رام الله الإخباري
رام الله الإخباري:
تحتفل المرأة الموريتانية بطلاقها وتقام لها الاحتفالات والولائم وتُرفع الزغاريد وتُقرع الطبول، إيذاناً بعودتها إلى بيت أهلها الذي ترى فيه قصر كرامتها المنيف، وحيزها الجغرافي الذي تلجأ إليه كلما غادرها الزوج.
ولحظة إشعارها بالطلاق من طرف زوجها تنتقل المرأة الموريتانية من بيته إلى بيت أهلها برفقة أبنائها وبناتها، فتستقبلها أمها وأخواتها بالزغاريد وتضرب لها الدفوف وتقرع لها الطبول، فرحاً بعودتها وخلاصاً لها من الارتباط الأسري بذلك الزوج .
صديقات المطلقة ينظمن حفلاً على أنغام الموسيقى، يحضره بعض الشعراء ويتغنوا بمحاسنها وجمالها، وتُتناقل أشعارهم لتصل إلى أكبر عدد من المرشحين المحتملين للزواج بها.
ويتوجب على أحد العزاب الرجال تنظيم حفل الطلاق لها، وهو ما يسمى لهجياً بـ"التحريش"، لإغاظة طليقها ودفعه للرجوع عن قراره، ويتعهد العازب الذي ينظم الحفل بالتظاهر بحبها والتغزل بجمالها وأخلاقها ووصف زوجها بالغباء وانعدام الحظ، فكيف له أن يُزيّن بيته بهذه الزهرة الندية ثم يطلقها.
الرجل الموريتاني ينظر إليها نظرة موحدة، وغالباً ما تثير المرأة المطلقة قريحة الشعراء، فينشدون فيها الأشعار الفصيحة الجزلة والأشعار الشعبية، ولا يشكل ذلك إلا جزءاً من صورة المرأة الموريتانية في ذهن الرجل، ولعل أبرز تعبير عن تلك الصورة الكاملة للمرأة الموريتانية في ذهن الرجل.
يقول الباحث في التراث الموريتاني أحمد ولد حارود يقول لقناة تركيا عربي، إن من بين أبرز المرويات الشفهية حول هذه العادة المجتمعية التقليدية، يمكنه اعتبار أن الأمر ولد داخل نظام القبيلة الواحدة، حيث كان المجتمع مجموعة قبائل تقطن مناطق متفرقة، ولم يكن الزواج بين القبائل أمراً رائجاً لعدة اعتبارات تتعلق بالنسب والفئة
والشريحة، وكانت المرأة مرغمة على الزواج بابن عمها، وقد أوجدت القبائل الموريتانية هذه العادة تكريماً للمرأة لأن خياراتها محدودة بعد الطلاق، ولكي لا تبقى حياتها معلقة بماضيها.
وأضاف" هذه الظاهرة انتشرت وتطورت في مراحل أخرى من عمر المجتمع الموريتاني مختلِف الأعراق ومختلط العادات."وتابع" لا تتفاجأ في موريتانيا حين تسمع سيدة تفتخر بعدد زيجاتها، وتعتبر ذلك دليلاً على جمالها وتميزها وجاذبيتها."
مريم بنت أحمد سالم، وهي سيدة موريتانية خمسينية سبق لها أن تزوجت تسع مرات، قالت لـTRT عربي، إنها الآن مطلقة ولم تعد ترغب في الزواج ولديها أبناء من آباء مختلفين، وتضيف وهي تبتسم، أن تجربتها مصدر فخر لها، وأن ذلك دليل كافٍ على جمالها وتميزها بين قريناتها، وتعتبر أن تجربتها كانت موفقة ومليئة بالسعادة على الرغم من عدم الاستقرار، وتؤكد أن طول مدة الزواج تؤدي إلى الملل، وهو ما يُعبر عنه في اللهجة الحسانية الموريتانية بـ"سعاد"، ولسعاد هذه قصة معروفة في المرويات التاريخية.
واعلنت منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون الأسرة عن ارتفاع نسب الطلاق في موريتانيا بشكل مخيف، مع دعوات إلى التوعية بخطورته على استقرار الأسر وتربية الأطفال.
وتبلغ نسبة الطلاق ثلث حالات الزواج في عموم البلاد، وفقا لتقرير رسمي صادر عن الحكومة الموريتانية عام 2018.وأوضح التقرير أن نسبة الطلاق بلغت 31% يجري الانفصال في 60% منها في السنوات الخمس الأولى بعد الزواج، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن طلاق المرأة لا يحدّ من فرصها في الزواج مرات أخرى.
وبين التقرير أن نسبة 74% من النساء المطلقات تزوجن من جديد، وأن نسبة 25% من النساء تزوجن مرتين على الأقل، و7% تزوجن ثلاث مرات فأكثر، ووضع التقرير العوامل الاجتماعية والاقتصادية على رأس أسباب الطلاق.
المرأة الموريتانية تفضل الرجل الذي لم يتزوج سابقاً، لأن تعدد تجاربه الزوجية الفاشلة دليل على عدم تحمله المسؤولية والصبر عليها والنضال من أجلها كمشروع اجتماعي يتطلب كثيراً من الصبر والمسؤولية، في ظل متغيرات اقتصادية واجتماعية وجملة من التقاليد المجتمعية المفروضة على كل زوجين.
TRT عربي