قالت صحيفة "هآرتس" ان بلدية تل أبيب بدأت بدفع مخطط للبناء على أرض المقبرة الإسلامية في يافا، رغم معارضة السكان.
وذكر فلسطينيون من سكان يافا انه تم نبش عشرات القبور .
وتسعى البلدية لإنشاء مركز لرعاية المشردين على الأرض التي تقوم فيها مقابر اسلامية منذ العهد العثماني. وفي الأسبوع الماضي، بدأ العمل في الموقع، ولكن المحكمة العليا أمرت بتعليق العمل مؤقتا، إلى حين النظر في الالتماس الذي قدمته الهيئة الإسلامية التي أوضحت نيتها مواصلة الاحتجاج ضد المخطط.
وفقا للصحيفة فقد كان يقوم في المكان، إلى ما قبل أكثر من عام بقليل، مبنى عثماني قديم يستخدم كمنزل للمشردين. وقررت البلدية هدم المبنى بهدف إنشاء عمارة تتألف من ثلاثة طوابق، وتضم ملجأ للمشردين ومحلات تجارية. ومع ذلك، بعد تدمير المبنى، تم اكتشاف أكثر من 30 قبرًا تحتوي على عظام بشرية.
ووفقا لتقديرات تستند إلى طبيعة الدفن وغيرها من البيانات التاريخية، فإن المكان كان مقبرة إسلامية تعود للفترة العثمانية.
وأدى العثور على الهياكل العظمية إلى وقف أعمال الهدم على الفور، ودخل رجال سلطة الآثار إلى الموقع وكشفوا القبور.
واحتج العشرات من سكان يافا، بعضهم من أعضاء الهيئة الإسلامية، على البناء، ودخلوا الموقع واكتشفوا "صورة رهيبة". فقد كانت هناك العشرات من القبور التي تم فتحها، وكان بعضها يحتوي على هياكل عظمية لبالغين وأطفال، ومن حولها عشرات الكراتين والدلاء المحتوية على عظام وجماجم بكميات كبيرة بغرض نقلها للدفن في مكان آخر.
وفي اليوم نفسه، بدأ عشرات السكان بدفن العظام في القبور التي أخرجت منها، وتخطيط المقبرة. وبعد ذلك، عمل أعضاء الهيئة الإسلامية، على مدار أسبوعين، في المقبرة وصبوا الخرسانة وأقاموا شواهد للقبور. وفي الوقت نفسه، بدأ أعضاء اللجنة التنفيذية للهيئة الإسلامية، بإجراء محادثات مع البلدية حول هذا الموضوع.
وجرت خلال العام الماضي اتصالات كثيرة بين الجانبين، لم تحقق أي نجاح. وقالت الهيئة الإسلامية إنها اقترحت على البلدية حلاً وسطًا يقضي بإنشاء العمارة على ارتفاع عن أرض المقبرة، دون أن تتضرر القبور، لكن البلدية رفضت ذلك.
وصرح أحد كبار المسؤولين في البلدية لصحيفة "هآرتس" أنهم "يعملون وفقًا للقانون ويحاولون عدم الإضرار بمشاعر السكان"، وعلى الرغم من عدم التوصل إلى أي اتفاق، تعتزم البلدية العمل بحذر من أجل تقليل الأضرار التي ستلحق بالجثث.
ولم تقم سلطة الآثار حتى اليوم بتعريف الموقع كمقبرة، علما أنها الجهة الوحيدة المخولة بذلك. وقالت السلطة ردا على سؤال لصحيفة هآرتس حول هذا الموضوع أن البحث في هذا الموضوع لا يزال جاريا.
وتدعي البلدية أنها أوضحت للهيئة الإسلامية، منذ حوالي أسبوعين، أن تخطيط المقبرة سيبدأ قريبًا لتحديد المواقع الدقيقة للقبور، وأشارت إلى أنه سيتم التخطيط للمبنى وفقًا للنتائج. وفي الوقت نفسه، أوضحوا في البلدية أن المبنى سيتم بناؤه في موقعه الحالي وأنهم لا يخططون للتراجع في هذا الشأن.
