قالت تقرير لوكالة الاناضول التركية ان حركة حماس تعاني من أزمة مالية خانقة أثرت على مختلف أنشطة الحركة
ولم تعد الأزمة متعلقة بالمؤسسات الحكومية في قطاع غزة، التي تديرها الحركة منذ عام 2007، كما كان بالسابق، بل أصبحت تطال مؤسساتها التنظيمية الخاصة.
ويؤكد محلل سياسي، مقرب من الحركة، وجود أزمة مالية حقيقية داخل “حماس”، مرجعا إياها إلى عدة أسباب أهمها الأزمات التي تعاني منها المنطقة، وتغيّر اهتمامات داعميها، والضغوط الأمريكية على بعض الدول.
كما قال موظفون يعملون في مؤسسات خاصة تتبع “حماس”، إنهم لا يتقاضون رواتب كاملة وثابتة منذ عدة شهور.
والأربعاء الماضي، أعلنت فضائية “الأقصى”، التي تتبع للحركة أنها ستوقف البث بدءا من مساء الخميس (20 ديسمبر/كانون أول الجاري)، جراء أزمة مالية تعاني منها، عقب تدمير إسرائيل لمقرها الموجود بقطاع غزة، بشكل كامل، الشهر الماضي.
ولكن إسماعيل هنية ، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، تدخل في اليوم التالي، وأكد على أنه لن يتم وقف بث القناة وستواصل عملها، وهو ما تم بالفعل.
وتكشف أزمة “الأقصى” بوضوح الضائقة المالية لحركة حماس، نظرا لأن الفضائية تعد من أهم مؤسسات الحركة، وأذرعها التي تنقل من خلالها رسالتها للداخل والخارج.
ويقول مدير عام القناة، وسام عفيفة، إن “الأزمة المالية متعلقة بتراكم ديون لصالح شركات بث القناة على القمر الصناعي إضافة إلى ديون تشغيلية أخرى تراكمت خلال الفترة الماضية”.
وأضاف عفيفة: “في الوضع الطبيعي كنا ندير أزمة الديون ولكن بسبب قصف مقر القناة قبل عدة أسابيع، تكبدنا خسائر تتجاوز الـ4 ملايين دولار، وفقدنا كل مقدرات القناة واتسعت الأزمة وبات التعامل معها أكثر صعوبة”.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية مقر القناة في 12 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، خلال جولة تصعيد شنتها على القطاع.
وتابع عفيفة: “نحن ندير الفضائية حاليا من موقع إدارة طوارئ ونعيش في أزمة خانقة غير مسبوقة لم تصل لهذا المستوى من العجز المالي من قبل”.
وأشار إلى أن القناة تسعى في المرحلة الحالية للحصول على دعم وتبرعات من أجل التخفيف من حدة أزمتها.
ولفت إلى أن المبلغ الذي تحتاجه الفضائية لتخرج من أزمتها هو 4 ملايين دولار.ويعتقد عفيفة أن واقع أزمة فضائية الأقصى، هو انعكاس للظروف المالية التي تعيشها المؤسسات بقطاع غزة.
وذكر أن المواطنين والجمعيات الخيرية ومعظم المؤسسات في القطاع تواجه أزمة مالية بسبب ظروف الحصار الإسرائيلي.
حالة تقشف
ولا تقتصر الأزمة التي تواجهها “حماس” على فضائية “الأقصى”، فقد قال موظفون يعملون في مؤسسات أخرى تتبع للحركة، (تتبع تنظيم حركة حماس وليست حكومية)، إنهم يتقاضون منذ أشهر نحو 50% من رواتبهم الشهرية فقط، بفعل إجراءات تقشف اتخذتها مؤسساتهم.
وقال أحد الموظفين في مؤسسة إعلامية تابعة لـ”حماس” في مدينة غزة، مفضلا عدم الكشف عن هويته، إنه وجميع الموظفين في مؤسسته يتقاضون نحو 50% من رواتبهم منذ عدة أشهر على فترات تزيد عن الـ40 يوما.
وأضاف: “تم اتخاذ هذا القرار بفعل الضائقة المالية التي تمر بها المؤسسة” (التي تحصل على تمويلها من حماس).وأشار إلى أنه لا يوجد وعود، بإعادة رواتبنا إلى ما كانت عليه حتى اللحظة.
ولم يتسن الحصول على تعقيب من حركة “حماس” حول ما تحدث به الموظفون.وفي هذا السياق، يؤكد الكاتب المقرب من حركة “حماس”، إبراهيم المدهون، وجود أزمة مالية حقيقية داخل حركة حماس.
ويقول المدهون: “قناة الأقصى جزء من مؤسسات حماس الرسمية، وباعتقادي أن الأزمة التي تمر بها الفضائية حقيقية وهي انعكاس لأزمة مالية تمر بها الحركة”.
ويعتقد المدهون أن الأزمة المالية التي تعيشها حركة “حماس” جزء من الأزمة الاقتصادية التي تضرب المنطقة، إضافة إلى أنها ترتبط بتوسع الحركة وزيادة نفقاتها.
وأوضح أن “حماس” لديها الكثير من المؤسسات المختلفة، وعشرات الآلاف من الأشخاص المنتمين إليها والآلاف من الموظفين الذين يتقاضون رواتب منها، لذلك هي حركة مثقلة ولديها نفقات مالية كبيرة.
أسباب أزمة “حماس” المالية
وقال المدهون إن “أهم أسباب أزمة حماس المالية هو الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة، وتغير اهتمامات أصدقاء الحركة والداعمين لها، إضافة إلى الضغوط الأمريكية على بعض الدول التي أوقفت بسببها دعمها للحركة”.
وبيّن أن بعض الدول التي كانت تدعم حماس أعادت حساباتها خشية من المساس بمصالحها وبسبب الضغوط الأمريكية عليها.
وذكر المدهون أن الأزمات القائمة في سوريا وليبيا واليمن، أثّرت أيضا على الواقع المالي لحركة “حماس” فكثير من أموال “التبرعات”، باتت توجّه لهذه الدول.
مواجهة الأزمة
وحول تأثير هذه الأزمة، قال المدهون: “مما لا شك فيه أن الأزمة تؤثر على الحركة ومؤسساتها ولكن تأثيرها ليس قاتلا أو بليغا”.وتوقّع أن تتمكن “حماس” من التعامل مع النقص المالي الذي تواجهه بطرق مختلفة، لأنها حركة ثورية أساسا وتقوم على مبدأ التقشف.
ورأى أنه يمكن التعامل مع مثل هذه الأزمة برفع حالة التقشف داخل صفوف الحركة، والعمل على دمج بعض المؤسسات والتفكير بمشاريع اقتصادية مستقلة جديدة يمكن أن تشكل رافدا ماليا للمؤسسات الوطنية الفلسطينية.
وشدد على ضرورة تعزيز علاقات “حماس” مع بعض الدول والمحاور التي يمكن أن تتحمل جزءا من العبء الاقتصادي والمالي الفلسطيني.
ولا تكشف الحركة عن مصادر تمويلها، ولكن مصادر قالت إنها تتمثل في الاشتراكات الثابتة التي يدفعها أبناء الحركة، ثم التبرعات التي يتم جمعها من “أنصار الحركة حول العالم”، وثالثا، من المنظمات الأهلية والأحزاب وبعض الأنظمة الحاكمة.
وتأسست حركة “حماس” في 14 ديسمبر/كانون أول عام 1987 على يد مجموعة من قادة جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، كان أبرزهم الشيخ أحمد ياسين.
وتمكنت الحركة عام 2006 من الفوز بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني.