جدد مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، إدانته الشديدة حول اعتزام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، خصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء من أموال المقاصة الفلسطينية. وأكد المجلس على أن هذه القرصنة الإسرائيلية، ما هي إلّا محاولات لممارسة شتى الضغوط وبكافة الوسائل على القيادة الفلسطينية، واستمراراً لممارسات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي للحيلولة دون إقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس.
وشدد المجلس على أن الاحتلال الإسرائيلي ليس صاحب سيادة، بل هو قوة احتلال، ويتوجب على المجتمع الدولي وقف جرائمه ومحاسبته وإنهاء احتلاله لأرضنا، وسيطرته على مواردنا، مشيراً إلى أن أموال المقاصة هي أموال فلسطينية بحتة، ملك للخزينة العامة وهي أموال عامة لشعبنا، وأن الخصم من هذه العائدات، ما هو إلّا استمرار للقرصنة الإسرائيلية على مليارات الأموال الفلسطينية التي نهبتها، وهو مخالفة واضحة وخرق فاضح لالتزامات إسرائيل وفق الاتفاقيات الموقعة وخاصة بروتوكول باريس الاقتصادي.
وأدان المجلس بشدة تصعيد عصابات المستوطنين الإرهابية لاعتداءاتها الهمجية بحق المواطنين الفلسطينيين، وأرضهم ومقدساتهم وممتلكاتهم، وأشار إلى إقدام عناصر المستوطنين بتنفيذ العديد من الهجمات على أبناء شعبنا الأعزل في الخليل، ورام الله والقدس، وبيت لحم، وإطلاق الدعوات التحريضية لقتل الفلسطينيين وقتل سيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، ومواصلة الاقتحامات العنصرية لباحات المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى عمليات السطو على مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية في الأغوار المحتلة، واستخدامها لأغراض الاستيطان والزراعة والسياحة الاستيطانية بهدف اقتلاع وتهجير المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين.
وشدد المجلس على أن اعتداءات قطعان المستوطنين وميليشياتهم المسلحة بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية تأتي في إطار الدفع بالأوضاع إلى مزيد من التدهور، وجر المنطقة إلى مربع العنف، وهو توزيع الأدوار مع قوات الاحتلال وأذرعها المختلفة لتنفيذ سياسة وتوجهات اليمين الحاكم في إسرائيل، الهادفة إلى تكريس ضم وتهويد المناطق المصنفة (ج) والقدس الشرقية المحتلة، ومحاولة فرض القانون الإسرائيلي عليها بقوة الاحتلال، بما يؤكد من جديد أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في تقويض أي فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، ومنع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة.
وأكد المجلس على أن كل المخططات الهادفة إلى الالتفاف على منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وفي محاولة لتغييب القضية الفلسطينية، ستبوء بالفشل، مشيراً إلى أن على المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأمريكية إدراك أن طريق السلام واضح المعالم، وهو يتمثل بإلزام إسرائيل بالتخلي عن احتلالها لأرضنا، وفرض الوقائع على الأرض بقوة هذا الاحتلال، وإقرارها بحق شعبنا في تجسيد سيادته الوطنية على أرض دولة فلسطين المستقلة، وحل قضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وإطلاق سراح أسرانا الأبطال، وتمكيننا من السيادة على مواردنا الطبيعية، وهي جميعها حقوق أقرتها الشرعية الدولية، وأن الإقرار بحقوق شعبنا والعمل على تحقيقها هو الأساس لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الأساس لحل القضايا الإقليمية، والذي سيمكن جميع شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام. وطالب المجلس المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام إصرار الحكومة الإسرائيلية على انتهاك قواعد القانون الدولي والإنساني، ومخالفة الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، وتصعيد النشاطات الاستيطانية المكثفة في الضفة الغربية بما فيها القدس، وارتكاب الجرائم العنصرية بحق أبناء شعبنا.
واستعرض المجلس أداء السياسة المالية للحكومة خلال السنوات 2013-2018، والذي أظهر نمواً في صافي الإيرادات بنسبة تراكمية بلغت (42%)، ومعدل نمو سنوي بنسبة (7.5%)، كما أظهر محدودية الزيادة في النفقات خلال نفس الفترة بنسبة تراكمية بلغت (9%) فقط، وبمعدل سنوي بنسبة (1.9%). كما أظهر نسبة تغطية الإيرادات من النفقات زيادة من 63% إلى 82% كما انخفض العجز الجاري من مبلغ (4,975 مليون شيكل) إلى (2,550 مليون شيكل). أما بخصوص الدين المحلي فقط تم المحافظة على استقرار الدين المحلي وتخفيضه بقيمة (130 مليون دولار) منذ العام 2015، أما الدين الخارجي والذي تكون منذ ما يزيد عن عشرين عاماً فقط تم تسديد (76 مليون دولار) منه منذ عام 2013. وبالنسبة للدعم الخارجي فقط انخفض بنسبة (47%) عن الفترة نفسها، حيث بلغ في عام 2018 (500 مليون دولار)، ورغم ذلك فقد انخفض العجز الجاري بنسبة (48.7%) خلال الفترة نفسها.
