تحدث مستشرق وخبير إسرائيلي الثلاثاء، عن حقيقة الفرحة الإسرائيلية بالتوجه الروسي نحو إخراج إيران من الأراضي السورية، في الوقت الذي تعد فيه طهران أداة مهمة لموسكو، في صراعها مع الغرب.
وأوضح أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة "تل أبيب" إيال زيسر في مقال له بصحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "الرئيس الروسي حينما دعا لخروج كل القوات الأجنبية من سوريا، كان يقصد أولا وقبل كل شيء القوات الأمريكية التي لا تزال تسيطر على ربع الأراضي السورية، ولا سيما في المناطق الكردية في شمال شرق سوريا".
وشدد زيسر على أنه "لا فلاديمير بوتين ولا بشار الأسد طلبا على الإطلاق من الإيرانيين الرحيل، وهذا متناقض مع التقارير الواردة في وسائل الإعلام الإسرائيلية"، مبينا أن "إيران لم تستثمر في سوريا وتفقد آلاف من مقاتليها، لأجل الانصراف من سوريا هكذا فجأة".
ولفت إلى أن "الروس يرغبون انسحاب الأتراك من المناطق التي يحتجزونها في شمال سوريا، ومن ثم سماح إسرائيل للأسد بالسيطرة على الجولان وتصفية الثوار الذين تمنحهم تل أبيب حتى الآن الرعاية والدعم"، وفق قوله.
وأكد الخبير الإسرائيلي، أن "إيران ليست على بؤرة الاستهداف الروسي، إذ إن موسكو لا ترى فيها منافسا أو خصما (على الأقل حاليا)، فهي ببساطة وسيلة الدفع التي بواسطتها يسعى الروس لتحقيق أهدافهم في سوريا".
ونوه إلى أن "روسيا تفهم مخاوف إسرائيل من إيران، كما أنها لا تريد أن يجن جنون إسرائيل فتمس بنظام الأسد، الذي كادوا يجلبونه لخط النهاية والنصر"، مضيفا أنه "لهذا السبب، فإنهم مستعدون لمساعدة الجهود لسحب القوات الإيرانية من حدود الجولان، وهو المطلب الذي بتقديرهم يمكن للإيرانيين قبوله".
وتابع: "هذا بمثابة تنازل مؤقت ومحلي في الطريق، للهدف الأكبر لطهران، وهو تثبيت تواجدها في سوريا"، مشيرا إلى أن "الروس تعهدوا من قبل في اتفاق وقعوه مع الأمريكيين قبل نصف سنة، بإخلاء الإيرانيين من الحدود مع إسرائيل، إلى جانب منع هجمات الأسد على الثوار في جنوب سوريا، غير أن إيران لم تترك جنوب سوريا، كما يستعد الآن الأسد لمهاجمة الثور".
وبحسب الخبير الإسرائيلي فإن "مما يشغل البال، ليس الاستعداد الروسي لإلقاء الاتفاق الموقع في سلة المهملات، بل الاستعداد الأمريكي للسير في التيار مع خرق الاتفاق الذي أعطوه رعايتهم"، مبينا أن "الأمر لا يعني أنه لا توجد بين إيران وروسيا منافسة خفية بل وتوتر بنيوي؛ من خلال سيعهما للسيطرة على سوريا بعد انتهاء الحرب".
"كما ينبغي الافتراض بأن الأسد سيسعى في المدى البعيد للتخلص من التواجد والتدخل المتغلغل للإيرانيين في شؤونه الداخلية، والذي يهدد بالتسلل لمؤسسات الحكم والجيش، وحتى الطائفة العلوية"، وفق الخبير الإسرائيلي الذي أكد أن "الأسد لن يرغب في أن تورطه إيران في مواجهة مع إسرائيل، لأنه يعرف بأن إسرائيل ليست هي العدو أو المشكلة المركزية التي يواجهها".
وأكد أنه "في الأشهر القادمة، يحتاج سواء الأسد وبوتين للإيرانيين، فإلى جانب الطائرات الروسية، فإن قوات إيران وحزب الله جلبت النصر وهي تحافظ على تفوق نظام الأسد على الأرض"، لافتا إلى أن "مشكلة روسيا وحربها الباردة مع واشنطن والغرب، وليس مع إيران".
وبين أن "إيران تشكل في أيدي الروس أداة في صراعهم ضد الغرب، ولا معنى للتخلي عنها بالنسبة لهم"، متسائلا: "هل فك الارتباط عن إيران سيجعل الأسد حبيب الأسرة الدولية ويفتح له الأبواب في واشنطن؟ وهل إخراج إيران من سوريا سيمنح بوتين نقاطا في الصراع في العديد من أجزاء العالم، حيال واشنطن والغرب؟ من الواضح أنه لا".
وقدر الخبير الإسرائيلي، أنه "مما قد ينشأ عن ذلك هو إمكانية الوصول لتفاهمات هزيلة على إبعاد الإيرانيين عن الجبهة مع إسرائيل، التي ليس واضحا على الإطلاق إذا كان للروس رغبة أو قدرة على تنفيذها"، مؤكدا أن "المعركة لدحر أقدام إيران عن سوريا لا تزال بعيدة عن النهاية".