رام الله الإخباري
نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للصحافي كولين دروري، حول انتخاب عمدة مسلم لمدينة شفيلد في شمال إنجلترا، يقول فيه إنه عندما دخل مكتب العمدة وجده جالسا وقدماه على المكتب، وكان يرسل رسائل بريد إلكتروني حول إنشاء منصب لشاعر المدينة.
ويستدرك التقرير، بأنه "بالرغم من محيطه الفريد -من أثاث مصنع من خشب الماهوجني والفرش الفاخر وكؤوس الشاي الصيني- إلا أنه يشتم مثل جندي من يوركشاير، ويضحك ضحكا معديا، وهو لا يزال يلبس حذاء الدكتور مارتينز وقلادة الاحتفالات، ويبتسم قائلا: (إنها قطعة زينة جيدة)".
ويقول دروري: "عندما سألته عن شعوره بخصوص ردود الفعل على مستوى العالم على صورة التنصيب الرسمية، فإن رد مجيد مجيد كان غير تقليدي، مثل الصورة ذاتها، فأجاب مجيد قائلا: (صديقي.. (شتيمة) لقد كان موقفا سرياليا، إنه جنون.. لم أكن أتوقع شيئا من هذا)".
وتذكر الصحيفة أن انتخاب الشاب البالغ من العمر 28 عاما في المدينة الواقعة في جنوب مقاطعة يوركشاير عمدة لها، حظي بتغطية إعلامية عالمية، كما وصلته التهاني من نيويورك حتى سوريا، وغردت مقدمة الأخبار على "آي تي في" على "تويتر"، قائلة إنها قد تكون "وقعت قليلا في حبه".
ويجد التقرير أن هذا الاهتمام يأتي جزئيا بسبب خلفيته وماذا حقق، فمجيد ليس فقط أصغر عمدة ينتخب للمدينة، والأول من حزب الخضر، لكنه أيضا مسلم ولاجئ من الصومال، جاء إلى بريطانيا في سن الخامسة، ولم يكن يتحدث اللغة الإنجليزية، وفي جزء آخر بسبب تلك الصورة، حيث يجلس القرفصاء على درابزين الدرج داخل بناية مجلس المدينة، التي تعود للعهد الفيكتوري، وهو يلبس قلادة الاحتفالات الخاصة بالعمدة وحذاء من نوع الدكتور مارتينز.
وينقل الكاتب عن مجيد، قوله: "صديقي.. ليس عندي أدنى فكرة لماذا وصلت إلى هذا المنصب.. لم يكن أمرا مخططا له، أنا كنت فقط أتصرف بعفوية، لقد كان قبلي (121) عمدة وأحترمهم جميعا، لكن أريد أن أظهر أنني سأقوم بالأمور بشكل مختلف.. أردت أن أقول إن هذه المدينة هي لنا جميعا".
وتلفت الصحيفة إلى أنه تم انتخاب مجيد بعد ترشيحه من زملائه الثلاثة في المجلس من حزب الخضر، مشيرة إلى أنه عندما سأل الكاتب لاحقا أحدهم، وهي أليسون تيل، عن سبب ترشيحهم له، فإنها قالت: "إنه لطيف وجذاب.. ولم أقابل أحدا لا يحبه، إنه ولد ليكون عمدة".
ويفيد التقرير بأن رسالته الأساسية التي يريد إيصالها خلال سنته في المنصب هي إلهام الآخرين، حيث قال: "إن كان فعلي لهذا -كوني مهاجرا أسود ومسلما- يمكنه حث شخص للخروج والقيام بتغيير جزئه من العالم، فإن مهمتي تمت.. وأن أجعل الناس يتحدثون عن شفيلد بأنها مدينة رائعة ومتنوعة".
وينوه دروري إلى أن مجيد دخل المقر في حفل تنصيبه على موسيقى (ستار وورز)، وشكر أمه لتحمل كل أذاه عندما كان صغيرا، وأوضح قائلا: "كنت مراهقا عاديا، والأمر المهم كان شكر أمي لأنها سبب وجودي هنا؛ بسبب شجاعتها وتصميمها على حياة أفضل".
وبحسب الصحيفة، فإن أمه أمينة ديريا هي التي أخذت مجيد، الذي كان صغيرا، وأخته، التي تكبره حنان ماه، من برعو التي تمزقها الحرب في شمال الصومال، وبعد 6 أشهر في مخيم لاجئين في أثيوبيا، وصلوا إلى شفيلد، وعملت أمه في التنظيف.
