رام الله الإخباري
حذّر المؤسس والرئيس لمجموعة طلال أبو غزالة الدولية طلال أبوغزالة من أزمة اقتصادية “طاحنة” ستضرب العالم بحلول 2020، مركزها الولايات المتحدة الأميركية، وستكون أقوى وأشد بكثير من تلك التي حدثت في 2008.
وأكد في حديث مع صحيفة “البلاد” البحرينية أن ما سيحدث هو أزمة اقتصادية، وليست مالية كسابقتها، ستأكل “الأخضر واليابس”، وستؤدي إلى كساد كبير، وغلاء وبطالة وارتفاع “فاحش” للأسعار.
ومجموعة طلال أبو غزالة الدولية هي شركات عالمية تقدم خدمات المحاسبة والمحاماة والاستشارات الإدارية ونقل التكنولوجيا والتدريب والتعليم والملكية الفكرية وتقنية المعلومات والتوظيف والترجمة والنشر والتوزيع.
ودعا الدول والحكومات والشركات والمؤسسات على مختلف أحجامها وقطاعاتها لضرورة الاستعداد لهذه الأزمة والتصدي لها، كل حسب ما يناسبه.
وأوضح أبوغزالة أن المؤشرات التي تدل على ذلك كثيرة، وهو توقع يؤيده به الكثير من الخبراء والمفكرين الاقتصاديين ومراكز الدراسات والأبحاث حول العالم.
وبيّن أن الغرب بدأ بالفعل استعداده وبات قلقا تجاه الأمر، لكننا للأسف في الدول العربية ما زلنا “نائمين” على الموضوع، حيث لا تحركات جدية ولا تجهيزات ذات قيمة.
وأوضح أن الأزمة ستبدأ بأميركا وتقضي على كل اقتصادات العالم، فكما يقال “عندما تعطس أميركا يصاب العالم بالإنفلونزا”.
ومن المعلوم أن النظام المالي العالمي مرتبط بطريقة أو بأخرى بأميركا، فهي تسيطر على التجارة وحركة الأموال الدولية، منذ اتفاقية “بريتون وودز” في العام 1944، عندما أصبح الدولار العملة الأساسية والمرجعية بالعالم.
وتوقع أبوغزالة أن يصل سعر برميل النفط جراء الأزمة لأكثر من 150 دولارا، وهذه اعتبرها ميزة للدول المنتجة (الخليج العربي مثلا) والعكس في الدول التي تعتمد على الاستيراد.
أسباب الأزمة
أما الأسباب، فبدأها بتحول أميركا إلى دولة مستوردة للنفط بعد استهلاك معظم إمكاناتها، وبالتالي فإنها ستفرض شروطها على الأسواق بحكم قوتها العسكرية للهبوط بالأسعار، كذلك ارتفاع الفوائد في السوق المالية هناك ما سيؤثر على الأسواق العالمية.
وتابع “يضاف إلى ذلك الحرب التجارية التي تقودها واشنطن ضد العالم، في مقدمته الصين التي تعتبرها أشد خصومها الحقيقيين، وهو صراع كبير لن ينتهي، والجميع قرأ وعرف عن تبادل الضرائب والرسوم والعقوبات بين البلدين”.
وأكد أن الصين منافس قوي وشرس لأميركا، وفي مختلف المجالات، فضلا عن أن معظم الصناعات الأميركية المهمة وشركاتها الكبرى تنتج أعمالها وتقيم مصانعها بالصين، (…) وطبيعي أن يكون لدى واشنطن مشكلة اسمها بكين.
وزاد أبوغزالة “الأمر لا يتوقف هنا، فبعض مراكز البحوث والدراسات في أميركا، تتوقع أن تعلن واشنطن حربا حقيقة عسكرية على الصين عندما تقع الأزمة”.
وأكد أن ما يزيد المشكلة بأن ارتفاع أسعار النفط سيخدم خصوم أميركا، كروسيا وإيران، فنزويلا وغيرها، وهو ما سيزيد تأجيج الموقف العالمي.
