رام الله الإخباري
تشير تقديرات المستويين العسكري والسياسي في إسرائيل إلى أن روسيا مستعدة لمناقشة إبعاد أو سحب القوات الإيرانية أو "الميليشيات" الموالية لها، وعلى رأسها حزب الله اللبناني، من المنطقة التي تستطيع أن تشكل منها تهديدًا على إسرائيل.
وبحسب المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن التغير في الموقف الروسي جاء إثر الضربات العدوانية الإسرائيلية على مواقع بسورية، في العاشر من أيار/ مايو الجاري، وذلك لتخوف روسيا من أن تتسبب الهجمات الإسرائيلية بزعزعة نظام الأسد.
وأشار هرئيل، في صحيفة "هآرتس"، مساء اليوم، الأحد، إلى أن "روسيا اجتهدت خلال الفترة الأخيرة في محاولة دمج الولايات المتحدة في اتفاقيات التهدئة على الأراضي السورية، وفي سياق الاتصالات الجارية بهذا الخصوص، ألمح الجانب الروسي إلى استعداده لإبعاد القوات الإيرانية عن المناطق التي احتلتها إسرائيل عام 1967 من الجولان السوري، وإن لم يكن ذلك بالضرورة يفضي إلى إبعاد جميع القوات الموالية لإيران من الأراضي السورية".
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، بالتنسيق مع الأردن، توصلت الولايات المتحدة الأميركية إلى اتفاق مع الجانب الروسي على مناطق خفض التصعيد في الجنوب السوري، وحينها، ضغطت إسرائيل نحو التوصل لاتفاق ينص على إبعاد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها عن خطّ وقف إطلاق النار، إلى مسافة تصل إلى 60 كيلومترا في العمق السوري (إلى الشرق من طريق دمشق-درعا)، وفي اجتماعٍ آخر، طالبت إسرائيل بإبعاد القوات الإيرانية حتى المناطق الشرقية من طريق دمشق-السويداء، والتي تبعد نحو 70 كيلومترا عن المناطق المحتلة من الجولان.
لم يستجب الروس للضغوطات الإسرائيلية، آنذاك، ونصّ الاتفاق مع الجانب الأميركي، حينها، على أن تبقى إيران والقوّات الموالية لها على بعد خمسة كيلومترات شمالي خطوط المواجهة بين قوات النظام السوري والمسلحين، أي ما يقدر بمسافة تصل من 5 إلى 20 كيلومترا من الجولان المحتل.
وبحسب هرئيل، فإنه "من الناحية العملية، لم يلتزم الإيرانيون بهذه الشروط، إذ رصد جيش الاحتلال الإسرائيلي قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية لها في بعض الأحيان بالقرب من منطقة نفوذ الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة".
ومنذ ذلك الحين لم تستأنف المحادثات الأميركية الروسية بهذا الشأن، بحسب هرئيل، الذي أكد أن الروس "يلمحون إلى استعدادهم لإعادة النظر في مواقفهم السابقة، ومن ضمنها كل ما يتعلق بالشأن الإيراني"، وقال إن "روسيا في نهاية المطاف، وفي ظل الهجمات الإسرائيلية المتكررة على ما تدعي أنها أهدافًا إيرانية في الأراضي السورية، والدعم العلني الذي تتلقاه إسرائيل من إدارة ترامب، ستوافق على إبعاد الإيرانيين حتى المناطق الشرقية من طريق دمشق-درعا، والتي تبعد 60 كيلومترا عن المناطق المحتلة من الجولان السوري؛ وفقًا للمطلب الإسرائيلي".
واعتبر هرئيل أن "رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بات غير معنيٍ بالوجود العسكري الإيراني على الأراضي السورية، وذلك لتجنب احتكاكٍ مباشرٍ مع إسرائيل"، إذ تزعم التقديرات العسكرية الإسرائيلية أنها دمرت نصف قدرة الدفاعات الجوية السورية خلال الغارات التي أعلنت عن تنفيذها، مؤخرًا، ضد أهداف إيرانية.
علمًا بأن إسرائيل شنت سلسلة غارات عدوانية على أهداف في سورية ادعت أنها عسكرية إيرانية، قتل فيها ضباط إيرانيون، بينهم المسؤول عن منظومة الطائرات دون طيار الإيرانية في سورية.
ووفقًا للمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، يتواجد في سورية نحو 2000 إيراني من ضمنهم ضباط ومستشارون عسكريون وعناصر بارزة من الحرس الثوري الإيراني التابعة لفيلق القدس، بالإضافة إلى 9000 مقاتل في صفوف ميليشيات عسكرية أفغانية وباكستانية وعراقية، وحوالي 7000 مقاتل في صفوف حزب الله اللبناني.
وأكد هرئيل أن القيادة السياسية في إسرائيل مقتنعة تماما أنها وبمساعدة الولايات المتحدة الأميركية وفي ظل المستجدات التي طرأت على سياسة الأطراف الضاغطة في المنطقة، في وضع جيد الآن للتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق يفرض أمر واقع جديد في سورية بالتعاون مع الروس وتحت عنوان "منطقة خالية من داعش والإيرانيين".
وكان الرئيس بوتين قد أعلن، خلال لقائه مع الأسد، الأسبوع الماضي، أن بداية العملية السياسية في سورية ستساهم في انسحاب "القوات المسلحة الأجنبية" من البلاد.
وفسرت السلطات الروسية هذه التصريحات بطريقة متناقضة.
فقد اعتبر موفد الكرملين إلى سورية، ألكسندر لافريتييف، أن هذه التصريحات تعني "الأميركيين، الأتراك وحزب الله بالتأكيد والإيرانيين".
لكن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أوضح أن اعلان بوتين يتعلق بالقوات الأجنبية الموجودة في سورية "بحكم الأمر الواقع بطريقة غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي"، وهذا يستبعد على ما يبدو إيران حليفة دمشق.
عرب 48