ويشير التقرير إلى أن مجيد كان جيدا في المدرسة، وبعد أن انقطع عن الدراسة لفترة قصيرة، حيث ذهب لتسلق جبل كاليمنغارو، فإنه عاد ودرس أحياء الكائنات البحرية في جامعة هل، وهناك انتخب رئيسا لاتحاد الطلاب.
ويورد الكاتب نقلا عن مجيد، قوله: "كنت أهتم بالقضايا، لكني كنت ساذجا بالنسبة للسياسة.. وأتذكر في حملة انتخابية سألني أحدهم إن كنت سأنضم إلى اعتصام، فأخذت أفكر ما هو الاعتصام؟ لكني غامرت وأجبته، طبعا سأنضم.. فعلا التصفيق".
وتلفت الصحيفة إلى أنه في حوالي عام 2015، ومع صعود حزب الاستقلال للمملكة المتحدة اليميني المعادي للمهاجرين، انضم مجيد إلى حزب الخضر في شفيلد، حيث كان يعمل في التسويق الرقمي، وتم انتخابه لمجلس المدينة في السنة التالية.
وقال مجيد للصحيفة: "إن تنامي هذه اللغة المعادية للأجانب تؤثر علي وعلى من أحب.. وهناك قول بأنك إن لم تمارس السياسة فإن السياسة ستقضي عليك، وشعرت أنني لا أستطيع الجلوس متفرجا وأسمح لهذه اللغة بأن تمر دون تحد، إنها تضفي شرعية على العنصرية، ويجب معالجتها، وأردت أن أشارك في الحوار.. وكانت السياسة المحلية طريقة لفعل ذلك".
وينوه التقرير إلى أن من بين قناعاته الرئيسية: تطوير السلطة المحلية، والتعليم المجاني، ونهاية قروض الطلاب الخاصة، وإقامة جمهورية، كما أنه قال للصحيفة بأنه ضد الملكية الوراثية.
ويقول دروري: "الآن كونه عمدة للمدينة فإنه يجب أن يتصرف كذلك، وقال لي إنه حضر وليمة عشاء برباط أبيض في الليلة السابقة، وبأنه ذهب ليستأجر بزة فقيل له إن ذلك يكلف 120 جنيها، فقال إنه يريد استئجار البزة وليس شراءها".
وتستدرك الصحيفة بأنه يريد أن يوسع من الدور التقليدي للعمدة، ويعد بأنه سيشارك في النشاطات التي تتعلق بالمجتمعات غير الممثلة بما يكفي، ويريد أن يقوم السحرة والموسيقيون بأداء مهامهم في فترات الاستراحة في المجلس؛ كون ذلك وسيلة لتشجيع المزيد من الناس على المشاركة والتفاعل مع الديمقراطية المحلية.
ويذهب التقرير إلى أنه "كونه عضوا في حزب الخضر، فإنه كان مفاجئا أنه يدعو للتوافق بشأن مجزرة الأشجار التي تمت في شفيلد، حيث قام المجلس، الذي يسيطر عليه حزب العمال، بقطع آلاف الأشجار وسط احتجاجات واسعة".
وينقل الكاتب عن مجيد، قوله فيما يتعلق بهذا الأمر: "يجب علينا أن نجتمع معا ونتفق على حل؛ لأن الجميع -من الجانبين- يريد الأفضل للمدينة، فالأمر يتعلق بكيفية الوصول إلى الهدف".
ويقول دروري: "فأشرت إلى أنه يتحدث بصفته شخصا يمكنه أن يبلغ بعيدا في السياسة الوطنية، فهل يمكن أن يصبح عضوا في البرلمان؟".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى إجابة مجيد قائلا: "لا يا صديقي.. لكن لا أدري، فلا تقل أبدا لا.. لا أظن أن عضوية البرلمان هي الطريقة الوحيدة لفعل شيء، لكن ليست لدي خطة لذلك، فما دمت أدفع نفسي وأفعل شيئا لتحسين المجتمع فأنا سعيد، العام القادم في مثل هذا الوقت.. من يدري؟ يمكن أن أنضم إلى فرقة موسيقى سامبا .. أنا متماش مع ما سيحصل".
عربي 21