الاحتلال يحارب "مدينة الصيد" بشتى الحيل والطرق

يافا واسرائيل

رام الله الإخباري

في تسعينيات القرن الماضي كان السبعيني مصطفى زكور يرمي شباكه في بحر عكا لاصطياد السمك، ويقول "كنا في الموسم الواحد أي في الشهرين نصطاد قرابة 20 ألف صندوق سردين، وبالمقارنة مع سنوات السبعينيات تعتبر تلك الكميات ضئيلة، أما ما نصطاده اليوم فبصعوبة بالغة بالكاد يصل إلى نصف صندوق".
 
في عكا القديمة وفي أحد الأحياء القريبة من البحر يسكن مصطفى الذي تعلم وعمل في مهنة الصيد منذ كان عمره 10 سنوات، وقبل ست سنوات قرر صنع مركب جديد للسياحة والإبقاء على مركب الصيد كي لا تضيع مهنة الآباء والأجداد في "مدينة الصيد".

يقول مصطفى -وهو آخر صيادي عكا- إن القوارب المصطفة في ميناء عكا اليوم أغلبها يخوت لأغنياء إسرائيل والباقي مراكب سياحية لجولات في البحر، فلم يبق من مراكب الصيد في مدينة الصيد إلا ثلاثة فقط".

"البحر غير مجد"

ثلاثة صيادين فقط يملكون اليوم مراكب مرخصة للصيد في بحر عكا التي امتهنت نصف عائلاتها مهنة الصيد حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي.

ففي الخمسينيات ولغاية الثمانينيات، بدأت المهنة في التردي شيئا فشيئا، إلا أنها كانت أفضل حالا مما آلت إليه اليوم، وذلك لمحاربة السلطات الإسرائيلية مهنة الصيد منذ عقود، وبطرق مختلفة.

فقد قلصت الجهات المختصة من طرق الصيد المختلفة وذلك تحت ذريعة حماية الحياة البحرية، إحدى هذه الطرق هي الصيد عن طريق الغطس، التي لا يسمح لصيادين عرب ممارستها بعدم إعطائهم رخصة لمزاولتها رغم أنهم يمارسونها منذ سنين طويلة، والمخالفة البحرية بشتى أنواعها ممكن أن تصل قيمتها إلى 860 دولارا.

ومن معاناة الصيادين، يقول مصطفى إن المراكب تحتاج إلى صيانة بشكل دوري، كما أن تكلفة السولار لرحلة الصيد البحرية الواحدة تقارب 320 دولارا، فضلا عن حاجة الصياد إلى عمال لمساعدته، في حين أن السمك في البحر يعد متوفرا لتغطية التكاليف.

وشهدت السنوات الخمس الماضية تقلصا حادا في عدد مراكب الصيد في إسرائيل، الأمر الذي يرجع الصيادون سببه إلى إهمال وزارة الزراعة وامتناعها عن مساندتهم أو تزويدهم بإرشادات أو إطلاعهم على مستجدات القوانين المتعلقة بالمهنة.

سحب الرخص
 

ويتابع أن وزارة الاحتلال تسحب الرخص وتتقاعس عن تجديدها، إذ ترسل للصيادين بلاغا عبر البريد تخبرهم من خلاله قرارها تجريدهم من رخص الصيد لأسباب عدة، من ضمنها تأخرهم في دفع رسوم الترخيص.

كما يمنع صيادو عكا من تربية الأسماك داخل الأقفاص الحديدية التي توضع بالبحر وهي أحد طرق الصيد المتبعة التي تسمح السلطات لشركات صيد إسرائيلية باستخدامها لتربية سمك الدينيز "الأجاج" في منطقة عتليت.

أبو إبراهيم الحلواني -وهو صياد عريق وقد حول مركبه من الصيد إلى السياحة- يقول "مصائب قوم عن قوم فوائد"، موضحا أن عاصفة الشام ضربت الساحل قبل سنوات ونجم عنها تكسير 5 أقفاص ضخمة من أسماك الدينيز في عتليت لينتشر منها في البحر ما يقارب الطن والنصف الطن، ويستطرد حديثه ضاحكا "تسببنا إحنا وأهل بيروت من ورا العاصفة شام".

ويجمع أهل البحر على أسباب عزوف الصيادين أو تهجيرهم عنه، منها التلوث الذي سببته مصافي المصانع المقامة في خليج عكا-حيفا، بموافقة وزارة الزراعة، بالإضافة إلى مخلفات شركة الكهرباء من الفحم الحجري الذي يساهم بدوره في إغلاق بيوت الأسماك.

الجزيرة