الوفد الكويتي الذي بكى عندما سمع طلب الأسير "اكرم الوحش "

اكرم الوحش

رام الله الإخباري

يتعامل الفلسطينيون مع تاريخهم بشيء من الفخر والاعتزاز، ففلسطين كانت تشهد حالة حداثية متقدمة على مستوى الوطن العربي وكانت تملك مشاريع مميزة على مستوى العدد والقيمة، إلا أن النكبة وإقامة دولة الاحتلال أجهضت هذه المحاولة الحداثية، ووضعت حدًا حاسمًا في موت هذه المشاريع.

ومن هنا تأتي  شهادة أحد أصدقاء الأسرى المحررين في صفقة شاليط، وهو الأسير أكرم الوحش، المعتقل لأكثر من 30 عامًا في سجون الاحتلال، وهذه الشهادة تدل على أصالة وعزة نفس الفلسطيني أينما كان، ذكر فيها أنه تلقى مكالمة هاتفية من صديق قام بحجز غرفة له لتغيير الجو الذي كان يعيشه في المعتقل.

وقال إن دخولهم للفندق تزامن مع دخول وفد كويتي عن طريق المهندس مروان عبد الحميد، فقام بأخذ هوية الأسير أكرم متوجهًا لقسم الاستقبال، وكان كل الوفد متواجدًا هناك، مضيفًا أنه دخل بطريقة غير لطيفة لكونه مرهق، وطلب من موظف الاستقبال إعطائه مفتاح الغرفة، فقال له أحد أفراد الوفد " يا خي على الدور"، فقال صديق الأسير:" اعذرني عندي أسير صارله بالسجن 30 سنة وخرج الآن وهو متعب جدًا".

فوافق الضيف إعطائه دوره بشرط رؤية الأسير المحرر، فقام باصطحابه معه ولحق بهم كل أفراد الوفد، وقال له:" أترى ذلك الشخص ذو الشنب الكبير؟ هو الأسير".

فتوجه الوفد إلى الأسير المحرر وفتحوا حوارًا معه وهو جالس سألوه عن عمره، فقال أكرم (51 عامًا)، ومتى تم اعتقاله؟ فقال كان عمره 19 عامًا، سألوه عن سبب الاعتقال، ذكر لهم أنه قام بقتل جنديين من جنود الاحتلال، فسألوه:" هل تملك شيئ"؟ أجابهم: لا سجنت وأنا صغير ولا أملك شيئًا.

وفي آخر حوارهم عرضوا عليه سيارات وقصور ونقود وأي شيء هم جاهزين لتلبيته له، فسألهم: أنتم من أين؟ فأجابوه: من الكويت، فقال لهم: نعم أريد شيئًا صغيرًا، فأجابوه: كل طلباتك مجابة.

وقف عقبها الأسير المحرر أكرم بجسده المنهك بسبب سنوات الاعتقال الطويلة وعم الهدوء في المكان، قائلًا:" بدي بس ترجعوا على بلدكم تحكو مع حكومتكم تحكي مع أي حدا بالدنيا عشان يروحولي أصحابي من السجن".

وصمت قليلًا قائلًا بصوت شاحب والدموع تملأ عينيه:" اشتقتلهم".

وهنا انفجر الوفد بالبكاء وعين الصديق لم تفارق عين الأسير أكرم المليئة بالدمع حزنًا على أصدقائه بالسجن، متسائلًا:" من أين لك هذا يا رجل؟ من أين كل هذه العزة والشموخ والكرامة والكبرياء".

فلم يفكر للحظة في نفسه كان كل همه رفقاء السجن رفقاء عمره، فقد انتهى شبابه وضاع عمره بالسجن، إلا أن كل ما أراده رؤية أصدقائه الذي تركهم من ساعات قليلة .

وبعد انتهاء الوفد من حالة الحزن التي سادت المكان، قال أحدهم للأسير المحرر أنت كنت وما زلت الحر ونحن جميعًا العبيد.

فالأسير المحرر أكرم سطَّر هنا كل معاني الشرف والعزة والتي لو وزعت على المعمورة لأغرقها.

ومن هنا يمكن القول إننا شعب يحب إخوته العرب ونحترمهم، فنحن في فلسطين لسنا شرذمة وبقايا حروب، فنحن من فلسطين وأصلنا من مكة المكرمة، فجدنا علي بن أبي طالب، وجدتنا فاطمة بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وجرت العادة في الفتوحات الإسلامية أن يبعثوا أعرق العائلات العربية لأي منطقة حدودية لحمايتها ، كذلك فلسطين، قام صلاح الدين الأيوبي بإرسال أعرق العائلات العربية لفلسطين لحمايتها . 

وستظل القدس عاصمة فلسطين الأبدية، والرحمة لشهدائنا الأبرار والشفاء العاجل لجرحانا والفرج القريب لأسرانا البواسل.

رام الله الإخباري