التعليم الرقمي.. ضرورة
واتهم أبوغزالة النظام التعليمي بجميع دول العالم دون استثناء، بأنه غبي وخاطئ؛ كونه لا يتماشى (مع الفرق بين الدول) مع التقنية، مؤكدا أنه يدرس رفع دعوى قضائية على جميع مؤسسات التعليم العالي حول العالم بهذا الخصوص لاسيما بالدول العربية.
واستند بفكرته إلى أن جميع أنظمة التعليم تخرّج أشخاصا يحملون شهادات، لكنهم باحثين عن وظيفة، وبالتالي هم عاطلين عن العمل، مؤكدا أن مؤسسات التعليم لم تتكيف مع احتياجات السوق المستقبلية، وهي الاختراع والإبداع.
وتساءل لدعم فكرته “ما هي غوغل، إنها برنامج، فكرة، ليس فيها مواد أولية ولا منتجات ولا رأس مال، لكنها الآن أكبر شركة بالدنيا، فحجمها وصل تريليون دولار، وهذا ما نحتاجه”.
وتابع أبوغزالة “تساءلت في عدة محاضرات وكلمات ألقيتها بالشهور القليلة الماضية في جامعات هارفرد وmit وكولومبيا، وغيرها: ألم تدركوا أنه إذا لم تتغيروا فإن التسونامي المعرفي سيقضي عليكم، (…) قلت للحاضرين: لماذا ترككم واحد مثل بيل غيتس ولم يستكمل دراسته؟، (…) أنتم تخرّجون أناسا يتسببون بمشكلة في سوق العمل”.
وزاد “مصيبتنا بالبلدان العربية أكبر، فالغرب على الأقل يدّرسون باللغة الإنجليزية، وبالتالي يستطيع الخرّيج العمل في أي مكان، على عكسنا نحن حيث يدرس الطلاب بالعربية، وبالتالي نقضي على مستقبله”.
وضرب أبوغزالة مثالا حيا على ذلك، حيث قال “لدي أكبر شركة محاماة بالمنطقة، ولا أستطيع إيجاد موظفين عرب يتقنون اللغة الإنجليزية للعمل معنا، فنحن بحاجة إلى شخص يستطيع قراءة وفهم المستندات التي يريد رفع قضية فيها، والتي معظمها باللغة الإنجليزية”.
وأوضح أن كل شيء حولنا تطور وواكب المعرفة والرقمنة، إلا التعليم خصوصا في البلدان العربية، (…) انظر إلى الصناعات حولنا، التلفونات، السيارات أين كانت وكيف أصبحت؟
إصلاح التعليم قبل الاقتصاد
وعاد أبوغزالة ليؤكد أن الدول العربية تعاني مشكلة سيطرة وزارات التعليم (الحكومات) على التعليم، وهو ما يزيد التأخير ويعطل التقدم نحو المستقبل، موضحا أن دولا متقدمة استطاعت السير بخطوات كبيرة بهذا الاتجاه، فثملا بأميركا وفنلندا لا توجد وزارة تعليم أساسا، فيما ألغت السويد التعليم الحكومي نهائيا.
ويؤكد أبوغزالة أن إصلاح التعليم يجب أن يسبق إصلاح الاقتصاد، بل يجب أن يسبق إصلاح كل مناحي الحياة، موضحا أنه لا يمكن القضاء على الفساد بشكل نهائي مثلا إلا بالتحول الرقمي؛ لأنه عندما يكون هناك حكومة إلكترونية ومواطن إلكتروني وخدمات رقمية، فإن ذلك سيلغي التمييز؛ كون الجهاز لا يعرف الأسماء و”الواسطات والمحسوبيات”، مبينا هناك ضرورة ملحة لنقفز إلى التعلم الرقمي، فتقدم الدول الآن يقاس بعدد المواطنين الرقميين، (بالدول الإسكندنافية يصل إلى 90 %).
صحيفة البلاد البحرينية