رام الله الإخباري
تشير العديد من الأبحاث النفسية الميدانية إلى أن الأثرياء أكثر قابلية للغش بشأن ضرائبهم، ومع من يحبون، وأقل تعاطفا مع الآخرين. وأنهم والفئات الأفضل تعليما أكثر قابلية لعمليات النشل من المتاجر، وأكثر قابلية للغش بألعاب الحظ.
وذكر تقرير نشرته واشنطن بوست أنه -وخلال العقود القليلة الأخيرة- حاولت المزيد من الأبحاث النفسية الميدانية التعرف على نتائج الثراء على السلوك والأخلاق للأفراد وقياسها بدقة.
وقال داشر كيلتنر الخبير النفسي بجامعة كاليفورنيا ببيركلي -الذي قضى عقودا في دراسة الثراء والسلطة والمكانة الاجتماعية- إن الصفات التي تكتشفها الأبحاث الميدانية لدى الأثرياء ليست مفاجئة لكنها مخيفة، مشيرا إلى أن نتائج أبحاثهم في تأثير السلطة على سلوك البشر (للأسف) الأكثر مصداقية في أبحاثهم.
قوة الثروة والسلطة
وقبل ست سنوات، نشر كيلتنر وأحد طلابه تجارب مبتكرة ومؤثرة تؤكد الكثير من افتراضاتنا الأكثر سوءا حول الأغنياء وقوة الثروة على الإفساد.
ففي إحدى التجارب، وقف الباحثون في تقاطع مروري مزدحم به إشارات على أربع جهات وسجلوا (موديل) كل سيارة تجاوزت السيارات الأخرى بدلا من انتظار دورها.
وكانت النتيجة أن السيارات الفخمة وغالية السعر مثل المرسيدس حديثة الموديل تساوي احتمالات تجاهلها قوانين المرور أربعة أضعاف احتمالات السيارات الأقل سعرا مثل الهوندا القديمة.
وأوضح كيلتنر أن هذه التجربة تشير إلى أن المال والمكانة الاجتماعية تجعل أصحابها يشعرون وكأنهم فوق القانون ومسموح لهم بمعاملة الآخرين وكأنهم غير موجودين.
الفقراء أكثر التزاما
وفي تجربة أخرى مثل باحث من فريق كيلتنر دور الراجل الذي يريد عبور الشارع بتقاطع للمشاة، وسجل كل سيارة تلتزم بالقانون وتسمح له بالعبور وتلك التي لا تلتزم، وكانت النتائج كاشفة: فكل سيارة رخيصة السعر التزمت بالقانون بينما لم يلتزم نصف عدد السيارات الفخمة عالية السعر (وكثير من سائقي السيارات الفخمة كانوا يتجاوزون القانون بعد أن ينظروا للباحث).
ولفت التقرير الانتباه إلى أن جميع الأديان حذرت من الآثار الإفسادية للمال والثروة والسلطة.
وفي تجربة مدهشة نشرها كيلتنر وفريقه عام 2015، ظهر أن الأغنياء أكثر قابلية -بالمعنى الحرفي- حتى للاستيلاء على الحلوى من الأطفال. فقد سلم الباحثون لكل شخص بين 129 أشخاصا جرة مليئة بالحلوى وأوضحوا لهم أنها تعود لأطفال بمعمل مجاور، لكن بإمكانهم أخذ بعض منها إذا رغبوا في ذلك. واتضح أن الأكثر مالا بين الـ 129 أخذوا لأنفسهم عددا أكبر بكثير مما أخذه الأقل مالا.
أقل تعاطفا وتفهما
وتعزز هذه النتائج ما توصلت إليه أبحاث مماثلة سابقة من أن المال والسلطة تجرد الناس من قيودهم النفسية وتزيد قدرتهم على اقتحام المخاطر وشعورهم بالاستحقاق والقوة. كذلك تجعل السلطة الناس أقل تعاطفا مع الآخرين وأقل قدرة على معرفة رؤى الآخرين ووجهات نظرهم.
وفي بعض الحالات -يقول آدم غالانيسكي أستاذ علم النفس بمدرسة كولومبيا لإدارة الأعمال- تكون رغبات من بيدهم السلطة خيرية لصالح المجتمع. ففي هذه الحالات يكون دور السلطة هو زيادة الخير للمجتمع.
واشنطن بوست