كما استعرض المجلس تقييم أداء الموازنة العامة للعام 2018، والذي أظهر أن هناك انخفاضاً في صافي الإيرادات بنسبة (6%) مقارنة مع عام 2017 نتيجة انخفاض المكوس على البترول من قطاع غزة، وذلك نتيجة الاعتماد على الوقود المصري، وازدياد تهريب الوقود من الجانب الإسرائيلي إلى الضفة الغربية، وارتفاع الارجاعات الضريبية للموردين من 261 مليون شيكل إلى 611 مليون شيكل. أما بالنسبة للنفقات لعام 2018 فقد شهدت انخفاضاً بنسبة (8%) مقارنة مع عام 2017، وانخفاض الدعم الخارجي بنسبة (6%) عن الفترة نفسها، فيما سجلت النفقات التطويرية انخفاضاً طفيفاً بنسبة (1.5%) علماً أنه تم تمويل (60%) من النفقات التطويرية في عام 2018 من الموارد الذاتية.
واستعرض المجلس الملامح الرئيسة لمشروع الموازنة العامة لعام 2019، وذلك بعد قرار سيادة الرئيس بأن تستمر حكومة تسيير الأعمال، بإعداد مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2019م حسب الأصول، إلى أن تتشكل الحكومة الجديدة التي ستكمل ما يلزم من أعمال لإنجاز ذلك، وإذا لم يتم تشكيل الحكومة الجديدة حتى 31/3/2019م، فإن على حكومة تسيير الأعمال إنجاز أعمالها بشأن مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2019م قبل ذلك التاريخ وفقاً للقانون، وتقديمه لسيادة الرئيس لاتخاذ المقتضى القانوني بالخصوص.
وأكد المجلس على ضرورة تكثيف المطالبة بالحقوق المالية من الجانب الإسرائيلي وإعادة التفاوض على عدة مجالات في بروتوكول باريس الاقتصادي، وترشيد التحويلات الطبية وترشيد نفقات الطاقة والمياه والمجاري. وجدد المجلس تأكيده على أن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس، والتي أعلنت رفض المساعدات الأمريكية، تؤكد اليوم رفضها الخضوع للمساومة والابتزاز، وأنها ملتزمة بحقوق عائلات الشهداء والأسرى وتوفير حياة كريمة لهم، وأنها لن تكون إلّا مع الأسرى وعائلاتهم ومع معركتهم حتى إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط من سجون الاحتلال ومعتقلاته، وأن الجانب الفلسطيني سيتوجه إلى المحاكم والمؤسسات الدولية، وسيتخذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية والدبلوماسية للتصدي لهذا الاعتداء على المال العام.وفي هذا السياق ناقش المجلس السبل الكفيلة بتمويل استكمال إنجاز مشاريع البنية التحتية نتيجة قرار الإدارة الأمريكية بوقف المنحة المالية التي كانت مخصصة لهذه المشاريع.
وناقش المجلس الأزمة المرورية في قلنديا وضرورة إيجاد الحلول اللازمة المؤقتة والدائمة لهذه الأزمة، وبناءً على توجيهات الدكتور رامي الحمدالله رئيس الوزراء، فقد تم عقد اجتماع ضم كافة الأطراف ذات العلاقة، حيث تم الاتفاق على قيام طواقم وزارة الأشغال العامة والإسكان اليوم بدراسة الاحتياجات اللازمة لشق الشارع المحاذي للجدار وحتى حاجز قلنديا من الناحيتين الفنية والتكاليف اللازمة تمهيداً لبدء العمل بشقه كحلٍ مؤقت للأزمة المرورية، كما تم الاتفاق على قيام كافة الجهات بجولة ميدانية يوم بعد غد الخميس لوضع خطة بالحل الأنسب الدائم لهذه الأزمة، وإعداد الدراسات الفنية والتصاميم وتحضير التكاليف المطلوبة تمهيداً لتنفيذها في أقرب وقت ممكن، كما تم الاتفاق على قيام وزارة النقل والمواصلات بتنفيذ خطة مرورية لوقف معاناة المواطنين في المنطقة.
واستعرض المجلس الإطار العام التنفيذي لآلية العمل الهادفة إلى تطوير ومأسسة العمل التطوعي في فلسطين، استناداً إلى أجندة السياسات الوطنية، والتوجهات والتجارب العربية والدولية لهذا القطاع، إضافة إلى توجهات منظمة الأمم المتحدة التي دعت إلى إدماج العمل التطوعي في استراتيجيات السلام والتنمية، والاستفادة من الجهود والدور الحكومي في هذا المجال.
وصادق المجلس على الاتفاقية الموقعة بين وزارة التربية والتعليم العالي وبنك التنمية الألماني وذلك لدعم الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم الفلسطيني.
وقرر المجلس التنسيب إلى سيادة الرئيس بتشكيل مجلس التعليم العالي استناداً إلى القرار بقانون رقم (6) لعام 2018 بشأن التعليم العالي.
وقرر المجلس اعتماد شعار القدس عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2019 على الأوراق الرسمية لمؤسسات دولة فلسطين، وذلك بعد القرار الذي اتخذه وزراء ثقافة الدول الإسلامية باعتماد القدس عاصمة دائمة للثقافة الإسلامية، خلال اجتماع وزراء الثقافة الذي عقد في مملكة البحرين خلال شهر ديسمبر من العام الماضي.