206 شهداء ارتقوا داخل معتقلات الاحتلال منذ عام 1967

شهداء الحركة الاسيرة

 قال مدير وحدة الدراسات والأبحاث في نادي الأسير ناصر دمج "إن 206 شهداء سقطوا داخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 وحتى اليوم، منهم 71 أسيرا استشهدوا بسبب التعذيب داخل زنازين التحقيق".

وأوضح دمج في تقرير أعده بهذا الخصوص، وصدر اليوم الأحد، أن إدارة السجون تمارس سياسة القتل العمد بحق الأسرى، حيث استشهد 51 أسيرا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، و74 أسيرا استشهدوا بسبب ضرب وقمع الأسرى الفردي والجماعي داخل المعتقلات، في حين استشهد 10 أسرى بعد إصابتهم بالرصاص الحي.

وأشار إلى أن دولة الاحتلال تستخدم وحدات القمع المختارة، خلال عمليات اقتحامها لأقسام وزنازين وخيام الأسرى، ومنها: "يحيدت نحشون"، و "يحيدت درور"، و "يحيدت متسادا" وهي مزودة بالأسلحة النارية، ومسدسات الصعق الكهربائي، والعصي، والدروع، ومعدات رش الغاز المسيل للدموع، وبالكلاب البوليسية من فصيلة (ميلنواه - سوبر دوغ) المعروفة بشراستها وتدريبها العدواني، وتتمتع بقدرة عالية على العمل وتحمل الألم، حيث لا تكترث لأي شيء بجانبها سوى تنفيذ مهمتها المحددة، وتمتلك مصلحة المعتقلات الإسرائيلية منشأة خاصة بكلابها، تحتوي على 600 كلب، موجودة في معتقل "الدامون".

وأضاف: أن وحدات قمع الأسرى تتعمد ترك آثارا جارحة خلفها؛ لبث الرعب في قلوب ضحاياها، ما قد يردعهم مستقبلا عن ارتكاب مخالفات جديدة تستدعي تعريضه لتنكيل وأذى جربوه.

كما تتعمد تلك الوحدات تخريب ممتلكات ومقتنيات الأسرى، وإتلاف المصاحف والرموز الدينية، وإجبار الأسرى على خلع ملابسهم بالكامل، وتفتيشهم جسديا، ومن ثم حشرهم مع بعضهم بعضا وهم عراه، ما يخدش رجولتهم ويمس كبرياءهم، ويجعلهم ينظرون بخجل شديد لبعضهم البعض، سيما إنها تطلب منهم القيام بحركات مشينة مثل الزحف على الأرض أو النباح والجري كالكلاب، وكل ذلك يتم تحت عدسات الكاميرات التي تتعمد تصويرهم وهم بهذه الوضعية.

واعتبرت منظمة "أمنستي" هذا التصرف بأنه يحاكي جرم الاغتصاب الذي تقوم به عصابات الإجرام المنظمة في إفريقيا بحق ضحاياها، لهزيمتهم ودفعهم للهرب أو الانتحار ومن ثم تفكيك أسرهم تحت طائلة الفضيحة.

ونوّه مدير وحدة الدراسات إلى أن هذه الممارسات طالت عام 2017 المعتقلين الأطفال في قسم (7) في معتقل "هشارون"، فيما بعد قامت مخابرات الاحتلال بتهديدهم بنشر صورهم وهم عراة إن لم يتعاونوا معها.

وحسب ما جاء في التقرير: وثّق في معتقل "بيت ليد – كفار يونا" المقطع الأكثر وضوحا في سجل جرائم الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب، ومع افتتاح معتقل "عسقلان" عام 1970 شهد القمع والتعذيب أطوارا متتالية من الوحشية المنفلتة من عقالها، التي اصطلح على تسميتها "بالتشريفة"، حيث كان يُضرب الأسرى بالعصي حتى الموت لرفضهم الخروج إلى العمل، مثلما حدث مع الأسير الشهيد "عمر الشلبي" بتاريخ 22 تشرين أول 1973، أو لعدم  طويهم للبرش على المسطرة مثلما يريد السجانون (جرمانو أو بوكاره)، وصولا إلى إجبارهم بالقوة على فك إضرابهم عن الطعام.

