قصة تفطر القلب لاستشهاد السيدة "عائشة الرابي "

الشهيدة عائشة الرابي

رام الله الإخباري

عم الحزن بلدة بديا بمحافظة سلفيت في أعقاب استشهاد المواطنة عائشة الرابي (45 عاما)، جراء إصابتها بحجر ألقاه مستوطنون صوب مركبة زوجها يعقوب الرابي (52 عاما) أثناء عودتهما من زيارة ابنتهما في مدينة الخليل.

فمن على تلة مطلة على الشارع الرئيسي قرب مستوطنة "رحاليم" القريبة من حاجز زعترة شرق سلفيت، هاجم المستوطنون الليلة الماضية المركبات الفلسطينية المارة بالحجارة، لتكون عائشة، وهي أم لثمانية أبناء، ضحية لإجرامهم.

قبل 19 عاما وبالتحديد في 12 أيلول 1999، استشهد شقيق عائشة، الشاب فوزات محمد بولاد، قرب قرية خربثا غرب رام الله، قبل زفافه بساعات أثناء توجهه لمدينة رام الله لإتمام الاستعدادات.

اليوم، تُودع سلام الرابي (23 عاما)، ابنة عائشة، والدتها شهيدة، قبل زفافها بأسبوعين.

راما (9 سنوات) ابنة الشهيدة، التي كانت مع والديها خلال تعرضهم للاعتداء الإجرامي، أصيبت بصدمة نفسية كبيرة دفعتها لترديد عبارة واحدة على لسانها: أمي ماتت. بينما كانت تتجول في أرجاء البيت وهي تمسح الدماء عن هاتف والدتها، رافضة إعطائه لأحد.

راما قالت للوكالة الرسمية : كنا في السيارة مبسوطين، وحجر ضرب رأس أمي وماتت.راما ذهبت مع مركبة الإسعاف التي نقلت والدتها الشهيدة ووالدها المصاب، وفي قسم الطوارئ أمسكت هاتف والدتها، ترد على الاتصالات: ماتت أمي.

يوسف العامور، زوج ابنة عائشة، قال ايضا للوكالة الرسمية : حين عدنا من المستشفى فجرا، راما طوال الطريق وهي تقول يا رب نوصل بالسلامة، يا رب نصل دون أن تصيبنا حجارة المستوطنين.وأضاف: الطفلة لم تستوعب الصدمة، ونحن أيضا كنا نستوضح الطريق ما بين نابلس وبديا ونتلفت في كل الاتجاهات خوفا من حجارة المستوطنين.

ويضيف: الأم بتلم، عندما كانت واحدة من بناتها تشعر بضيق، تأتي إليها مسرعة، فهي الأم والصديقة والجارة ومخبأ الأسرار، وكنا أنسباءها وأبناءها إذا حصل معنا شيء مفرح أو محزن نتصل أولا عليها، وعندما كانت تذهب لزيارة ابنتها في الخليل لا نستوعب غيابها لأكثر من يوم واحد، ونبدأ بالاتصال عليها لتعود.

للشهيدة، أربع بنات متزوجات وهن: أنسام، وسام، لميس، ربى. وسلام التي كان من المقرر زفافها بعد أسبوعين إضافة إلى الطفلة راما، ومحمد الذي يدرس الهندسة في الأردن، وأحمد في الصف العاشر.

أكملت عائشة تعليمها وهي في بيت زوجها، نجحت في امتحان الثانوية العامة ودرست الإدارة في جامعة القدس المفتوحة، بينما سعت بكل جهدها لتعليم بناتها وأبنائها فخرج منهم المهندس، والصيدلانية، وطبيبة الأسنان.

زينت بيتها بالورود الملونة الجذابة، وجهزت ابنتها سلام بكل ما يلزمها لتزفها عروسة لبيت زوجها، وذهبت في زيارة سريعة إلى ابنتها المتزوجة في الخليل، ولكنها لم تعد بسبب إرهاب المستوطنين.

زوج الشهيدة، يعقوب الرابي (52 عاما) قال: "كانت في زيارة لابنتنا بمدينة الخليل لمدة يومين، ذهبت لإحضارها، لأن لدينا تجهيزات لعرس ابنتنا، وبعد أن تجاوزنا مفترق بلدة الساوية وبالقرب من مستوطنة "رحاليم" قبل حاجز زعترة، سمعت صوت صراخ بالعبري وحجارة بدأت تضرب في السيارة، حجر كبير ضرب مقدمة الزجاج الأمامي واخترقه وأصاب رأس زوجتي

 لم أعرف أنه أصابها لأنها لم تصرخ ولم تصدر حتى مجرد صوت واحد. نظرت إليها ووجدتها قد فارقت الحياة على الفور. كان رأسها مليء بالدماء التي سالت على وجهها، بدأت ابنتي الصغيرة راما بالصراخ، اجتزت حاجزة زعترة بسرعة كبيرة وتفاجأت بعدم تواجد لجنود الاحتلال عليه، وصلت مركز حوارة الطبي، وهناك قالوا لي إنها وصلت شهيدة".

وشيع آلاف المواطنين، ظهر اليوم، جثمان الشهيدة عائشة إلى مثواه الأخير، حيث انطلق موكب التشييع من مستشفى النجاح بمدينة نابلس إلى منزلها لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، ومن ثم نقل الجثمان محمولا على الأكتاف إلى مقبرة البلدة حيث ووري الثرى، وسط هتافات تندد بجرائم الاحتلال والمستوطنين، وبالصمت الدولي على تلك الجرائم.

-

 

وفا