حدود الذمة المالية لطفلك.. من يحق له منح "العيدية"؟

undefined

تحتل "العيدية" مكانة خاصة في قلوب الأطفال كونها من مظاهر العيد المبهجة، فبالنسبة لهم "العيدية" مبلغ من المال أكبر بكثير من المصروف اليومي، وصالح لشراء الكثير من الحلوى والألعاب.

لكن عادة ما يقوم أحد الوالدين أو كليهما بمصادرتها كاملة أو التحكم في أوجه إنفاقها، فهل هذا من حقهما؟ وقبل ذلك كله، كيف يضمن الوالدان أن طفلهما لم يقبل "العيدية" من الشخص الخطأ؟

بدورها شددت اختصاصية تعديل سلوك الأطفال الدكتورة رشا سعد، على التحدث مع الطفل عن العيدية قبل يوم العيد، لتوضيح أنها حالة استثنائية خاصة، حتى لا يظن الطفل أن بإمكانه الحصول على الأموال في أي وقت أو من أي شخص، وفق موقع "الجزيرة".

وتوضح اختصاصية تعديل السلوك أن الأقارب من الدرجة الأولى فقط هم المسموح لهم إعطاء عيدية الطفل، ومن غير المستحب أن يحصل على أموال من الجيران أو المعارف الآخرين، ويجب تدريب الطفل على رفضها بأدب، لأن إعطاءه الأموال يؤثر على سلوكه ويجعله يعتاد الحصول على الأموال من الغرباء في أي وقت، وهذا قد يمثل خطورة قد تلحق الأذى بالطفل الذي قد يتغاضى عن تصرف خاطئ يتعرض له في مقابل الحصول على المال.

وبالنسبة للظرف الزمني، تنصح د. رشا بإرشاد الطفل إلى أن الحصول على الأموال من العائلة يكون في مناسبات خاصة فقط، مثل العيدية، مع شرح تلك العادة ولماذا يحصل الأطفال فيها على المال، والتنبيه عليه كذلك على ضرورة إخبار الوالدين عن الأموال التي حصل عليها وعن الأفراد الذين أعطوها له، مضيفة "وكذلك التأكيد على العائلة عدم إعطاء الطفل المال إلا في مناسبات بعينها".

من يحدد كيفية التصرف في "العيدية"؟
تختلف أوجه إنفاق العيدية، فيفضل بعض الآباء الاحتفاظ بعيدية الطفل مع وعده بإعطائها له في وقت لاحق، وربما يحدث ذلك وربما لا يحدث، في حين أن آباء آخرين أخرى لا يحبذون ترك مساحة للطفل للتصرف في عيديته وإنفاقها فيما يريد.

وتنصح د. رشا، باحترام الذمة المالية للطفل، وتفهم أنها أمر خاص ومنفصل عن الوالدين، تتساوى في ذلك العيدية أو حتى المصروف الشخصي الذي يحصل عليه منهما.

وفي الوقت ذاته، تشير إلى أهمية إشراف الوالدين على إنفاقها مع ضرورة تحديد عمر الطفل والتعامل معه على ذلك الأساس، موضحة "الطفل حتى عمر الـ7 سنوات يمكن للوالدين الاحتفاظ بعيديته إن كانت مبلغا كبيرا، وإعطائه جزءا بسيطا منها لإنفاقه تحت إشرافهما، سواء في شراء الحلوى أو غيره، أما ما يتبقى من عيديته فيمكن للوالدين اصطحابه إلى أحد محلات الألعاب وتركه يختار لعبة مع ضرورة أهمية إخباره أن تلك اللعبة من ماله الخاص، في حين يحتفظ الطفل الأكبر سنا بعيديته كاملة في مكان آمن مثل حافظة النقود، ومتابعة الوالدين معه كيفية إنفاقها مثل أسطوانات الألعاب الإلكترونية أو غيرها".

وتحذر د. رشا من "استيلاء" الوالدين على عيدية الطفل، موضحة "تجعله يفقد الثقة فيهما، ولا يخبرهما عن أي أموال أخرى حصل عليها، والأكثر من ذلك أنه يجعله يخفي عنهما أشياء أكبر يمكن أن يتعرض لها لأنه فقد الثقة فيهما".

فرصة لتعلم قيم إنسانية
أن تكون للطفل ذمة مالية خاصة به تعد فرصة جيدة إذا تم استغلالها لتنمية قيم وسلوك إنساني مهم لدى الطفل من عمر صغير، وتشير د. رشا إلى ضرورة انتباه الآباء إلى كل فرصة تمر على أطفالهم، واقتناصها جيدا لتنشئتهم وتعليمهم قيمة جيدة من كل موقف.

وتقول "على سبيل المثال، يجب على الآباء تعليم أبنائهم ضرورة التكافل والمشاركة، وتذكر المحتاجين، فعندما يذهب الطفل لشراء حلوى من العيدية يمكن للأم أن تذكره بأن يشتري أيضا لجاره أو صديقه، أو ابن حارس العقار الذي يسكن فيه، أو طفل فقير في الشارع، وكذلك عند شراء لعبة يمكنه شراء لعبة بسيطة أخرى لطفل محتاج، فيتعلم دروسا من تلك المواقف تنمو معه على مدار السنين، وتجعله يقدم على فعل الخير بعد ذلك دون أن ينتظر توجيها من أحد".

الأمر الآخر الذي يمكن للأهل تعليمه لطفلهم وهو في عمر صغير ضبط ميزانيته، من خلال إنفاق جزء من المال والاحتفاظ بجزء آخر.
وتضيف د. رشا "يستغرق تعليم الأبناء التوازن وعدم الإسراف وقتا كبيرا، وربما تكون العيدية فرصة جيدة، يمكن أن يهدي الآباء طفلهم حصالة، للاحتفاظ بالنقود الخاصة به، وتعليمه عدم التبذير وضرورة الاحتفاظ بمبلغ، وهذا من شأنه تعليمه قيمة إنسانية جيدة ومفيدة جدا في عمر مبكر".