر، إذ يتظاهر الآلاف، منذ صباح يوم الثلاثاء الماضي، احتجاجا على قصف أمريكي استهدف مواقع للحشد الشعبي يوم الأحد 29 ديسمبر/ كانون الأول، ما أدى لمقتل ما لا يقل عن 27 شخصا وإصابة 62 آخرين من عناصر الحشد الشعبي.

 

سبوتنيك