الكلاب الضالة ...أسباب تكشف سر انتشارها الكبير في الضفة الغربية

الكلاب الضالة في الضفة الغربية

رام الله الإخباري

تؤرق ظاهرة الكلاب الضالة المنتشرة في غالبية  المحافظات المواطنين، بينها محافظة نابلس التي سجل فيها إصابة 73 مواطنا منذ بداية 2018 حتى نهاية تموز الماضي، إثر تعرضهم لهجوم من تلك الكلاب.

تلك الإحصاءات دفعت مدير مديرية الصحة في المحافظة رامز دويكات، إلى دق ناقوس الخطر لإيجاد حلول علمية وعملية عاجلة لإنهاء ظاهرة الكلاب الضالة؛ نظرا للخطر الذي تشكله تلك الظاهرة على حياة المواطنين.

ويقول دويكات إن ظاهرة الكلاب الضالة ازدادت حدتها عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، بعد أن منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول السموم التي كانت توزع على الهيئات المحلية لمكافحة الكلاب الضالة، بذريعة حجج أمنية.

ويشير دويكات إلى أن الكلاب الضالة التي تتكاثر بشكل طبيعي في البر وداخل المدن والأحياء دون التطعيمات المطلوبة، يجعلها معرضة لأن تكون ناقلة للأوبئة والأمراض.

ويؤكد دويكات أنه وفي حال تعرض مواطن للعض من كلب منزلي يتم مراقبة الكلب إذا حدث تغير على طبيعته خلال 10 أيام فإذا مات يكون مصابا بداء الكلب، والذي يمكن أن ينقله للإنسان حيث تظهر الأعراض عليه سريعا، ويتم مراقبته وتاريخ تطعيمه.

إلا أن المشكلة بالكلاب الضالة التي لا يمكن ضبطها ومعرفة التغيرات التي تحدث عليها، فيمكن أن تكون عضة بسيطة لا تترك تأثيرا على المصاب، إلا أن الأمر الكارثي يحدث إذا تعرض المصاب لداء الكلب الذي يؤدي للوفاة، وفق دويكات.

ويقول دويكات ان "تسجيل حالة داء كلب واحدة يعتبر كارثة، فالمرض ممكن أن يؤدي للوفاة"، مؤكدا لم تسجل أي حالة بالمرض منذ عام 2009 حتى اليوم.

وتشير سجلات مديرية صحة نابلس إلى أن 116 شخصا أصيبوا بعضات كلاب ضالة وأخرى منزلية خلال عام 2017، و136 عام 2016 من كافة الأعمار، وموزعين بين مدينة نابلس وقراها ومخيماتها.

ويبين دويكات ان أخطر العضات تلك التي تكون في منطقة الوجه والرأس باعتبارها تستهدف الجهاز العصبي للإنسان، نتيجة قربها على الدماغ.ويؤكد أن هناك إجراءات صارمة بالتطعيم لأي شخص يصاب بعضات الكلاب، حيث يجري للمريض متابعة حثيثة.

وينوه دويكات إلى أن مهمة مكافحة الكلاب الضالة تقع على عاتق الهيئات المحلية، مردفا بأن بعض تلك الهيئات لا تملك الإمكانيات والصلاحيات اللازمة التي تمكنها من القيام بمهمتها تلك.

ودعا إلى ضرورة تشكيل لجنة وطنية مهمتها دراسة ظاهرة الكلاب الضالة، والعمل على حلها باستمرار، وإيجاد حل لها بخطوات عملية وعلمية تراعي الواقع السياسي والأمني الموجود.

وتخشى وزارة الصحة أن تكون الكلاب الضالة سببا بانتقال مرض اللشمانيا الذي تنقله ذبابة أريحا، فتاريخيا يُعدّ الوبر الصخري المخزن لذلك المرض؛ إلا أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الكلاب مخزن لهذا المرض أيضا.

ويشير رئيس قسم الطب الوقائي في المديرية عمار استيتية لـ"وفا"، إلى إصابة 10 مواطنين باللشمانيا الجلدية منذ بداية العام حتى نهاية تموز، مؤكدا أن ازدياد الإصابات في المدينة يشير إلى وجود سبب آخر غير الوبر الصخري، وأن الكلاب أحد الأسباب الناقلة وكذلك الخنازير البرية.

 وسجل خلال عام 2017، تعرض 22 مواطنا للإصابة بمرض اللشمانيا الجلدية، و13 مواطنا خلال 2016، وفق سجلات مديرية صحة نابلس.

ووفق البند 24 من المادة 15 من قانون رقم ( 1 ) لسنة 1997 بشأن الهيئات المحلية، فإنه يناط بمجلس الهيئة المحلية مراقبة الكلاب وتنظيم اقتنائها وترخيصها والوقاية من أخطارها والتخلص من الضالة أو العقورة منها.

