عقدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اجتماعات سرية مع ضباط عسكريين متمردين من فنزويلا، العام الماضي، لمناقشة خطط من أجل إطاحة الرئيس نيكولاس مادورو، وذلك وفقا لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين وقائد عسكري فنزويلي سابق شارك في المحادثات.
وقال البيت الأبيض، الذي رفض الإجابة عن أسئلة مفصلة حول المحادثات، في بيان، إنّه "من المهم الدخول في حوار مع جميع الفنزويليين الذين يظهرون الرغبة في الديمقراطية، من أجل "إحداث تغيير إيجابي في بلد عانى كثيراً تحت سلطة مادورو".
وكشفت الصحيفة، في تقرير، أنّ أحد القادة العسكريين الفنزويليين المشاركين في المحادثات السرية، موجود على قائمة العقوبات الأميركية الخاصة بالمسؤولين الفاسدين في فنزويلا.
وأوضحت الصحيفة، أنّ المسؤولين الأميركيين، قرروا في النهاية عدم مساعدة القادة العسكريين "المتآمرين"، وتوقفت بذلك خطط الانقلاب، مشيرة في الوقت عينه، إلى أنّ "استعداد إدارة ترامب للقاء مرات عدة، مع ضباط متمردين عازمين على إسقاط رئيس في نصف الكرة الأرضية الآخر، يمكن أن يأتي بنتائج عكسية".
ووصفت الصحيفة، مادورو، بأنّه "حاكم سلطوي، دمّر اقتصاد بلاده فعلياً، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء، ونزوح جماعي لفنزويليين تدفقوا على الحدود، وغمروا الدول المجاورة"، مشيرة في الوقت عينه، إلى أنّ مادورو لطالما برر قبضته على فنزويلا، بدعوى أنّ "الإمبرياليين في واشنطن" يحاولون فعلياً إقالته، معتبرة في هذا الإطار أنّ "المحادثات السرية لإدارة ترامب، يمكن أن توفّر له ذخيرة، لإبعاد الموقف شبه الموحد ضده في أميركا اللاتينية".
وقالت ماري كارمن أبونتي، التي عملت كأول دبلوماسية تشرف على شؤون أميركا اللاتينية في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس الأميركي السابق أوباما، للصحيفة، إنّ "هذه الأنباء سوف تسقط مثل القنبلة في المنطقة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم، إنّ "مسؤولين فنزويليين عسكريين سعوا للتواصل المباشر مع الحكومة الأميركية خلال فترة رئاسة باراك أوباما، لكنّهم قوبلوا بالرفض".
وأوضحت الصحيفة، أنّ إعلان ترامب، في أغسطس/آب العام الماضي، أنّه لدى الولايات المتحدة "خيار عسكري" لفنزويلا، وهو الإعلان الذي لقي إدانة من حلفاء واشنطن في المنطقة، "شجع الضباط العسكريين الفنزويليين المتمردين على التواصل مع واشنطن مرة أخرى".
"تركوني أنتظر"
وكشفت الصحيفة، أنّ المحادثات السرية كانت عبارة عن سلسلة من الاجتماعات في الخارج، بدأت الخريف الماضي واستمرت هذا العام، وقال خلالها ضباط عسكريون للحكومة الأميركية إنّهم يمثّلون بضع مئات من أفراد القوات المسلحة الغاضبين من حكم مادورو التسلطي.
وطلب الضباط من الولايات المتحدة، وفق الصحيفة، تزويدهم بأجهزة راديو مشفرة، مشيرين إلى ضرورة التواصل بشكل آمن، بينما يسعون إلى تشكيل حكومة انتقالية لإدارة البلاد، لحين إجراء الانتخابات.
وقال القائد العسكري الفنزويلي السابق، إنّه هو ورفاقه كانوا يعتقدون أنّهم بحاجة إلى احتجاز مادورو وغيره من الشخصيات الحكومية البارزة، في وقت واحد، وللقيام بذلك، فإنّ الضباط المتمردين، وفق قوله كانوا بحاجة إلى وسيلة للتواصل بشكل آمن. وقد تقدّموا بطلبهم خلال اجتماعهم الثاني مع دبلوماسي أميركي، العام الماضي.
وقال مسؤولون أميركيون، للصحيفة، إنّ الدبلوماسي الأميركي نقل الطلب إلى واشنطن، حيث رفضه مسؤولون كبار.
وعن ذلك الرفض، قال القائد الفنزويلي السابق، لـ"نيويورك تايمز"، "لقد كنا محبطين. كان هناك نقص في متابعة المحادثات (السرية). تركوني أنتظر".
بعد ذلك التقى الدبلوماسي الأميركي بمخططي الانقلاب للمرة الثالثة، في وقت مبكر من هذا العام، وفق الصحيفة، لكن المناقشات لم تسفر عن وعد بتقديم مساعدات مادية أو حتى إشارة واضحة بأنّ واشنطن قد أقرت خطط المتمردين، بحسب ما ذكره القائد الفنزويلي وعدد من المسؤولين الأميركيين.
وبحسب الصحيفة، لم يقدّم المسؤولون الأميركيون أي دعم مادي أيضاً، وانتهت الخطط بعد حملة القمع الأخيرة التي أدت إلى اعتقال العشرات من الضباط المتآمرين.
"خائب الأمل"
وأوضحت الصحيفة أنّها كشفت قصة الاجتماعات السرية، والمناقشات السياسية التي سبقتها، استناداً إلى مقابلات مع 11 مسؤولاً أميركياً حالياً وسابقاً، بالإضافة إلى القائد الفنزويلي السابق الموجود على قائمة العقوبات الأميركية.
وكشف هذا القائد، للصحيفة، أنّ ثلاث مجموعات على الأقل داخل الجيش الفنزويلي، كانت تخطط لانقلاب ضد مادورو. وأوضح أنّ "الضباط المتمردين لم يطلبوا أبداً أي تدخل عسكري أميركي"، قائلاً "لم أوافق أبداً، ولم يقترحوا أصلاً القيام بعملية مشتركة".
وليس واضحاً، وفق الصحيفة، كم المعلومات التي تشاركها مخططو الانقلاب مع الأميركيين، وليس هناك ما يشير أيضاً إلى أنّ مادورو كان يعلم بموضوع المحادثات السرية على الإطلاق.
وعبّر الضابط العسكري الفنزويلي السابق، عن قلقه من أن يكون رفاقه الـ 150 الذين تم اعتقالهم في فنزويلا ربما يتعرضون للتعذيب. وأعرب عن أسفه لأنّ الولايات المتحدة لم تزود المتمردين بأجهزة الراديو المشفرة التي طلبوها، وهي خطوة كانت يمكن أن تؤدي إلى إحداث تغيير في تاريخ البلاد، وفق اعتقاده.
وختم بالقول، لـ"نيويورك تايمز"، "أنا خائب الأمل... لكنني أقل المتضررين. أنا على الأقل لست معتقلاً".