نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الأربعاء، تقريرا حول سياسة الاعتقال الإداري.
وأوضحت الهيئة في تقريها، أن "الاعتقال الإداري سياسة قديمة حديثة تنتهجها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين، واتخذت من هذه السياسة وسيلة تتيح لها اعتقال أكبر عدد ممكن من المواطنين خاصة في الأوقات التي يتطلب فيها الوضع السياسي هذه الاعتقالات، اضافة الى ان هذه السياسة تتيح لها اعتقال اي مواطن كتدبير احترازي دون تهمة متى اقتضت معلوماتهم الاستخباراتية ذلك، وأصبح الأمر يتعلق بأمن المنطقة وسلامة الجمهور بحسب ادعائهم".
ويعرف الاعتقال الإداري، حسب التقرير، بالمفهوم البسيط: "بانه اعتقال بدون تهمة أو محاكمة، حيث لا يستطيع المعتقل أو حتى محاميه الوصول إلى أدلة الاحتجاز بناء على معلومات سرية، أو ما يعرف بالملف السري".
ويمكن بحسب الأوامر العسكرية الإسرائيلية اصدار وتجديد أمر الاعتقال الإداري على ألا يتجاوز الامر الواحد مدة ستة أشهر.
وتستند اجراءات الاعتقال الإداري المطبقة في الاراضي المحتلة الى المادة (111) من انظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي طبقتها سلطات الاحتلال البريطانية سنة 1945، وأجريت من ذلك التاريخ عدة تعديلات انتهت بالأمر العسكري "1651" حيث يعتبر هذا الامر هو الاطار القانوني للاعتقال الإداري، وفقا للتقرير.
وتابعت الهيئة، "لقد أمعنت سلطات الاحتلال في هذه السياسة وبشكل متصاعد منذ احتلالها الضفة الغربية عام 1967 كسياسة عقاب جماعي، واستمر هذا النهج بالتصاعد مع بداية انتفاضة 1987، عندما اصدرت عدة اوامر عسكرية للتسهيل من عملية الاعتقال الإداري، كان منها القرار 1228 سنة 1988، والذي اعطى صلاحية اصدار قرار الاعتقال الإداري لضباط وجنود اقل رتبة من القائد العسكري، وإثر ذلك تم فتح معتقل "انصار 3" في النقب الصحراوي لاستيعاب هذه الاعداد.
وأضافت ان "القانون الاسرائيلي يمنح القائد العسكري صلاحية اجراء اي تعديلات على الاوامر العسكرية المتعلقة بالاعتقال الإداري بما يتلاءم والضرورة العسكرية، دون الاخذ بالحسبان اية معايير دولية لها علاقة بحقوق المعتقلين".
وقالت إن "اجراءات المحاكمة في الاعتقال الإداري خاضعة لذات اجراءات المحاكمات العادية في المحاكم فيما لو تم التحدث عن وجود لائحة اتهام، فمن لحظة الاعتقال يتم احتجاز المعتقل في فترة التوقيف الاولى في مراكز الاعتقال او التحقيق، ثم عرضه على محكمة تمديد التوقيف والتي يتم ابلاغ المعتقل بصدور امر الاعتقال الإداري بحقه من قبل قائد المنطقة فيها، لينتقل منها الى بدء اجراءات محاكمة الإداري عبر جلسة التثبيت، والتي تعقد خلال 8 ايام من صدور الامر الإداري وذلك بحق معتقلي الضفة، ولمدة اقصاها 48 ساعة لمعتقلي القدس الذين تتم محاكمتهم امام المحاكم المدنية، وبعد عقد جلسة التثبيت يكون احد مخرجات ونتائج المحكمة اما اطلاق سراح المعتقل، أو تأجيل الجلسة لاستدعاء ممثل عن المخابرات أو تثبيت الاعتقال الإداري وأحيانا يتم تخفيض مدة الامر مرافقة بالتثبيت. وفي حال التثبيت يحق للمعتقل عبر محاميه تقديم استئناف على قرار التثبيت كما بإمكانه التوجه للمحكمة العليا حال حدوث خطأ قانوني في محكمة التثبيت او لأسباب خاصة استوجبت ذلك، لذا اقتضى التنويه هنا ان المحكمة العليا ليست بدرجة استئناف على قرار محكمة الاستئناف وان رفع الملف للمحكمة العليا يرجع تقديره لمحامي المعتقل".