وتحدث مدير الحكم المحلي في محافظة نابلس خالد اشتية  عن ان القضاء على الكلاب الضالة بشكل كامل قد يخلق مشكلة بيئية، فالتخلص من مجموعة حدث تكيّفٌ بينها وبين الإنسان والمنطقة يعني إحلال مجموعة جديدة شرسة تنقل الجراثيم والأمراض.

وينوه إلى أن عددا قليلا من البلديات يتوفر فيها أقسام صحة، وجزء من البلديات عبارة عن مجالس صغيرة غير قادرة على توفير العلاج والسموم والإخصاء والتعقيم للحيوانات الضالة.

ويؤكد اشتية أن 65% من مساحة الضفة الغربية تقع تحت السيطرة الأمنية للاحتلال، فلا تسطيع الهيئات المحلية في تلك المناطق إطلاق النار أو وضع السموم للحيوانات الضالة، مشيرا الى أن "استخدام السموم فشل في مكافحة الكلاب، نظرا لتكون مكرهة صحية نتيجة استخدام جثث حيوانات ميتة لتسميم الكلاب".

ويضيف اشتية "هناك مناطق يقوم الاحتلال بإطلاق الحيوانات الضالة فيها كالخنازير، لدينا خطة للتخلص منها لكن لا نملك السيطرة".

ويوضح مؤسس الجمعية الفلسطينية للرفق بالحيوان التي تأسست عام 2011 ومقرها رام الله، أحمد صافي  أن الكلاب تلد مرتين خلال العام،  وأن متوسط العمر الزمني للكلاب 17 عاما في بيئة طبيعية، إلا أن متوسط أعمارها في فلسطين يتراوح بين عام ونصف إلى عامين نتيجة الحوادث والأمراض.

حل مشكلة الكلاب الضالة يكون بتنظيف النفايات ليلا وعدم تركها حتى ساعات الصباح، الكلاب تأتي للمناطق المأهولة بالسكان بحثا عن الطعام، والنباح ليلا ناتج عن الصراع على الطعام والتزاوج، لا يوجد مشكلة مع البشر" يشدد صافي.

ويرى أن تسميم الكلاب الضالة أو إطلاق النار عليها لن يحل مشكلة، وأن الحل يكون بإخصاء ذكور الكلاب الضالة وتعقيم إناثها "إزالة الرحم" للحد من قدرتهم الجنسية ومنعها من الإنجاب والتكاثر، وإعطائها التطعيمات اللازمة وعلامات لهم وإطلاقها في ذات المنطقة، الأمر الذي يساعد على تراجع العدوانية لديها.

ويؤكد صافي "عملية إخصاء الذكور وتعقيم الإناث من الكلاب الضالة قد تكلف 30 -40 شيقلا لكل عملية فقط، وهذه طريقة إنسانية للتخلص من الظاهرة، هناك طبيب بيطري في كل بلدية فقط مطلوب تجهيز غرفة عمليات وتدريب فريق على إمساك تلك الكلاب لتطبيق هذا المشروع إلى الأبد".

ويتابع:آخر عام 2016 بالتعاون مع بلدية طولكرم والمحافظة وجامعة النجاح وكلية الطب البيطري تم إجراء عمليات إخصاء وتعقيم لـ270 كلبا وظهر التغيرات سريعا على محافظة طولكرم".

ولا تتوفر إحصاءات دقيقة أو قريبة لأعداد الكلاب الضالة في المناطق الفلسطينية حتى الآن، وفق ما أكد مدير الإدارة العامة للخدمات البيطرية إياد العدرة.

وحول المراقبة الصحية، أكد العدرة أن الدائرة توزع بين الفينة والأخرى لقاح ضد السعار يتم تناوله عن طريق الفم، ويوزع في المناطق خارج المدن والخلاء بحيث تتناوله الكلاب ويصبح لديها مناعة ضد مرض السعار وألا تشكل خطرا على الصحة العامة.

ويضيف العدرة إلى أن دولا عدة حول العام تشيد مأوى لتلك الكلاب وتجري عمليات الإخصاء والتعقيم  لإفقادها القدرة الجنسية على التكاثر، إلا أن الإمكانيات المتوفرة فلسطينيا توزيع تطعيم فقط، حيث جرى منذ بداية العام توزيع قرابة خمسة آلاف جرعة في المحافظات.

ووفق الجمعية فإن في مدينة رام الله يتواجد 304 كلب ضال يتركزون بالقرب من مكب النفايات في المدينة، وفي أريحا قرابة 900 كلب، وطولكرم وضواحيها قرابة ألف كلب.

 

وفا