عاد وباء الكوليرا يدق أبواب اليمنيين من جديد، ويهدد حياتهم المهددة بالفعل نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، بعضهم قد تسعفه الظروف ويصل إلى المحاجر الصحية للعلاج، والكثير منهم يموت "كمدا" فلا يجد القوت ولا المال الذي يوصله لأحد المصحات.
مآسي كثيرة يعاني منها اليمنيون لا فرق بين شمال أو جنوب من حيث عدم الاستقرار والخوف والجوع والمرض، لا حدود تقف في وجه الثالوث القاتل "الحرب والفقر والمرض".
كل ما تقدمه المنظمات الدولية لا يرتقي لحجم الكارثة التي يعيشها اليمنيون اليوم والمنتظر تفاقمها خلال الأيام والشهور القادمة، وفقا لتوقعات المتخصصين، إن لم يكن هناك تحالف وتكاتف دولي يعمل على وقف انتشار المرض…
4120 حالة إصابة في يوم واحد
قال الدكتور يوسف الحاضري، الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في العاصمة، صنعاء، في اتصال مع "سبوتنيك"، اليوم الاربعاء، إن اليوم الأول من إبريل /نيسان الجاري كانت الإحصائيات اليومية تشير إلى رصد 4120 حالة اشتباه إصابة بين المواطنين في 16 محافظة من المحافظات الشمالية، توفي منهم في نفس اليوم 12 حالة.
وتابع الحاضري، إن الأرقام خلال الأشهر الثلاثة الماضية من العام 2019 وصل عدد حالات الإصابة والاشتباه إلى 165 ألف، وبلغ عدد الوفيات خلال تلك الفترة 175 حالة.
توقعات بزيادة الإصابة
وأشار الناطق باسم وزارة الصحة في صنعاء، نحن الآن على مشارف موسم الأمطار ونتوقع زيادة في أعداد المصابين، نظرا لسوء حالة وانهيار البنية التحتية، الأمر الذي يساعد بشكل كبير على انتشار المرض بصورة كبيرة، نتيجة تلوث مياه الشرب وعدم توافرها في بعض المناطق.
واستطرد…الكوليرا وباء ينتشر في جميع المناطق وبصورة كبيرة في اليمن وربما ينتقل أيضا إلى دول الجوار، حيث ينتقل بشكل رئيسي عبر مياه الشرب والصرف الصحي والنظافة الشخصية، وللعلم فإن البنى التحتية مدمرة، سواء في الشمال أو الجنوب وهو أحد الأسباب الرئيسية.
إمكانات محدودة
وأشار الناطق الرسمي، إلى أن المدن الشمالية ليس لديها ميزانية لمكافحة المرض وأسبابه، نتيجة نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، هناك مساعدات من اليونسيف وغيرها من المنظمات العالمية، ولكن جميعها لا ترتقي لإمكانات الدول.
وحول توفر مراكز الحجر الصحي بالمحافظات اليمنية، قال يوسف الحاضري، يوجد أكثر من 440 مركز ومستشفى يتم وضع مخيمات فيها وتخصص للكوليرا، ويتم استقبال المرضى بها وتقديم العلاج والأغذية لهم مجانا، كما أن هناك تواجدا للأطباء وهيئات التمريض بشكل كبير، ورغم ذلك هناك الكثير من الحالات لا تستطيع الوصول إلى تلك المراكز الصحية نظرا، لعدم وجود أي من القدرات المالية نتيجة انقطاع الرواتب منذ أكثر من 32 شهر.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة في صنعاء إلى أن الأرقام الرسمية التي نقوم بإعلانها قد لا تعبر عن الوضع الحقيقي، نظرا لأن هناك حالات إصابة لا تصل للمستشفيات وحالات وفيات في البيوت دون أن تسجل.
أسباب المرض
ومن جانبه، قال الدكتور عبد الرحيم السالمي، مدير صحة تعز لـ "سبوتنيك" اليوم الاربعاء، الموجة الجديدة من الإسهالات المائية الحادة والكوليرا جاءت قوية هذا العام، بسبب موجة الجفاف الشديدة التي تجتاح محافظة تعز بشكل خاص، حيث لم تتساقط الأمطار هذا العام بالشكل المعتاد، وهو الأمر الذي جعل معايير النظافة الشخصية للفرد والأسرة بشكل عام غير متوفرة، بجانب انهيار النظام الصحي بسبب الحرب والحصار منذ أربع سنوات.
وتابع السالمي، بلغ عدد حالات الإصابة خلال الربع الأول من العام 2019، حسب الإحصاءات الرسمية للمحافظة 6202، وعدد الحالات المؤكد إصابتها بالكوليرا 331 حالة، و28 حالة وفاة وجميع الوفيات كانت، في شهر مارس/آذار الماضي، وكذلك 80% من حالات الإصابات في نفس الوقت.
مسؤولية المنظمات الدولية
وتوقع مدير مكتب صحة تعز، تضاعف تلك الأعداد خلال الأيام والأسابيع والأشهر القادمة إذا ما بقيت مدينة تعز تحت الحصار، ولم تستطع الشاحنات الكبيرة أن تمر من المنفذ الجنوبي المؤدي إلى العاصمة المؤقتة عدن، لنقل المستلزمات الطبية والأغذية، الكارثة أكبر من قدرة القطاع الصحي المحلي على مواجهتها.
وأشار السالمي إلى أن المنظمات الدولية معنية بتلك الكارثة، لأنها من تتلقى الدعم الخاص بالقطاع الصحي، وبكل صراحة مستوى الدعم إلى الآن لم يصل إلى مستوى الكارثة، حيث أن محافظة تعز والتي بها أكثر من 23 مديرية لا يوجد بها سوى 5 مراكز علاجية لعدد 4 ملايين مواطن.
الهجرة والنزوح
الدكتور ماجد عواس، مشرف المحاجر الصحية التابعة للجنة الإنقاذ الدولية بمحافظة الضالع، قال لـ "سبوتنيك"، اليوم الأربعاء، إن الكوليرا عادت للمحافظة بشكل كبير، منذ مطلع مارس/آذار الماضي، وكانت ومازالت أعداد الإصابات مقلقة بشكل كبير.
وتابع المشرف على المحاجر الصحية بالضالع، إنه بلغت حالات الوفاة في المحافظة 4 حالات حتى الآن، كنتيجة عكسية لما يحدث في اليمن من حروب ودمار لكل شيء، وبشكل خاص مرافق المياه والتي اختلطت بالصرف الصحي.
وأشار المشرف على المحاجر الصحية إلى أن الحرب ساهمت بشكل كبير في انتشار الوباء، نتيجة زيادة عمليات النزوح والهجرة من جانب المواطنين المصابين من محافظة إلى أخرى دون ضوابط.
وأوضح عواس، الضالع كان بها أكثر من 15 مركز صحي لاستقبال حالات الكوليرا تدعمها منظمات دولية، وعندما بدأت الحالات في التعافي خلال الشهور الماضية من العام 2018، قامت تلك المنظمات بسحب وحداتها العلاجية من الضالع، الأمر الذي تسبب في مشكلة عندما هاجمت الكوليرا المحافظة من جديد.