 وفيما يلي أبرز ما تناوله التقرير:

قمع الأسرى في معتقل "نفحة" عام 1980

بتاريخ 14 تموز 1980، شرع الأسرى المتواجدون في هذا المعتقل بإضراب جماعي عن تناول الطعام، رداً منهم على سوء الظروف العامة فيه، حيث أبُلغ الأسرى من قبل إدارة المعتقل بلائحة ممنوعات، تسببت بتدهور العلاقة بينهم من اللحظة الأولى لوصولهم إليه، ومنها: أن فترة النزهة هي 15 دقيقة فقط، وممنوع عليهم التجمهر في ساحة النزهة، وأن إدارة نفحة لا تعترف بممثلهم، وزيارتهم لذويهم مدتها (15) دقيقة، وممنوع عليهم ممارسة الرياضة في ساحة النزهة، وممنوع عليهم العمل في مطبخ أو (مردوان – ممر) المعتقل.

في مساء 13 تموز 1980م، سلّم الأسرى إدارة المعتقل كشفا بمطالبهم التي قد تسهم في تحسين ظروف عيشهم، وإلا شرعوا في اليوم التالي بإضرباً مفتوحاً عن الطعام، وجاءت مطالب الأسرى على النحو التالي: تركيب أسرة للنوم، والسماح لهم بإدخال راديو وتلفزيون، وتحسين نوعية وكمية الأكل، والسماح لهم بإدخال الكتب والصحف العربية والعبرية، وتوسيع نوافذ الغرف بما يسمح دخول الشمس والهواء إلى داخلها، والتوقف عن سياسة العقاب الجماعي والفردي وعزل الأسرى في الزنازين، وحرمانهم من الأكل أثناء عزلهم، والاكتفاء بتقديم الخبز والماء لهم فقط لا غير، وأن تكون زيارة الأهل مرة كل أسبوعين ولمدة ساعة كاملة، والسماح لهم بإدخال الملابس الشتوية والصيفية والأغطية، والسماح لهم بشراء أطعمة وأغذية من "كانتين" المعتقل غير المسموح بها حتى تاريخه، وإطالة وقت ساعة النزهة لتصبح ساعة بدلا من ربع ساعة.

قتل المضربين عن الطعام

مع انتصاف نهار الحادي والعشرون من شهر تموز لعام ألف وتسعماية وثمانون، وهو اليوم السابع للإضراب، نقلت إدارة معتقل نفحة (26) أسيرا مضربا إلى معتقل الرملة، وكان بانتظارهم هناك سربين من الجنود والشرطة المدججين بالعصي والدروع، عُرف منهم: مدير مصلحة المعتقلات الإسرائيلية العامة حينذاك "حاييم ليفي"، ومعه مدير معتقل الرملة "روني  نيتسان" وكان مجرما كبيرا، لقي مصرعه فيما بعد على يد أحد السجناء الجنائيين اليهود، بسبب بطشه وتعسفه.

وعلى الفور بوشر بإدخال كل أسير مضرب عن الطعام إلى عيادة المعتقل، بتثبيته على كرسي، لكي يسكبون في حنجرته وعن طريق الأنف بوساطة بربيش (الزوندا – بربيش التغذية القسرية) ماءً وملحا مذابين؛ ليستقر هذا المزيج الحارق داخل معدة الأسير الخاوية من الطعام منذ سبعة أيام.

حيث تسبب هذا الادخال القسري إلى استشهاد الأسيرين راسم حلاوة وعلي الجعفري، بسبب استقرار هذا المزيج في رئتيهما ليحرقها على الفور بتاريخ 22 تموز 1980، فيما استشهد زميلهم "إسحاق المراغة" بعدهما بعام واحد.

قتل أسعد الشوا وبسام السمودي

في السادس عشر من آب لعام 1988 سقط شهيدان برصاص وحدات القمع، فيما أصيب 80 آخرون بجروح مختلفة، بسبب الغاز المسيل والرصاص المطاطي، وسجلت إسرائيل بهذا الجرم سابقة جديدة قوامها أن تمّ قتل أسرى عُزل من أي سلاح؛ دون وجود أي مبرر لاستخدام الرصاص الحي، سيما أن الغاز المسيل للدموع سَيَفي بالغرض.

