رام الله الإخباري
قبل أن تخطو خطواتها الأولى، حرم رصاص مستوطن الطفلة جوان محمد عبد الفتاح (7 شهور) من حضن والدها.. لم تعد تحظى مجدداً بلحظات الفرح التي كان والدها الشهيد يزرعها فيها.. جوان تفتقد حتما دخوله البيت وهو يسأل عنها بلهفة كبيرة ليضمها ويداعبها.
ما أن بدأت تتعلق فيه.. وتبتسم لما تنظر لوجهه، حتى جاء مستوطن حاقد أطلق الرصاص على والدها محمد (23 عاما) من خربة قيس جنوب سلفيت، ليرتقي شهيداً قرب دوار بلدة بيتا جنوب نابلس، ليحرم الطفلة من حنان والدها وينشر الحزن في الخربة كلها.
محمد الذي أعدم بدم بارد بينما كان ينتظر خاله ليذهب معه للعمل في محاجر بلدة جماعين، هو الابن البكر لعائلة مكونة من ثلاثة أولاد ومثلهم من البنات.
العائلة فرحت بزواج ابنها الأكبر قبل عام ونصف، وكانت هي فرحتها الأولى التي لا تشبهها أي فرح. يقول شقيقه عبد الله (17 عاماً).
حضرت أخيراً جوان ضيفاً لطيفاً على العائلة قبل سبعة شهور، كانت هذه الهدية سبباً جعل محمد يلازم بيته ويكرس كل حياته لصغيرته ومدللته، مع أنه كان قبل ذلك كأي شاب يسهر ويشارك أصدقاءه كل مناسباتهم، حسب شقيقه.
"ابني يعشق ابنته، من لحظة ولادتها وهو يحب أن يقضي معظم وقته في البيت، كي يبقى قريباً منها، كان شديد التعلق بها"، تقول والدته الثكلى وهي تذرف دموعها بعد استشهاد نجلها البكر.
عدة صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تجمع الشهيد مع ابنته، وفيها كل معاني الحب والحنية لأب بدا سعيداً بتفاعل طفلته البريء معه.
عارف عبد الفتاح قريب العائلة يقول، إن عائلة الشهيد تعتبر من العائلات البسيطة، فأفراد العائلة من أب وأبناء يعملون في ورش البناء، عدا الشهيد الذي يعمل منذ عامين في دق الحجر.
ويضيف: إن ما حدث إعدام بلا مبرر، فمزاج مستوطن حاقد غير حياة هذه العائلة للأبد، جعل الحزن يلازمها، وأصبح لدينا طفلة لم تعرف من الحياة شيئاً، أصبحت "يتيمة"، ما زلنا نعيش هول الصدمة، القرية كلها حزينة، فنحن كلنا كالعائلة الواحدة.
محمد هو أول شهيد في القرية منذ عام 2004، أي منذ استشهاد الشاب سامر دواهقة الذي ارتقى في اشتباك مع جنود الاحتلال الاسرائيلي بمدينة سلفيت، وقبله الشهيد ياسر أسعد الذي ارتقى خلال الانتفاضة الأولى، كما أن الأسير بلال عباس عبد الفتاح من القرية محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة، ومعتقل منذ عام 2002.
خربة قيس لا يتجاوز عدد سكانها 300 نسمة، ويُقدر عدد سكانها في الخارج بنحو 1500 نسمة، ويتركز أغلبهم في محافظة الزرقاء في الأردن، وفي مدينة سلفيت، وبسبب بُعدها وعزلتها جعلت منها مكانا يهجره أصحابه.
"قريتنا لا تكبر لأن السكان يخرجون منها لصالح مناطق فيها كافة المستلزمات الحياتية، وطرقها الداخلية سيئة، أغلبها ما زالت ترابية ووعورة" يقول المواطن الحاج قاسم عبد الله في حديث سابق .
ووفق مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق فإنه منذ بداية العام الجاري ارتقى (21) شهيدا من بينهم (4) أطفال برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وعلى حدود قطاع غزة، من بينهم مسعف من الطواقم الطبية، حيث استشهد (10) منهم في الضفة الغربية
و(11) في قطاع غزة ارتقوا أثناء مشاركتهم في المسيرات السلمية والذكرى السنوية ليوم الأرض على حدود القطاع، كما احتجزت سلطات الاحتلال الشهر المنصرم جثامين أربعة شهداء ليرتفع عدد جثامين الشهداء المحتجزة في ثلاجات الاحتلال منذ عام 2016 إلى (40) جثمانا في مخالفة صارخه للقانون الانساني الدولي.
يذكر أنه في الخامس من نيسان عام 1995، وفي مؤتمر الطفل الفلسطيني الأول، أعلن الزعيم الشهيد ياسر عرفات التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وأعلن الخامس من نيسان يومًا للطفل الفلسطيني؛ علما بأن المصادقة الرسمية لدولة فلسطين على اتفاقية حقوق الطفل الدولية كانت في 2 نيسان 2014.
وفا