مدينة مغربية تطلق على شوارعها وأزقتها أسماء مدن وحارات فلسطينية

مدينة مغربية تطلق على شوارعها أسماء مدن فلسطينة

رام الله الإخباري

أدى قرار المجلس البلدي لمدينة أكادير (جنوب المغرب)، بتسمية حوالي 43 زقاقا وشارعا بأحد أحياء المدينة بأسماء المدن والحارات الفلسطينية، الإثنين الماضي، إلى جدلا واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي بين مرحب بالفكرة باعتبارها دليلا على أن القضية الفلسطينية متغلغلة في الوجدان المغربي، وبين رافض لها متهما المسؤولين بالانسلاخ عن الهوية الأمازيغية والوطنية للمملكة.

قرار غير منسجم

وذكر موقع "عربي 21"، أن رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة (أزطا أمازيغ) عبد الله بادو، ندد قرار تحويل أسماء شوارع وأزقة حي القدس بمدينة أكادير إلى أسماء ومدن فلسطينية، وقال إن هذا القرار "لم يأخذ بعين الاعتبار الانتماء الهوياتي للمدينة ككل".

وأضاف بادو، أنه "من الممكن أن نقبل اسما أو اثنين أو ثلاثة أسماء فلسطينية لتطلق على شوارع الحي، لكن أن يقوم  المجلس البلدي بتغيير أسماء حي بأكمله إلى أخرى فلسطينية دون مراعاة الخصوصية الثقافية المحلية خاصة الأمازيغية منها فهو قرار مرفوض ولا ينسجم مع طبيعة المنطقة"، مشيرا إلى أن "هذا به توجه إيديولوجي محض نرفضه جملة وتفصيلا".

واعتبر رئيس الشبكة الأمازيغية القرار، "سياسة مسخ هوياتي تستهدف أساسا مدينة أكادير التي نعتبرها معقل الحركة الأمازيغية والتي أنتجت مناضلين يدافعون عن إعادة الاعتبار للهوية الأمازيغية"، وفق تعبيره.

وأكد على أن المغرب زاخر بالشخصيات الوطنية التي أعطت الشيء الكثير للثقافة الأمازيغية، وهي الأولى بأن يعاد لها الاعتبار ويتم تكريمها بوضع أسمائها على شوارع وأزقة المدينة.

وقال الناشط الأمازيغي: "ليست لدينا مشكلة مع فلسطين.. أكيد نحن متضامنون معهم قلبا وقالبا، لكن موقفنا من أولئك الذين يتجاهلون طبيعة المنطقة وتاريخ المغرب".

وأكد رئيس "أزطا أمازيغ" على أن "الشبكة ستقوم بأشكال نضالية من أجل التنديد بهذا القرار وإعمال المساطر الإدارية والقانونية لوقف مثل هذه الممارسات التي تستهدف هويتنا الأمازيغية".

ليست قضية المغرب الوطنية

بدوره، اعتبر الكاتب والفاعل الجمعوي الأمازيغي، حسن زاهور، القضية الفلسطينية قضية إنسانية وإسلامية لا لبس فيها "ولكن ليست قضية وطنية.. قضيتنا الوطنية هي الصحراء المغربية".

وأوضح زاهور في تصريح لـ"عربي21"، السبت: "نرفض أن يتم تغيير كافة شوارع وأزقة حي بمدينة أكادير أو سواها من المدن المغربية بأسماء فلسطينية، لأنه تم تغليب ما هو خارجي على الوطني".

وتابع: "القضية الفلسطينية قضيتنا جميعا، ولكن أن تأتي بـ 43 اسما وتنزلها بمثل هذه الكثافة، هنا فأنت تضرب بمبدأ الوطنية.. وقمت بتحكيم ما هو قومي وديني على ما هو وطني.. وهذا هو الفرق بيننا وبينهم، نحن نحكم ما هو وطني أولا ثم القضايا الأخرى تأتي بعد ذلك".

وأكد: "علينا أن نكون وطنيين.. نحن مغاربة ولسنا فلسطينيين.. لدينا تاريخنا وأسماؤنا.. علينا أن نهتم بالأسماء الوطنية والأمازيغية أولا ثم بعد ذلك بالأسماء الفلسطينية".

ودعا الفاعل الجمعوي إلى التراجع على القرار بقوة القانون والدستور "لأن هذا الأمر لا يشرف البلد".

معطيات غير صحيحة

وردا على الحملة العنيفة التي استهدفت القرار، أعلن نائب رئيس البلدية محمد بكيري، في تدوينة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن "الموضوع أخذ حجما أكثر مما يستحق، لأن جزءا كبيرا منه تأسس على معطيات غير صحيحة حاول البعض توظيفها بشكل غير موضوعي".

وتابع نائب رئيس البلدية، إن "التسمية تهم شارعا واحدا و مجموعة من الأزقة أغلبها لم يكن يحمل اسما سابقا، والتسمية همت حيا واحدا و الدافع هو انسجام الموضوع اي انسجام تسمية الأزقة مع اسم الحي الذي يحمل اسم حي القدس و هو الاسم الذي أطلق عليه منذ عقود من الزمن".

وأردف بكيري، "المبادرة كانت بتنسيق مع المجتمع المدني و هي من باب التفاعل الإيجابي مع المبادرات المدنية لا غير، كما أن الأسماء التي تم إطلاقها في عمومها خاصة بمدن و قرى فلسطينية معروفة وأتممت اللائحة بأسماء تدخل في نفس الباب لمواقع جغرافية أخرى و تم الابتعاد عن أية أسماء قد يقع بخصوصها اختلاف اما لانتمائها السياسي أو غيره".

وأكد أن "القضية الفلسطينية قضية فيها إجماع و طني رسمي و شعبي غير خاضعة للمزايدة والمساومة، وهي مناسبة لنثمن الدور الذي يقوم به المغاربة و المؤسسات الرسمية و المدنية في التضامن و التعاطف مع هذه القضية الانسانية بامتياز".

وأفاد أن "إطلاق أسماء مدن فلسطينية هو شرف لنا على الأقل من باب رد الواجب تجاه حمل حارة و باب بالقدس لاسم حارة و باب المغاربة".

وشدد على أن "القول بأن هذه المبادرة تطمس هوية المدينة فيه استصغار لهذه الهوية القوية بتعددها وانفتاحها وتعايش أبناء هذه المدينة المغربية العربية الأمازيغية الإفريقية، فأكادير و بناتها و أبنائها معتزون بهويتهم المتعددة الروافد التي يحميها الدستور و يصونها القانون و لاحق لأحد أن يمارس الوصاية عليها".

وقال فينهاية حديثه: "للإشارة فقد أطلقت مجموعة من الدول و المدن الاوربية لاسم فلسطين على شوارع بها و لا احد جعل من تلك المبادرات قضايا تهم الهوية أو غيرها".

ويذكر أن شبكة جمعيات أكادير (مدنية) ، أرسلت عريضة للمجلس البلدي بمدينة أكادير،  طالبته من خلالها بتسمية "شوارع وأزقة ومجمعات سكنية بأكادير بأسماء فلسطينية"، وذلك كمساهمة "منا في صيانة الذاكرة الجماعية للمغاربة وعلاقتهم التاريخية بفلسطين"، معتبرين "أن مساندة الشعب الفلسطيني في محنته واجب شرعي وإنساني" خاصة مع محاولة "دولة الاحتلال الصهيونية وبتواطؤ مع الدول الغربية وبعض الدول العربية الشقيقة على طمس هويتها (القدس) عند أهل الديانات الثلاث عموما والمسلمين خاصة".

عربي 21