قال رئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث ناجح بكيرات إن "المسجد الأقصى المبارك يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت الاحتلال الإسرائيلي، ويمر بأخطر مرحلة في تاريخه، في خطوة خطيرة تهدف لتحقيق حلم إقامة "الهيكل" المزعوم على أنقاضه، وإنهاء الوجود العربي والإسلامي بداخله".
وأضاف بكيرات في حديث لوكالة صفا المحلية السبت أن المسجد الأقصى يتعرض لمشروع خطير جدًا تقوم حكومة الاحتلال بتنفيذه، من خلال الاقتحامات والحفريات، وتنفيذ مشاريعها اليهودية التلمودية، وإقامة الكنيس اليهودية، ومصادرة العديد من الأوقاف الإسلامية كالقصور الأموية وغيرها.
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال فرضت حصارًا محكمًا على الأقصى، وحولته إلى سجن، عبر إقامة أسلاك شائكة على جدرانه ونصب العشرات من كاميرات المراقبة، والحواجز العسكرية على بواباته، كما منعت وصول الفلسطينيين إليه.
وحذر بكيرات من خطورة ما يتعرض له المسجد الأقصى، مؤكدًا أن المسجد حق للمسلمين وحدهم، وأنه لا يقبل الشراكة ولا القسمة ولا التفاوض مطلقًا، ولا نقبل أي مشروع إسرائيلي بحقه.
وشهد المسجد الأقصى خلال فترة الأعياد اليهودية، وتحديدًا عيد "العرش" الذي يستمر حتى يوم الثلاثاء المقبل، اقتحامات مكثفة وانتهاكات لحرمته من قبل المستوطنين وشرطة الاحتلال، والتي تخللها أداء صلوات علنية وطقوس تلمودية في باحاته وعند أبوابه، وسط إجراءات مشددة على دخول الفلسطينيين للمسجد.
وأشار بكيرات إلى أن الأقصى يتعرض لحرب إسرائيلية شاملة، لمحاولة إنهاء الوجود الإسلامي والعربي فيه، مبينًا أن تصاعد اقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد في الآونة الأخيرة تأتي ضمن خطة ممنهجة تهدف إلى تحقيق ثلاثة مسارات.
وبحسب بكيرات، فإن المسار الأول، يُكمن في "محاولة الاحتلال جعل مدينة القدس المحتلة مدينة وعاصمة يهودية بهدف تحقيق مشروعها الاستراتيجي في المسجد الأقصى، وجعله ذات قداسة يهودية مطلقة، لأنه لا يمكن لـ "إسرائيل" أن تحقق مشروع الدولة العبرية وعاصمتها ناقصة".
أما المسار الثاني، فإن هذه الاقتحامات هي مقدمة لتحقيق حلم بناء "الهيكل" المزعوم على أنقاض المسجد، ومحاولة ترويض الشعوب العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني على قبول حق لليهود ورموزهم الدينية داخل الأقصى وتبيان أنه لم يعد ذات قداسة إسلامية.
والمسار الثالث، وفق بكيرات، العمل على تغيير الواقع داخل الأقصى، ومحاولة إنهاء الوجود والجذور الإسلامية والعربية فيه، وأن تصبح القضية الفلسطينية بلا معني ولا قداسة ولا عاصمة ولا شيء، وبالتالي إنهاء هذه القضية.
وحول المطلوب لإنقاذ المسجد الأقصى، أكد بكيرات أن إنقاذه يحتاج إلى توحد الفلسطينيين والأمة العربية والإسلامية، وأن يكون له الأولوية.
وأضاف "لا يمكن أن نُعيد للأقصى أنفاسه ونُنقذه من الحصار والسجن الإسرائيلي إلا إذا خرجنا من حالة الانقسام الداخلي، وحققنا الوحدة الوطنية، وأن تتوحد الأمة على قرار المقاومة التي ستعيد الأقصى وتنقذه من براثن الاحتلال".
وطالب بكيرات بضرورة التحرك العاجل فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا لإنقاذ المسجد، والعمل على إنهاء الاحتلال له، داعيًا إلى استثمار الإنسان الفلسطيني على بوابات الأقصى، ودعم المقدسيين وصمودهم وجعل لهم حاضنة.
وكانت مؤسسات إسلامية بالقدس استنكرت في بيان لها الخميس الماضي، حمل عنوان "لقد بلغ السيل الزبى"، اقتحامات المتطرفين للأقصى، معتبرة ما جرى في المسجد هو استباحه إسرائيلية مبرمجة ضد المسجد، لم تسبقها استباحة أمام أعين العالم أجمع.
ووجه البيان رسالة للعرب والمسلمين، قائلًا "أيها العرب أيها المسلمون، الأقصى مسرى نبيكم وموطن معراجه في أقصى حالات الخطر فأنقذوه".
وتُصعد قوات الاحتلال من إجراءاتها ضد المصلين وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية عبر ملاحقتهم واعتقالهم والتحقيق معهم، وكذلك إبعادهم عن الأقصى، حيث أبعدت العشرات عنه خلال الأيام الماضية لفترات متفاوتة، في محاولة لإتاحة المجال أمام المستوطنين لاستباحته بكل أريحية ودون أية قيود.