رام الله الإخباري
تنساب أصوات الأهازيج الفلسطينية لتلامس شغاف القلوب، وسط طاولات نقشت برسومات لخريطة فلسطين، تطل عليها رسومات حنظلة على الجدران، فيما تفوح رائحة الفلافل والخبز البلدي بأرجاء الحي، هكذا تبدو مطاعم عربية شعبية في مدينة إسطنبول.
الفول والحمص والقدسية والفلافل والمحمّرة ومناقيش الزعتر والجبنة، أطباق شهيرة شهية، تتصدر طاولة المطاعم العربية عموما، والفلسطينية على وجه التحديد في مدينة إسطنبول، لتشعر كأنك في القدس العتيقة.
وخلال السنوات العشر الماضية، ازداد عدد الجالية الفلسطينية في إسطنبول، لا سيما بعد اشتداد الحصار على قطاع غزة، وهجرة الفلسطينيين إليها.
وبحسب رئيس الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين "فيدار"، محمد مشينش، في حديث لوكالة الاناضول التركية بلغ عدد الجالية الفلسطينية في تركيا نحو 18 ألف مقيم.
إسطنبول، تلك المدينة التي جمعت في جنباتها مختلف الثقافات والجاليات، فتلاشت فيها المسافات بين الشرق والغرب، أصبحت الوجبات الفلسطينية الشعبية، طعاما يجتمع عليه العرب والأتراك.
ويعتبر القسم الأوروبي للمدينة، الطرف الذي تجتمع فيه أغلب الجاليات العربية عموما، فيما تتمركز الجالية الفلسطينية في منطقة "باشاك شهير" (غرب إسطنبول) على وجه التحديد.
ووفق إحصاء تركي يتواجد في إسطنبول نحو 13 مطعما فلسطينيا، تقدم وجبات متنوعة، بعد أن كانت تقتصر على مطعمين فقط عام 2015.
وتتنوع الوجبات الفلسطينية المقدمة، بين المسخن والقدرية والملوخية والفريكة والكبة والعدس والمقلوبة، إضافة إلى الأكلات الشعبية كالفول والقدسية والحمص والفلافل ونحوها.
المطبخ الفلسطيني، يغري برائحته المارة ورواد الأسواق من العرب والأتراك، إضافة إلى السياح من الدول العربية، إذ لم يعد يقتصر المطبخ المقدسي المميز على الجالية الفلسطينية فحسب.
وتشترك جميع المطاعم في تصميمها الداخلي، فالشاشات تعرض ذكريات فلسطين والقدس، وأشعارها وتراثها الشعبي الأصيل، لتشعر كأنك في حارة من حارات القدس.
وفي حديث لوكالة الاناضول قال "طلعت خطيب أوغلو"، صاحب سلسلة مطاعم "فلافل غزة" التي افتُتح فرعها الأول عام 2016، إن "الفكرة بدأت في منطقة يوسف باشا بإسطنبول".
وتابع، "وجدنا حاجة ملحة إلى وجود مطعم فلسطيني هناك، ففتحنا أول فرع لنا رغم صعوبة العام الأول، كوننا في بلد ثقافته أجنبية بالنسبة إلينا".
وأضاف خطيب أوغلو، "لاحظنا إقبال الأتراك على الطعام الفلسطيني، ما دفعنا لافتتاح فرع آخر في منطقة أسنيورت، وكان هناك إقبال كبير من المواطنين الأتراك ومختلف الجاليات العربية".
وأشار إلى افتتاحهم مؤخرا فرعا ثالثا بمنطقة شيرين إفلار، ضمن سلسة مطاعم "فلافل غزة"، واستعدادهم للفرع الرابع قريبا.
ولفت أن بعض الشركات الدولية، طلبت منهم افتتاح فروع أخرى خارج تركيا.وأوضح أن "إقبال الأتراك الكبير لدينا، كان أحد أهم أسباب التوسع في سلسلة مطاعمنا".
بدورها، قالت السائحة الجزائرية أحلام كمال، إن "إسطنبول فيها تنوعا ثقافيا كبيرا، وهي تحتوي جميع الحضارات والجنسيات، وفيها مختلف المطاعم والأكلات وكل شيء".
وأضافت أنها تعرفت على كثير من الثقافات والأشياء الجديدة، والتقت فلسطينية أحضرتها إلى مطعم من أجل أكل الفلافل، وأن الطعام الفلسطيني أعجبها كثيرا.وأبدت إعجابها بالمطبخ الفلسطيني بعد تجريبها كثيرا من المطاعم العربية في إسطنبول.
من جانبه، رأى المقيم الفلسطيني عبد الباسط محمد، أنه "قبل ست سنوات، لم تكن هناك مطاعم فلسطينية تذكر في عموم البلاد، والآن يوجد كثير منها في الأحياء وتلقى إقبالا منا كجالية مقيمة في تركيا، لما توفره من وجبات تراثية".
وأشار إلى أن "المطاعم الفلسطينية هنا لم تعد تقتصر بالنسبة إلينا على تقديم الطعام الفلسطيني فقط، بل أصبحت تجمع أبناء الوطن الأم على مائدة واحدة، فباتت تشكل لنا مثل لقاءات ثقافية".
أما المقيم الأردني "إبراهيم العدوان"، فشدد على أن "المطاعم الفلسطينية، توفر لنا الأطباق الأردنية الشهية، وأهمها المنسف".من جهته، اعتبر صاحب مطعم "الطابون" الفلسطيني (افتتح عام 2018)، أن الطعام المقدم "يلقى إقبالا من جميع الجاليات العربية في تركيا، لا سيما فلسطين والأردن وسوريا ولبنان".
وأوضح أنهم وجدوا لدى المواطنين الأتراك رغبة في تجربة الطعام الفلسطيني، وأنه نال إعجابهم، ومعظم الزبائن الأتراك يعودون مرة أخرى.
أما المواطن التركي فاتح علي باز، أحد رواد مطعم حيفا الفلسطيني (يقع بالفاتح)، فقال إنه أجرى عددا من الزيارات إلى الأردن وفلسطين، واعتاد هناك أكل الفلافل والحمص، لا سيما مع الفطور.
وأضاف "آتي أنا وأصدقائي من كلية الشريعة في جامعة إسطنبول كثيرا إلى مطعم حيفا، ونقوم بطلب الوجبات اللذيذة، كالحمص والفول والفلافل والفتة، وفي المرة الماضية طلبنا المقلوبة".
الاناضول