"توسعة الشارع الالتفافي "رقم 60" الواصل ما بين القدس والخليل، ويوصل الى مجمع مستوطنة "غوش عصيون"، يهدف إلى تسهيل أشكال برنامج الاستيطان، والاستيلاء على المزيد من الأراضي الزراعية، وعزلها عن محيطها". حسب ما أفاد به مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" في القدس سهيل خليلية.
وأضاف خليلية في حديث للوكالة الرسمية ان قرار توسعة الشارع بمرحلته الثانية وفق المخططات السابقة تؤكد جدية إسرائيل في زيادة عدد المستوطنات والمستوطنين، ولا توجد أي نية لإخلائها، في دلالة واضحة على تغيير شكل حل الدولتين.
وأشار إلى أن فكرة شق الشارع بدأت أوائل التسعينيات، وتم تجهيزه واستعماله في العام 1996، بهدف إقامة مسلكين يربطانه بالشوارع داخل إسرائيل وأراضي عام 48، مشيرا الى وجود مخططات جاهزة لاستكماله، ولكن تم تأجيل شق الجزء الثاني، لأسباب مالية وأخرى غير معروفة.
ونوه إلى أن الهدف الأساسي من ورائه هو توفير شبكة طرق تسهل حركة المستوطنين في الضفة الغربية، وداخل أراضي عام 1948.
وأشار الى انه مع تغيير الوضع الجغرافي في الضفة الغربية، وعزل القدس، وبناء جدار الفصل العنصري، ونقل شبكة الطرق الفلسطينية من منطقة غرب ووسط الضفة الغربية الى الجهات الشرقية، مثل: وادي النار، والشوارع الجانبية، تم تغيير شبكة الطرق التقليدية (تغيير المفهوم).
واكد ان الاحتلال يحاول إيجاد طريق بديلة، وإذا تم بناء جدار الفصل حول مجمع مستوطنة "غوش عصيون" سيتم نقل الطريق للفلسطينيين جهة شرق بيت لحم، باتجاه زعترة الالتفافي، وهذا ما هو مرشح لربط بيت لحم والخليل والضفة الغربية، حيث يربط مع طريق وادي النار.
وعرج على تداعيات توسعة الشارع الاستيطاني رقم "60"، بعزل مساحات الأراضي الواقعة غربا، واقصائها عن الفلسطينيين، حيث سيقتصر استخدامه قريبا على الإسرائيليين، ولهذا سيكسب بامتياز تصنيف "طريق فصل عنصري"؛ لأنها أراض فلسطينية، سيتم الاستيلاء عليها وحرمان أصحابها منها".
وبالنسبة لتوسعته، قال خليلية: هناك خطط خلال العشر سنوات المقبلة، تتماشي مع تصورهم ان عدد المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية سيتجاوزون المليون مستوطن مع العام 2030، بالتوافق مع مخططات بناء وحدات استيطانية إضافية في بيت لحم، وسائر المحافظات في الضفة الغربية.
من جانبه، قال مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم حسن بريجية لـ"وفا"، إن الحكومة الإسرائيلية رصدت مبلغ (185) مليون شيقل لتوسعته، والذي يبدأ من الانفاق في بيت جالا، وصولا الى مخيم العروب شمال الخليل.
وأضاف ان التوسعة ستكون من خلال إضافة مسلكين ليصبح أربعة مسالك، وبعرض (100) متر على طوله، والبالغ قرابة عشرة كيلومترات، وسيقضم الأراضي من بيت جالا، والخضر، والمعصرة، وجورة الشمعة، وبيت امر، بمعنى آخر سيسلب آلاف الدونمات، بانتظار المخططات الرامية من التوسعة.
وقال بريجية: ان هذا الاجراء التعسفي يندرج ضمن المفهوم الإسرائيلي الواضح في عزل الريفين الغربي والجنوبي عن مركز بيت لحم، وتقسيمها الى "كانتونات"، عدا عن الحد من وصول المزارعين الى أراضيهم، في مسعى للاستيلاء على الأراضي.
