رام الله الإخباري
حذّر خبراء فلسطينيون من تداعيات تصريح السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، بزعمه أن لدولة الاحتلال "حق" بضم أجزاء من الضفة الغربية، بحسب وكالة "الأناضول" التركية.
واعتبر الخبراء في أحاديث منفصلة لوكالة "الأناضول"، أن التصريح بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل لاستهداف الضفة الغربية، وأنه يأتي ضمن تطبيق واشنطن وتل أبيب بنود الخطة الأمريكية للسلام بالشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن".
ودعا الخبراء إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني المستمر منذ 12 عامًا، ليعمل الكل الوطني وفق استراتيجة واضحة ضد تلك "الصفقة" الأمريكية "المجحفة" بحق الفلسطينيين.
وقال فريدمان، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" نشرتها السبت الماضي، إنه "في ظل ظروف معينة، أعتقد أن إسرائيل تملك الحق في الاحتفاظ بجزء من الضفة الغربية".
واستنكرت الحكومة الفلسطينية ذلك التصريح، واصفة فريدمان بأنه "سفير للاستيطان"، كما اعتبرت فصائل فلسطينية أن تصريحه "يعكس العقلية الاستعمارية لإدارة دونالد ترامب"، ويكشف حقيقة الصفقة المذكورة.
ويتردد أن "صفقة القرن" تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، إن تصريح فريدمان "يعبر عن ضوء أخضر أمريكي مفتوح لإسرائيل".
وأوضح عوكل، أن "المؤشرات الواردة من الإدارة الأمريكية بشأن الحقوق الفلسطينية تقول إن الولايات المتحدة مستعدة لدعم إسرائيل ومخططاتها إلى أبعد مدى"، وفق الأناضول.
ويعتبر أن "تصريح فريدمان هو بداية تحضير لخطوة إسرائيلية لضم الضفة الغربية، والأيام القادمة ستشهد عملا إسرائيليا ضاغطا، عبر اللوبي اليهودي في واشنطن لتأييد مثل هذا القرار".
وأكد المحلل السياسي على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ماضيتان في فرض الخطة الأمريكية على الأرض.
وأضاف: "لا يوجد صفقة قرن، بل مخطط لفرض وقائع، والفلسطينيون لم يُفشلوا الخطة، فهي تنفذ يوما بعد آخر"، متابعاً: "الخطة بدأت بالاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل (في 6 نوفمبر/ تسرين ثان 2017)، ونقل السفارة (الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس في 14 مايو/ أيار 2018)، وموضوع اللاجئين والسلام الاقتصادي المتمثل في مؤتمر المنامة".
وأعلنت الولايات المتحدة والبحرين عن استضافة المنامة، يومي 25 و26 من يونيو/حزيران الجاري، "مؤتمرا لبحث سبل جذب استثمارت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ودول المنطقة".
وتوافقت السلطة والفصائل الفلسطينية على رفض المشاركة في المؤتمر، باعتباره "أحد أدوات صفقة القرن".
وشدد عوكل، على أن "المطلوب فلسطينيًا هو إعادة ترتيب الوضع الداخلي، على أن يعمل الكل وفق استراتيجية واضحة، بحيث يلعب دوره في مواجهة المخطط".
وأردف: "الفلسطينيون لم يستعدوا لمواجهة ذلك المخطط طالما الانقسام الفلسطيني موجودا".
وفشلت اتفاقات عديدة في إنهاء انقسام جغرافي وسياسي قائم منذ عام 2007 بين حركتي "فتح" و"حماس".
وأوضح عوكل: "الانقسام حوّل الشعب الفلسطيني إلى جماعات لها همومها الخاصة، واستمراره يعطي بعض الدول العربية مبررا للتعاطي مع المخطط الأمريكي".
واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل جنوبي الضفة الغربية، بلال الشوبكي، أن تصريح فريدمان يستهدف تهيئة الأجواء لقبول الولايات المتحدة بضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية".
وبيّن الشوبكي للأناضول: "قد يكون التصريح بالون اختبار للفلسطينيين أيضاً".
وأضاف: "إذا تتبعنا تصريحات الإدارة الأمريكية في الأسابيع الأخيرة سنرى بوضوح مؤشرات لقبول الإدارة ما تسميه حق إسرائيل في الحفاظ على أمنها، والضفة الغربية هي البعد الاستراتيجي لأمن إسرائيل".
وأوضح قائلاً: "إن تصريح فريدمان "يأتي في إطار استكمال الرؤية الأمريكية لكيفية حل المسألة الفلسطينية، وليست بالضرورة أن تكون معنية بضم الضفة لإسرائيل، بقدر ما هي معنية بتقزيم سقف المطالب الفلسطينية".
وأكمل الشوبكي: "إدارة ترامب تدفع الجانب الفلسطيني إلى المطالبة بعدم ضم الضفة الغربية لإسرائيل، بدلا من المطالبة بقيام دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وأكد على أن ضم الضفة الغربية إن حدث "ربما يكون أخطر من نقل السفارة وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، فضم الضفة الغربية يؤثر على حياة الإنسان الفلسطيني بشكل مباشر وفوري".
ويرى الأكاديمي الفلسطيني أن "قرار الضم يُسقط مبرر وجود السلطة الفلسطينية، ما يعني مواجهة على الأرض".
وبيّن أن إسرائيل تمهّد فعليا لضم الضفة الغربية، عبر تفعيل دور الحاكم العسكري الإسرائيلي للضفة (المنسق).
ودعا الشوبكي الجانب الفلسطيني إلى عدم الاكتفاء بسياسة الانتظار، بل عليه الاستعداد لإطلاق أطروحات بديلة ترفع من سقف المطالب الفلسطينية لتحريك الجمود السياسي.
وتابع: "حتى الآن الأداء الفلسطيني متواضع، وليس على مستوى الحدث، ولم يتخذ خطوات عملية على الأرض".
وسط غضب فلسطيني من تصريح فريدمان، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، الثلاثاء، إنه "لا يوجد أي تغيير في سياستنا المتعلقة بالضفة الغربية"، وإن "واشنطن لا تعترف بالمستوطنات اليهودية غير القانونية هناك".
رغم ذلك، أشار أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، فريد أبو ضهير، إلى أن تصريح فريدمان ربما يعبر عن حقيقة السياسة الأمريكية.
واعتبر "أبو ضهير" في تصريح للأناضول أن "الجانب الفلسطيني لم يبق في جعبته الكثير لمواجهة السياسة الأمريكية، غير العزف على وتر الدول والتكتلات التي لا تتوافق سياساتها مع سياسة واشنطن، مثل الاتحاد الأوروبي، وهذا لا يقدم شيئا".
ويرى أن "التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية وحتى مجلس الأمن لا يعدو كونه خطوة إعلامية، فمن المستبعد اتخاذ قرار ضد الولايات المتحدة، وفي حال اتُخذ سيبقى حبرا على ورق".
وختم أبو ضهير بأن واشنطن ماضية في تطبيق "صفقة القرن"، وضم الضفة الغربية قد يكون أحد بنودها.
وبلغ عدد المستوطنات (غير قانونية ومخالفة للقوانين والشرائع الدولية) منذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، نحو 250 مستوطنة؛ تضم أكثر من 400 ألف مستوطن، الأمر الذي يهدد آمال قيام دولة فلسطينية بموجب قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة.
الاناضول