واستدرك التقرير، "رغم توفر اجراءات محاكمة للمعتقل الإداري أسوة بمعتقل آخر إلا ان الحديث يبقى هنا عن عدم قانونية امر الاعتقال ذاته، فهو اعتقال تعسفي مخالف لكافة القوانين والاعراف الدولية، ولا يمكننا التعامل هنا مع هذه المحاكمة الا باعتبارها محكمة عسكرية صورية غير عادلة، انطلاقا من القاعدة القانونية أن ما بني على باطل فهو باطل، لذا فإن كثيرا من الأسرى يرفضون المثول امام هذه النوعية من المحاكم، بل خاضعوا مقاطعات جماعية بشكل اضراب".
وبينت أن "الاعتقال الإداري من الوجهة الدولية هو اعتقال تعسفي غير قانوني، وانتهاك صارخ لحقوق الانسان، فهو اعتقال يتنافى مع أبسط المعايير الدولية، كونه يتم من دون تهمة ومحاكمة ويعتمد على مواد الملف السري، بذلك ليكون منافيا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 9\1 التي نصت على انه لا يجوز القبض على أحد أو اعتقاله تعسفا وانه لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب خاصة نص عليها القانون".
كما ان اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 في المادتين 70 و71 اشترطت لاعتبار المحاكمة عادلة أن يتم ابلاغ المتهم بلائحة اتهام وبلغة يفهمها تبين له أسباب اعتقاله، لتتاح له امكانية الدفاع عن نفسه.
وبينت الهيئة أن ممارسة سلطات الاحتلال للاعتقال الإداري "جاء من قبيل تسلحها بالمادة (78) من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الاشخاص المدنيين وقت الحروب للعام 1949، الا انه في حقيقة الامر فإن هذه المادة تناولت وبوضوح آلية وظروف السماح بالاعتقال الإداري حيث جاء فيها أنه (اذا رأت دولة الاحتلال لأسباب أمنية قهرية أن تتخذ تدابير أمنية ازاء اشخاص محميين، فلها على الأكثر ان تفرض عليهم اقامة جبرية او تعتقلهم)، ما يدل وبشكل لا مجال فيه للشك، انها تحدثت عن الاعتقال الإداري في حالات طارئة جدا وكوسيلة أخيرة بعد استنفاد شرط الإقامة الجبرية كشرط يعتبر أقل ضررا".
وبينت الهيئة ان إضراب الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال في شهر نيسان عام 2014، يعد أطول إضراب جماعي، حيث استمر 63 يوما تجاوز فيه عدد الاسرى الإداريين المضربين 220 اسيرا.
وأوضح التقرير، أن "سلطات الاحتلال ومنذ الانتفاضة الاولى اعتقلت الاف المواطنين وتحويلهم إلى الاعتقال الإداري، حيث بلغ عدد الاسرى الإداريين آنذاك (1794) وما يزيد، واستمرت سياسة الاعتقال تباعا للوضع السياسي فتارة تنخفض الاحصائيات وتارة ترتفع، وعند اندلاع الانتفاضة الثانية عاودت النسبة بالارتفاع مقارنة مع فترة التسعينيات خاصة في العام 2002، حيث تم تحويل ما يزيد عن (1000) أسير إلى الاعتقال الإداري.
وتابع: "في العام 2010 بلغ عدد المعتقلين الإداريين (207)، وفي العام 2011 بلغ (310)، وفي العامين 2012 بلغت (178)، وعام 2013 بلغت (155)، ثم عاودت الارتفاع لتصل عام 2014 (414) أسيرا اداريا، وعام 2015 بلغت (650). وفي عام 2016 سجلت أعلى نسبها حيث بلغت (750) معتقلا إداريا.
وفي العام 2017 بلغ عدد الأسرى الإداريين 500 أسير، وفي العام 2018 بلغ 450.
وبين التقرير أن الشهرين الماضيين شهدا إصدار 75 أمر اعتقال إداري، ليصل عدد الأسرى الإداريين حتى الشهر الحالي إلى 440 أسيرا إداريا موزعين على سجون "مجدو"، و"عوفر"، و"النقب".
وبينت الهيئة أنها تتابع ومن خلال محاميها محمود الحلبي، 182 أسيرا إداريا.