ففي تمام الساعة الثامنة من صباح السادس عشر من الشهر المذكور، اقترب ضابط إدارة معتقل "كتسعيوت" المناوب "راتس" من بوابة قسم المعتقلين الأشبال، طالبا منهم الخروج إلى العمل، إلا أن ممثل القسم قال له:، لن نخرج للعمل؛ قررنا التوقف عن العمل.

فعاد الملازم ليبلغ إدارة المعتقل بما سمع، فعاد من جديد إلى القسم ومعه قوة كبيرة من الجنود، وفتحوا باب القسم وطلبوا من الأسرى الامتثال لأمر التعداد الأمني، فجلس الجميع على الأرض، وبدأ الضابط المذكور بإختيار بعض الأسرى وأخرجهم، أما الأسرى في القسم المقابل لقسم الأشبال فيشاهدون ما يحدث لزملائهم، بينما الدم يغلي في عروقهم، فبدأ "راتس" ومعه باقي الجنود بضرب الأسرى الذين أخرجوا أمام زملائهم في القسمين المتقابلين.

سمع الجميع نداء الاستغاثة الصامت؛ فانطلقت شرارة الإنفجار مع تعالي صراخ الأسرى في القسمين المتقابلين، ولاحقا باقي الأقسام، وبدأ الأسرى بإلقاء الحجارة على الجنود، وتحول المعتقل بجميع أقسامه إلى بركان، اضطروا حينها إلى الهروب من القسم وتركوا الأسرى خلفهم، بينما الصرخات تتعالى وتشتد، لأن الأقسام الأخرى البعيدة عن مكان الحدث لا تعلم ماذا يجري، لكنها تعرف ما هو المطلوب منها، وهو مواصلة الهتاف والصراخ وإلقاء الحجارة، في هذه الأثناء عاد إلى القسم "راتس" ومعه مدير المعتقل المدعو "ديفيد تسيمح"، ومعهم عشرات الجنود والمجنزرات والسيارات المزودة بخراطيهم رش المياه.

بدأت المعركة بين الجانبين، الأسرى بحجارتهم الصغيرة وبعض أواني الطعام والأحذية، مقابل الأسلحة النارية التي تطلق الرصاص الحي في كل إتجاه، تعالت سحب الدخان الأبيض فوق الخيام، فبدأ المشهد من بعيد وكأن حريقا أشتعل داخل الأقسام.

وبدأ المدعو تسيمح" بالسب والصراخ على الأسرى، قائلا: أيها الكلاب توقفوا، وإذا كان بينكم رجل فليواجهني ويقف أمامي"، فتصدى له "أسعد الشوا" وهو من مخيم الشاطئ في قطاع غزة، وكان نحيل القوام شديد البياض، يبلغ من العمر (19 عاما)، بينما كان متكئا إلى عامود خيمته يقاوم إحتمال سقوطه أرضا، لأن رئته أمتلأت بالغاز المسيل، وبما تبقى له من أنفاس قال: أنا رجل أيها الكلب.

لم يردد أسعد كلماته مرة ثانية، لأن 10 رصاصات استقرت في صدره على الفور، وأرداه القاتل "تسيمح" في مكانه، وبعدها وقف أمام خيمة الأسير "بسام السمودي" ومن جديد صوب بندقيته كقناص محترف وأطلق رصاصتين نحو رأس الأسير "بسام السمودي".

قتل محمد الأشقر

بتاريخ 22 تشرين أول 2007، استشهد الأسير "محمد الأشقر" داخل أسره في معتقل "كتسعيوت"، وهو مجرد من أي سلاح أيضا، بسبب إصابته إصابة مباشرة في رأسه بالرصاص الحي، وإصابة 250 آخرين بإصابات مختلفة.

 وتجدر الإشارة هنا إلى أن 10 أسرى فلسطينيين قتلوا بالرصاص الحي منذ عام 1967 وحتى اليوم،