وأشار الى ان هذا يأتي في إطار مزاعم الاحتلال بأن الشارع لا يكفي لسد حاجة المستوطنين في مجمع مستوطنة "غوش عتصيون"، لكن في حقيقة الامر يندرج ضمن المخطط على بسط النفوذ والسيادة على محافظة بيت لحم.
ولم يخف بريجية عن تخوفه من تداعيات توسعة الشارع، لافتا إلى انه شكل من اشكال الاستيطان، وفي مرحلة قادمة سيتم التفرع منه بطريق تصل الى البحر الميت، عدا عن عزل آلاف الدنمات، وحرمان المواطنين من الوصول الى عين القسيس، والشعف، وشوشحلة، وبيت سوير، وباكوش، والمخرور في بيت جالا.
ويتوسط الشارع الاستيطاني، مفرق "غوش عصيون" الذي يشكل رعبا في حياة المواطنين لدى اجتيازه، فقد ذهب ضحية الهمجية الاحتلالية العشرات من المواطنين، شهداء، وجرحى، ومعتقلين.
من جهته، قال خبير الخرائط والاستيطان جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش لـ"وفا"، إن مصادقة الاحتلال على توسعة الشارع كانت مطروحة منذ العام 2000، وتقضي بشق شارع استيطاني جديد، بمحاذاة الشارع رقم "60"، انطلاقا من مفرق "عصيون" الاستيطاني شمال الخليل، وصولا الى اراضي بلدة بيت امر بمحاذاة مستوطنة "كرمي تسور".
وتابع حنتش: ان الشارع سيمر بطول 7 كيلومترات من عصيون، مرورا بأراضي مخيم العروب وبلدة بيت امر بعرض 100 متر، موضحا ان الهدف هو الاستيلاء على 7000 دونم من اراضي المواطنين، واقامة طريق خاصة للمستوطنين تربط مع مشروع القدس الكبرى، وعزل الفلسطينيين بطرق خاصة لهم.
وبحسب المخطط الذي تم الكشف عنه، سيتم تجريف مساحات واسعة من الاراضي الزراعية لا سيما في بلدة بيت امر، واراض مزرعة كلية العروب، وسيتم تدشين نفق جديد بمحاذاة مقبرة العروب.
واعتبر حنتش ان المصادقة على هذا القرار يعتبر تكريسا لسياسة الاستيطان التي تنتهجها حكومة الاحتلال، ضمن المخطط الهيكلي الرامي لربط الطرق الاستيطانية بشكل متواصل، وانشاء طرق خاصة للإسرائيليين ضمن سياسة الفصل العنصري.
بدوره، قال الناشط الاعلامي محمد عوض، ان هذا الشارع سيمر بمحاذاة بيت البركة، ومزرعة العروب، ومنطقة القصبات، وصولا الى مستوطنة "كرمي تسور" المقامة على أراضي بلدة بيت امر.
وبحسب تقديرات عوض، سيلتهم هذا الشارع 820 دونما من اراضي بلدة بيت امر، من بينها 450 دونما من كروم العنب واللوزيات، وسيتم هدم 30 منزلا، لا سيما ان الشارع سيمر بعرض 100 متر منها 60 مترا اسفلت والباقي يعتبره الاحتلال منطقة امنية يمنع استخدامها لصالح البناء او الزراعة او اقامة أي منشأة عليها.
وقال نشطاء ضد الاستيطان وحقوقيون "ان هذا المخطط لا يزال عالقا بالمحاكم الاسرائيلية والدولية، وتم رفع العديد من الشكاوى من قبل المزارعين والمؤسسات لوقف هذا المخطط التهويدي، الذي يعتبر من اكبر المشاريع الاستيطانية الخاصة بالشوارع الاستيطانية".
يشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية صادقت، صباح اليوم الأربعاء، على توسعة الشارع الالتفافي "رقم 60" الواصل ما بين القدس والخليل، وفق مخطط يسمى "التفاف العروب" من خلال أربعة مسالك، ما سيؤدي الى سلب آلاف الدونمات من أراضي الخضر، وبيت جالا والمعصرة في محافظة بيت لحم، وبيت أمر في شمال الخليل، بعرض سيصل الى حوالي 100 متر.