وقال رئيس الهيئة الإسلامية في يافا، محمد الدريعي، إن جميع اقتراحات البلدية كانت "مهينة"، مضيفًا: "عندما يتم إخبارك أن هذا المبنى سيتم بناؤه على أي حال، لا يبقى الكثير لنتحدث عنه. لم يسلموني مطلقًا وثيقة مكتوبة تحتوي على مقترحاتهم لعرضها على بقية أعضاء الهيئة. كل شيء كان شفويا. أعتقد أنه في نهاية المطاف سيتم تحديد الوقائع على الأرض - إذا احتاج الامر سنخرج للتظاهر والإصرار على حقوقنا الديمقراطية والدفاع عنها، حتى أثناء مسابقة الأغنية الأورفيزيون". وفي الشهر الماضي، ناشدت الهيئة الإسلامية الحكومة التركية مرتين لكي تتدخل.
وفي الأسبوع الماضي، وبناءً على طلب البلدية، وصل العديد من رجال الشرطة إلى المقبرة لكي تبدأ البلدية العمل، فيما أعد أعضاء الهيئة الإسلامية لافتات كتبوا عليها: "حولدائي (رئيس البلدية) في مقبرتي" و "حولدائي ضد المسلمين". ومع ذلك، لم تقع مواجهة بين الجانبين. وفي الوقت نفسه، تم تقديم التماس إلى المحكمة العليا للمطالبة بإصدار أمر مؤقت بتجميد العمل، وأمر القاضي جورج قرا بوقف العمل حتى يتم النظر في الالتماس، وطلب من بلدية تل أبيب وسلطة الآثار تقديم ردهما حتى الخامس من أيار.
وأكدت الهيئة الإسلامية في الالتماس، أنه إذا بدأ العمل، فستحدث أضرار جسيمة في المقبرة. وكتب الملتمسون "الأعمال في المقبرة تؤذي، من بين أمور أخرى، قدسية ومشاعر المسلمين في القدس وإسرائيل والعالم كله. في بداية العمل، أصيب السكان المسلمون في يافا بصدمة لدى اكتشاف الأعمال القاسية التي قامت بها البلدية وسلطة الآثار الإسرائيلية في منطقة المقبرة".
وقال المحامي رمزي كتيلات، الذي قدم الالتماس، بأن "الخطط المتعلقة بالمقبرة تشكل انتهاكًا خطيرًا ظاهرًا ومتعمدًا للحق الدستوري في كرامة الموتى. البلدية وسلطة الآثار الإسرائيلية تعملان من خلال دوس كرامة الموتى والمشاعر الدينية الإسلامية بقدم غليظة".
وقال عضو المجلس البلدي، عبد أبو شحادة، من كتلة يافا، إن هناك سياقا سياسيا لقرار البلدية. وقال "السؤال ماذا كانوا سيفعلون لو كانت هذه عظام يهود. أنا أعارض بشدة سلوك البلدية في هذا الموضوع والمس بمقدسات المجتمع العربي، وخاصة في المقابر، وأتوقع مرونة من قبل البلدية لإيجاد حلول ومراعاة مشاعر المسلمين في المدينة".
يشار إلى بذل جهود أخرى لمواصلة الحوار بين الهيئة الإسلامية في يافا والبلدية فيما يتعلق بتنظيم مقبرة إسلامية أخرى – مقبرة طاسو - الوحيدة المستخدمة في المدينة، والتي تقع على أرض اشتراها رجال أعمال. في هذه الحالة أيضًا، قدمت الهيئة الإسلامية التماسا للمحكمة، لكن في النهاية تحولت الأطراف إلى الحوار والتسوية من أجل إيجاد حل دائم.