رام الله الإخباري
قبل نحو ثلاثة أشهر حظي الفتى أسامة من مدينة سلفيت شمال الضفة الغربيّة، بحمارةٍ أهداها له جدّه، ليعمل عليها ويكسب رزقه بعد أن ترك مدرسته وهو في الصف التاسع، واتّجه للعمل.
توثّقت العلاقة بين الفتى وحمارته التي اختار "نشيطة" اسمًا لها، وصار بينهما اتفاق غير معلن؛ تساعده في النهار بحراثة الأراضي وزراعتها، وتحظى في نهاية يوم عملها بطعام وفير، وفواكه وشوكلاته!
جريمة مروّعة بحقّ حمارة في سلفيت، تثير الرأي العام!
سارت الأيام على هذا النحو، يذهب أسامة (17 عامًا) بحمارته للعمل صباحًا، ويعودان عند الثالثة ظهرًا، يربطها في مكانها المعتاد لتتناول طعامها، ويرجع لتفقّدها بعد ساعتين، ومعه ما تيسّر من فاكهة، وحبّات شوكلاتة "كنت مدللها، هيك معوِّدها"، كما يقول.
كان أسامة يدلل حمارته "نشيطة"، ويقدّم لها الفواكه والشوكولاته
تبدو الأمور جيّدة حتى الآن، غير أنّ ما حدث مساء السبت (22 كانون أول/ ديسمبر)، كان بمثابة الصدمة لصاحب الحمارة، بعد أن اكتشف أنّ جريمة مروّعة وراء غياب "نشيطة" التي ليس من عادتها أن تختفي طويلًا. يقول: "قبل هيك فلتت مرتين، لكن كانت تيجيني ع الدار، ولا مرّة طلعت برّا".
يقول أسامة في حديثه لـموقع الترا فلسطين القطري واضاف إنّه اكتشف أنّ حمارته سُرقت بعد أن فكّ "أحدهم" الحبل الذي ربطها به بشكل متين.
وبدأ بعد ذلك رحلة بحث عنها، إلى أن أخبره أحد أصدقائه بأنّه رأها في مكان ما.
فتوجّه للمكان، وهنا كانت صدمته: "فكّرتها واقعة في وحل طين.. لكن لما قرّبت شفت من رقبتها نافورة دم، ومن رجليها نافورة دم، جلد بطنها مقشور".
الحمارة "نشيطة" بعد ما حدث لها
كان أسامة يحمل في جيبه حبّة شوكلاتة ليغري بها حمارته بالاقتراب منه، لكنّ المشهد الذي رآه، جعله يقف عاجزًا كما يقول، تدارك الموقف بعد ذلك، واقترب منها ووضع عليها قطعة قماش، علّه يوقف الدم النازف من عدّة أنحاء في جسدها.
عرف أسامة لاحقًا أنّ من سرق حمارته من مأواها ليلًا، كان يريد تدريب كلابه المسعورة على مهاجمة الحمارة "نشيطة" ونهش لحمها.
فقد أخذها بعيدًا وأوثق رباطها، وترك كلبه ليعذّبها.
الجريمة التي ارتُكبت بحقّ "نشيطة" سيأتي وقت نقاش تفاصيلها، لكنّ الأهم في ذلك الوقت بالنسبة لأسامة، كيف سيحافظ على حياة حمارته.
تقول والدته إنّهم حاولوا الاتصال بعدد من الأطباء البيطريين في سلفيت إلّا أن أحدًا منهم لم يرد.
أشعل أسامة النار حول حمارته الجريحة، ووضع عليها الأغطية لتدفئتها
وحاول تجفيف الدم عنها مستعينًا بخلطة شعبيّة من الميرمية والماء والقهوة ويت الزيتون، أعدتها والدته، على أمل تعقيم الجروح وتسكين الألم، إلى حين حضور الطبيب البيطريّ صباحًا.
في الصباح كان ردّ الطبيب أن لا فائدة من مجيئه بعد أن سمع تفاصيل ما جرى للحمارة "نشيطة"، وأخبرهم أنّها "ستموت".
لكنّ أسامة لم يفقد الأمل، وألحّ عليه بأن يأتي وأنه سيدفع له تكاليف العلاج.
وبالفعل جاء الطبيب وقدّم للحمارة حقنتين؛ واحدة مسكّنة للألم، والثانية مضادة للتسمم، ونثر على جسمها ما يجفف الجروح ويخدّرها، وأخبرهم أنها ستتعافى خلال يومين إن تغذّت جيّدًا.
يُشير أسامة إلى أنّه صدّق في البداية رواية الجاني الذي حاول تضليله حين أخبره أنه رأى خمسة كلاب تهاجم "نشيطة" وتنهش لحمها، لكنّ ما سمعه لاحقًا
أكدّ له أن "الفاعل" ارتكب هذا "الفعل المتوحش" عن قصد وإصرار، مبيّنًا أنهم حاولوا "تسكير الموضوع" لكنّه يصرّ على أن "نشيطة بدها تاخد حقّها".
الفتى أسامة: لن أستغني عن حمارتي مهما أصابها.. هي بحاجتي الآن
في اليوم التالي للحادثة، طرأ تحسّن على صحة الحمارة "نشيطة"، لكنّها لن تعود نشيطة بالفعل، ولن تتمكّن من مزاولة عملها مع رفيقها الذي كان يدللها، فالجريمة التي ارتُكبت بحقها أدت لانقطاع وتر في رجلها.
يقول الفتى أسامة الذي ترك مدرسته منذ ثلاث سنوات، إنّه لن يستغني عن حمارته التي كان يجني من تعبها نحو 300 شيكل، كونها أصبحت بلا نفع في العمل "أنا مش همي المصاري
مستحيل أستغني عنها هاي برقبتي أعتني فيها وأطعميها التفاح والفواكه والشوكولاته والشيبس مثل ما عوّدتها دايمًا لأنها حاليا بحاجتي أكثر من قبل، وطبعا رح آخذ حقّها".
الترا فلسطين