افتتح وزير الثقافة إيهاب بسيسو ممثلا للرئيس محمود عباس، اليوم الخميس، المقر الجديد لمؤسسة عبد المحسن القطان (المركز الثقافي الجديد) في حي الطيرة بمدينة رام الله.
وقال بسيسو في كلمته نيابة عن الرئيس إن افتتاح هذا الصرح المعرفي الكبير من شأنه أن يشكل علامة على صعيد الثقافة الفلسطينية كما شكلت مسيرة مؤسسة عبد المحسن القطان، منذ تأسيسها وعملها في الوطن والمنفى نقطة ارتكاز للعمل الثقافي والمعرفي.
وأضاف ان مركز عبد المحسن القطان شكل محور جذب للكثير من الطاقات الثقافية والفنية الفلسطينية عبر برامجها المتنوعة والمتعددة، التي تبنت العديد من الكفاءات والأسماء البارزة، وتلك التي أصبحت من الأسماء البارزة على صعيد الفن والثقافة والأدب.
ولفت بسيسو إلى أن مواكبة مسيرة هذه المؤسسة لهو مصدر فخر واعتزاز بالقدرة التي تعمل من خلالها رغم كل التحديات والمعيقات التي تواجهنا جميعا كشعب فلسطيني بسبب سياسات الاحتلال، وبسبب الظروف الداخلية التي تعيق العمل الثقافي أحيانا، وتلقي بظلالها على مجمل العمل الثقافي.
وشدد على أن الثقافة بكافة أبعادها المعرفية والتراثية والسياساتية والبرامجية تشكل الحائط الذي يمكن الاستناد إليه عندما نشعر بأن "هذا الوقت نواجه في الكثير من التحديات"، فالثقافة تشكل أيضا "المناعة ضد محاولات تفتيت المجتمع الفلسطيني".
وتابع: "قوة الثقافة الفلسطينية كانت وما زالت حاضرة بانفتاحها على ثقافات العالم، وربما لهذا لم يستطع الاحتلال الذي حاول أن يقهر الجغرافيا، قهر الإنسان الفلسطيني، فها نحن الآن، وبعد سبعين عاما على النكبة، نصر على كلمة الثقافة وعلى أن نكون هنا على أرضنا، ونحتفي بثقافتنا وتاريخنا، وبرموزنا الوطنية، ونتطلع إلى المستقبل بكل كبرياء وعمل، بعيدا عن أي شكل من الانكسار أو الهزيمة".
وأضاف: الثقافة لم تهزم ربما حوصرت السياسة وحوصرت الجغرافيا بآليات مختلفة من العمل والقهر العسكري وسياسات الاستيطان والحواجز والفصل، لكن الثقافة لم تقهر، وهذا هو دورنا جميعا كمؤسسات ثقافية بأن نعزز من حضور الثقافة في مجتمعنا الفلسطيني بأدواتها المختلفة، فنحن نؤمن بأن الاستثمار في البنى التحتية الثقافية أمر في غاية الأهمية كنقطة انطلاق تمنح فرصا للأجيال الجديدة، تخرج من المعاناة بأمل وإرادة بتحقيق مستقبل يليق بشعبنا وتطلعاته.
وأكد بسيسو أن الحديث عن دور الثقافة الفلسطينية في تطور المجتمع، وصون مقدراته التراثية والفكرية والإبداعية يطول، لكن مناسبة كهذه في حضرة الراحل الكبير عبد المحسن القطان، تجعلنا نتمنى لو أن يد القدر أمهلته المزيد من الزمن ليرى هذا الإنجاز الذي يتجدد كل يوم في عمل هذه المؤسسة القديرة التي نؤمن بأنها ستواصل مسيرتها وإنجازاتها من خلال مجلس أمنائها وإدارتها التي هي امتداد للرؤية التي تشكلت منذ تأسيسها.
وقال: رغم كل الألم الذي نعيشه، فإن افتتاح هذا المبنى يشكل مناسبة للفرح بافتتاح هذا المبنى الثقافي الذي نتمنى له أن يكون منصة للتعاون والتفاعل مع مختلف الأطياف الفلسطينية، وأن يجسر رسالة انفتاح الثقافة الفلسطينية على الثقافات المتعددة، لأن هذا وإن كان يخدم ثقافتنا، فإنه أكثر ما يقهر الاحتلال، فهذا الانفتاح يجسد صورة فلسطين الحضارية التي نؤمن بها، والتي نريد لها أن تكون عنوانا لأجيال مقبلة، بعيدا عن مناكفات السياسة، وعن محاصرة الجغرافيا، وعن كل ما يشكل عائقا أمام الحلم الفلسطيني فلسطينيا، مشددا على كون المشهد الثقافي الفلسطيني غني بمبدعيه وبرامجه المتنوعة، وعلى أهمية تعزيز التكامل الثقافي من أجل جيل قادم من أبناء فلسطين، جيل قادم من أجل تحقيق الحرية.
من جهته، شدد رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد المحسن القطان، عمر القطان على رسالة والديه فيما يتعلق بأهمية الوحدة الوطنية، واحترام القانون وعدم استخدام العنف، واحترام الحريات من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من الصمود أمام وحشية الاحتلال، ومحاولاته المستمرة والشرسة لاقتلاع شعبنا من وطنه وتجريده من حقوقه.
وقال القطان إن المبنى الجديد يشكل "مكانا للحرية والحوار والتأمل، ومساحة للإبداع والبحث، وبيتا لكل فلسطينية مهما كانت خلفيتها، ولكل فلسطيني مهما كان رأيه، بيتا مضيافا يرحب بأصدقاء فلسطين العرب والدوليين، ومكانا منفتحا على شتى الأفكار والابتكارات الجديدة".
وأضاف: "لما كان هذا المبنى هو إحدى ثمار عملنا في مجالي الثقافة والتربية منذ أكثر من عشرين عاما، فإننا نرى فيه نموذجا للجهد الجماعي، وللاتقان، والطموح الذي بإمكان الفلسطينيين أن يتحلوا به رغم الصعوبات والتحديات".
من ناحيته، قدم مدير عام المؤسسة زياد خلف، شرحا عن مشاريعها في مجال البنية التحتية الثقافية، متحدثا عن أبرز مكونات المبنى الجديد، كمكتبة ليلى مقداوي القطان، التي تناهز مجموعتها 30 ألف كتاب في التربية والثقافة والعلوم الاجتماعية، وجاليري لعرض الأعمال الفنية البصرية، ومسرح يتسع لـ112 شخصا، تقدم فيه عروض أدائية مسرحية وموسيقية متنوعة، إضافة إلى عروض أفلام وأمسيات أدبية ومحاضرات، واستوديو للفنون الأدائية، وآخر للفنون البصرية، علاوة على شقتين صممتا لاستضافة فنانين وكتاب وخبراء من الخارج ومن فلسطين، وقاعة مؤتمرات وندوات وورش عمل تتسع لحوالي 300 شخص، غير الفضاءات المفتوحة من شرفات وحدائق تنتظم فيها فعاليات ثقافية وفنية وتربوية في الهواء الطلق.