عندما انتصر الملك "عبد الله " للفلسطينيين امام "بوش "

الملك عبد الله بن عبد العزيز وجورج بوش

كشف الأمير بندر بن سلطان، اندفاع الملك عبد الله بن عبد العزيز في الدفاع عن الفلسطينيين، وقطع اجتماعه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن لعدم اهتمام الأخير بحقوق الإنسان الفلسطيني.

وروى الأمير بندر الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات وأمين عام مجلس الأمن الوطني في السعودية وسفيرها الأشهر لدى الولايات المتحدة، في الحلقة الثالثة من

المقابلات المتسلسلة التي تجريها معه صحيفة "إندبندنت عربي": "حين شاهد الملك عبد الله خبرا من الضفة الغربية يصوّر سيدة مسنة ألقى بها عسكري إسرائيلي على

الأرض، ووضع قدمه على يدها أو كتفها، وبدا كأنه يضع قدمه على رقبتها، فطلب الملك حفظ نسخة من الفيديو والصور لعرضها على المسؤولين الأمريكيين عند زيارته للرئيس بوش في مزرعته".

وتابع الأمير بندر قائلا: حين بدأ الرئيس بوش الحديث كان الملك غير مرتاح. وشعر الجميع أن الملك سيقول شيئا في أي لحظة منذ دخوله لمزرعة الأول في كروفورد بتكساس عام 2002، وهو يريد أن يتحدث بشيء في داخله قبل بدء أي نقاش ويضيف: "قال بوش: نحن والفريق السياسي نقترح أن نذهب إلى الصالون حتى نتحدث في القضايا المشتركة، فأجابه الملك: لا لنجلس على انفراد أولا.

وبدأ الملك كلامه قائلا: فخامة الرئيس لم أرد فتح الموضوع احتراما للغداء… لقد تابعت مشهدا ومن كان لديه احترام للمرأة أو المسن لن يقبل به، ثم شرح الملك الموقف الذي شاهده ويظهر فيه العسكري الإسرائيلي الذي وضع قدمه على كتف مسنة فلسطينية، فردّ بوش قائلا: هل هذا معقول؟ ثم سأل أين شاهدتها؟ فرد الملك: ألم تشاهدها؟ وأجابه بوش أنه لا يشاهد التلفاز

 ثم استطرد قائلا: سأسأل. طلب مني الملك فورا نسخة عن الفيديو، وصور فوتوغرافية توضح بشاعة ما يقوم به الإسرائيليون، بما في ذلك صور أشلاء أطفال ومسنين، شاهدها بوش ثم قال الأمر غريب لكن الفيديو سيوضح اللقطة أكثر من الصورة الثابتة، فرد الملك: كيف تتضح أكثر؟ فأجابه بوش بأن هناك فرقا بين الفيديو والصور الثابتة

 فالصورة تظهر اللحظة، والفيديو يظهر ما قبل وما بعد المشهد. فرد الملك: ماذا تتوقع أن تشاهد؟ قال بوش: قد يكون معها مسدس أو سكين؟ ثم انفعل الملك وقال: أين حقوق الإنسان والإنسانية؟ كيف تتوقع أن يقبل العالم العربي والإسلامي

 بل العالم بأسره بهذا الظلم والضيم والإذلال؟ وأكمل الملك انفعاله بمواصلة طرح التساؤلات على بوش، ثم التفت إلي وطلب تجهيز السيارات للمغادرة. طلب بوش من الملك البقاء لكنه رفض. قلت له الرئيس يريد أن يكمل حديثه فالتفت الملك إلي وقال اذهب وجهز السيارات، ذهل بوش من انفعال الملك لأجل السيدة الفلسطينية".

ويصف الأمير بندر الوضع كما كان، ويقول إن صغر البيت وتواضعه، يجعل أي شخص خارج هذا الصالون يسمع النقاش، وكان انفعال الملك بسبب ما فعله الجندي الإسرائيلي واضحا. ويكمل الأمير: "كان وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خارج القاعة، وأخبرتهما أن النار بدأت في العشب، فرد باول مستحيل أن يتم ذلك، ومهمتنا أن لا يخرج الملك غاضبا، قلت لباول اذهب أنت وقل له، ثم طلب باول مني مرافقته إلى الملك وبوش، ففعلت ذلك بعدما طلبت منهم تجهيز موكب الملك.

عدنا وأخبرت الملك بما فعلت وقلت له إن وزير الخارجية كولن باول يريد أن يقول شيئا، فالتفت الملك لباول وقال حتى أنت يا باول لا تشاهد التلفاز؟ قال باول لم يخبرني أي أحد بشيء، ثم أخبرته أنا. قال له: أمير عبد الله، هذه غلطتي، السفارة الأمريكية في الرياض أبلغتني بالمشهد وكنا نعد تقريرا عنه لنرسله للرئيس في المزرعة، ولأن الحدث جرى وغير مستمر، قلنا سنخبره به لاحقا.

فقال الملك لباول، أسمع عنك أشياء جيدة وأعرفك منذ حرب تحرير الكويت، هل تكذب علينا أم فعلا حدث ذلك؟ قال لا أجرؤ على الكذب عليك. فالتفت الملك إلي وقال بلّغ الرئيس بوش بأنني أخرجت ما بداخلي وأصبح لديه، واشكرهم على الغداء وأنا مضطر لتوديعه والذهاب للسلام على بوش الأب. ودع بوش الملك وقال له أعدك بالاهتمام بالموضوع شخصيا وسأبلغ بندر بالنتائج لكي ينقلها لك".