كشفت صحيفة هآرتس العبرية اليوم الجمعة، أن إسرائيل طلبت من عائلة الشهيد يونس عمر من سكان قرية سنيريا جنوب قلقيلية، مبلغ 5 آلاف شيكل لكي تسمح له بزيارة شقيقه حين كان مصاباً، قبل أن يعلن عن استشهاده قبل أيام.
وأوضحت الصحيفة، أن عبد الكريم يونس شقيق الشهيد، توجه بطلب لزيارة أخيه لعدم قدرة والدته على ذلك ووفاة والده قبل عامين، إلا أنه لم يتلق إجابة من مكتب ما يسمى "منسق الأنشطة الاسرائيلية"
مشيرةً إلى أن مجموعة أطباء من أجل حقوق الإنسان، قدمت التماسا عاجلا نيابةً عن عائلة الشاب إلى محكمة القدس للشؤون الإدراية ضد "الشاباك" والجيش الاسرائيلي للسماح لشقيق الشاب يونس بزيارته، خاصةً وأنه كان بحالة حرجة جداً وفي أي لحظة قد يفقد حياته.
وكانت قوة إسرائيلية أطلقت النار في العشرين من الشهر الماضي، على الشاب يونس قرب تفوح، بزعم أنه حاول تنفيذ عملية طعن، واصابته بجروح قاتلة وبقي فاقدا الوعي حتى أعلن عن استشهاده.وبين التقرير الطبي أن يونس خضع لأربع عميات جراحية وعانى من أضرار شديدة في أنحاء جسده والأجهزة المختلفة.
وخلال جلسة المحكمة التي عقدت بشأن الالتماس قدم "ممثل الدولة الإسرائيلي" مقترحا لا يصدق - كما وصفته هآرتس - بأن يقوم شقيق الشاب يونس بإيجاد شركة حماية أمنية خاصة، توافق على تأمين زيارته مقابل الحصول على التصريح. ولم تستجب معظم الشركات الأمنية المرخصة على ذلك، قبل أن توافق إحداها مقابل مبلغ وصل إلى 4900 شيكل يشمل الضريبة المضافة.
ورأى القاضي أن موقف "ممثل الدولة" لا تشوبه عيوب، وأن تحقيق ذلك الشرط ليس مستحيلا.وبعد 48 ساعة من الجلسة أُعلن عن استشهاد يونس دون السماح لعائلته برؤيته ووداعه، وترفض إسرائيل تسليم جثته.
وكان الشهيد يدرس الهندسة الكهربائية "سنة أولى" ولم يبلغ بعد العشرين من عمره، وعائلته تعيش في قرية سنيريا جنوب قلقيلية، إحدى القرى الهادئة والآمنة نسبيا، والتي تحيط بها عدة مستوطنات يعمل فيها غالبية السكان.
والشهيد له خمسة أشقاء وشقيقتين، وكان توفي والده قبل عامين عن عمر يناهز الـ 53 عاما بسبب المرض. وأشقاؤه الأكبر منه سنا لديهم تصاريح عمل في المستوطنات، وشقيقه عبد الكريم الذي طلب زيارته حين كان مصابا يعمل في مستوطنة بركان.
واعتاد الشهيد عمر العمل ايام الجمعة في القرى المجاورة، بينما يتفرغ باقي الأسبوع لدراسته في نابلس، وقبل قبل ذهابهم إلى النوم يوم الجمعة الأخير له، أخبر عمر شقيقه بأنه سيتوجه إلى نابلس في اليوم التالي لايجاد شقة جديدة للاقامة فيها خلال الفصل الدراسي الثاني من دراسته.
وغادر عمر منزل عائلته في سنيريا حوالي الساعة السابعة صباحا متوجها إلى نابلس، قبل أن تطلق قوات إسرائيلية النار تجاهه بعد أن زعمت أنه أخرج سكينا وحاول تنفيذ عملية طعن، حيث تلقى تلقى الأخ عبد الكريم عند الساعة الحادية عشرة مكالمة هاتفية من عمه بأن شقيقه تعرض لإطلاق نار عند مفترق زعترة جنوب نابلس فهرع فورا للمكان ولكنه تلقى اتصالا بأن شقيقه قد استشهد واحتجزت جثته
فعاد لمنزل عائلته وسط تجمع كبير من المواطنين، قبل أن يتلقى اتصالا هاتفيا من ضابط في الشاباك أمره بالحضور إلى حاجز إلياهو قرب قلقيلية، حيث وجهت له أسئلة عن نشاطات عمر وحياته وأنشطته، قبل أن يخبره بأن شقيقه مصاب في معدته، وسألهم لماذا أطلقوا النار على معدته طالما لم يؤذ أحدا.
وحاولت العائلة في الأيام الأربعة التالية من الحدث الحصول على تصريح زيارة له في مستشفى بيلينسون في بتاح تكفا، إلا أن كل ذلك ذهب عبثا، ولم تعرف العائلة شيئا عن حالته الصحية، تماما كما جرى مع الشاب مرعي كبها من جنين الذي نقل إلى مستشفى آخر ولم تجد عائلته أي وسيلة لمعرفة حالته الصحية.
وبعد الالتماس وشرط ممثل "الدولة" بتوفير حماية أمنية من شركة خاصة مقابل دفع مبلغ مالي، سمح بدخول عبد الكريم لوحده ومعه حارس أمن واحد، حيث بينت الشركة التي وافقت على طلب العائلة أن يتم الحصول على موافقة مسبقة تحدد عدد الحراس، وهذا الطلب بحاجة لدراسة ولا يتم قبوله فورا
مبينةً أنها ستوافق على الحماية مقابل مبلغ 4900 شيكل يشمل قيمة الضريبة المضافة، من خلال الدفع المسبق لسائق وسيارة وحارس مسلح من نقطة التفتيش التي سينقل إليها وحتى المستشفى ومن ثم العودة.
ورفض مكتب ما يسمى "منسق الشؤون الإنسانية" الاسرائيلي، الاستجابة لطلب مؤسسات حقوقية بالسماح لوالدة الشاب وشقيقه بزيارته.
ويقول عبد الكريم يونس إن المطالبة بدفع المال مقابل زيارته لأخيه بمثابة سلوك منافٍ للأخلاق، مبينا أنه مقتنع بأن رجال الشرطة الإسرائيلية أطلقوا النار على أخيه دون سبب.
في يوم السبت الماضي، الساعة 5:30 مساءً، اتصل رجل قدم نفسه كطبيب في بيلينسون وأخبر عبد الكريم باللغة العربية بأنه آسف لإخبار العائلة بأن عمر قد مات. يقول عبد الكريم إن كل ما يريدونه الآن هو الحصول على جثته حتى يتمكنون من دفنها.