رام الله الإخباري
عاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الرياض في أعقاب جولة مطولة شملت الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، محملا باتفاقيات في شتى المجالات على رأسها العسكرية.
وبحث بن سلمان خلال جولته المطولة العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن وباريس ومدريد، بالإضافة إلى توقيع العديد من الاتفاقيات والبرامج الثنائية، ومناقشة القضايا الإقليمية والدولية.
وفي الجولة التي وصفها السعوديون بالتاريخية، وافقت الإدارة الأمريكية على صفقة أسلحة جديدة للسعودية بقيمة 1.31 مليار دولار، وقال بيان صادر عن وكالة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، إن وزارة الخارجية وافقت على بيع السعودية حوالي 200 مدفع ذاتي الحركة.
كما وافقت واشنطن في نهاية مارس، مع بدء زيارة ولي العهد السعودي، على عقود مع الرياض تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار تتعلق خصوصا بصواريخ مضادة للدبابات.
وعلقت الإدارة الأمريكية على الإعلان بقولها إنه سيساهم في السياسة الخارجية وفي الأمن القومي للولايات المتحدة، عبر تعزيز أمن شريك مهم كان وما يزال عاملا أساسيا للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط.
زيارة بن سلمان للولايات المتحدة ولقاءاته المكثفة مع العديد من الأطراف الفاعلة لم تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل ركز اهتمامه أيضا على التقنيات الجديدة من خلال الجولة التي قام بها داخل مقر شركة "لوكهيد مارتن" في وادي السيليكون الأمريكي ووقّع على أول قمر اصطناعي سعودي للاتصالات قبل إطلاقه إلى مدار الأرض، ناهيك عن زيارته لشركتي "آبل" و"غوغل".
واطلع ولي العهد السعودي على منظومة الدفاع الجوي THAAD التي تتفاوض المملكة على شرائها وتوطين تقنياتها.
إلى ذلك، كشفت وسائل إعلام سعودية أن زيارة ولي عهد المملكة، إلى الولايات المتحدة توجت بتوقيع 6 مذكرات تفاهم في المجال الدفاعي باستثمارات تبلغ قيمتها 128 مليار دولار.
وبحسب وثيقة نقلتها صحيفة "سبق" تم التوقيع على مذكرة نوايا تضمنت قائمة بالأنظمة الدفاعية التي ترغب المملكة بالاستحواذ عليها خلال السنوات العشر المقبلة، بما يتواءم مع متطلبات برنامج تطوير وزارة الدفاع وتعزيز قدراتها، وتقدر قيمة تلك المتطلبات بـ110 مليارات دولار سنويا أي ما يقارب 10 مليارات في كل سنة ضمن الميزانية السنوية لوزارة الدفاع السعودية.
وكانت للشركة السعودية للصناعات العسكرية "SAMI" حصة الأسد، إذ وقعت 5 مذكرات مع كل من شركة "تقنية" للطيران باستثمار يصل لـ6.1 مليار دولار، إلى جانب الشركات الأمريكية "رايثيون" و"لوكهيد مارتن" "بوينغ" و"وجينرال داينامكس" باستثمارات بنحو 12.494 مليار دولار، ليبلغ إجمالي هذه العقود المبرمة 18.5 مليار دولار، حيث من المتوقع أن تخلق 29 ألف وظيفة في كلا البلدين. فيما وصلت نسبة الإنجاز في مذكرات التفاهم إلى 25%.
وهدفت هذه المذكرات، حسب التقارير الإعلامية، إلى تطوير أنظمة الطائرات والسفن الحربية والمركبات، وتجميع وتصنيع طائرات "البلاك هوك" بنسبة محتوى محلي لا تقل عن 50% في كل منها.
وجاءت مذكرة التفاهم الثانية بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة "رايثيون"، وتخص تطوير القدرات المحلية في التصنيع، الصيانة، إصلاح الأعطال في أنظمة الدفاع الجوية، والذخائر الذكية، وأنظمة الـC4I، بالإضافة إلى الأمن السيبراني في أنظمة الدفاع، بإجمالي عقود متوقعة بـ644 مليون دولار، ومن المتوقع أن توفر أربعة آلاف وظيفة بحلول عام 2020 .
وأظهرت الوثيقة مذكرة التفاهم الثالثة بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية وشركة "لوكيهد مارتن" في مجال تطوير القدرات المحلية لتصنيع وتحديث السفن الحربية المتطورة والمراقبة الجوية "بالايروستات"، ويتوقع أن تكون العقود بقيمة 6.55 مليار دولار وستوفر بحلول عام 2020 حوالي 9000 وظيفة.
وتمثلت المذكرة الرابعة في عقد شراكة بين شركتي الشركة السعودية للصناعات العسكرية و"جينرال داينامكس" بعقد متوقع 880 مليون دولار في مجال تطوير القدرات المحلية لتصنيع صيانة وتعديل المركبات القتالية، ويتوقع أن توفر بحلول عام 2020 ألف وظيفة.
وأوضحت تقارير رسمية أن المصانع العسكرية في المملكة استطاعت خلال عام 2017 توطين صناعة 5258 صنفا، كما أن هناك شركات عالمية سلمت ستة آلاف صنف لتصنيعها محليًّا، فضلا عن أن أي منظومة تقادمت تتم إعادة صناعة قطعها في المملكة.
وبعد اختتامه الأسابيع الثلاثة في الولايات المتحدة ولقائه مسؤولين بالإدارة الأمريكية ومسؤولين أممين، توجه محمد بن سلمان إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتوجت زيارته إلى فرنسا بتوقيع اتفاقية حكومية جديدة لإبرام صفقات الأسلحة، وأطلقت باريس بالتعاون مع السلطات السعودية استراتيجية جديدة لتصدير السلاح للسعودية والذي كانت تتولاه حتى الآن شركة ODAS" التي تقوم حاليا برعاية المصالح الدفاعية الفرنسية في السعودية.
وتعتبر فرنسا، ثالث أكبر مصدر للسلاح في العالم، فيما تعد السعودية ضمن أكبر المشترين ولدى شركاتها الدفاعية مثل "Dassault" و"Thales" عقود ضخمة مع المملكة.
وفي السنوات القليلة الماضية اشترت الرياض دبابات وعربات مدرعة وذخيرة ومدفعية وسفنا حربية من فرنسا.
وفي عام 2016 أقرت فرنسا تصاريح بتوريد أسلحة ربما تصل قيمتها إلى 18 مليار يورو (22.11 مليار دولار) للسعودية وسلمت بالفعل ما قيمته مليارا يورو.
ورافقت الاتفاقات العسكرية اتفاقيات اقتصادية بلغت الـ20 وتجاوزت قيمتها 20 مليار دولار، ومن الصفقات المبرمة مذكرة تفاهم بين شركتي الطاقة "أرامكو" و"توتال" لبناء مجمع كبير للبتروكيماويات في الجبيل.
وفي ختام جولته، زار ولي العهد السعودي إسبانيا، حيث أجرى محادثات مع العاهل الإسباني، الملك فيليبي السادس بالعاصمة مدريد.
ووقعت إسبانيا والسعودية، الخميس 12 أبريل اتفاقية لصفقة بيع سفن حربية للرياض، بقيمة 1.8 مليار يورو (2.22 مليار دولار)، وتضمن العقد قيام شركة نافانتيا الإسبانية (المملوكة للدولة والمتخصصة في بناء السفن) بإنتاج وتجهيز 5 فرقاطات (حراقة أو كورفت)، كما تشمل قيام الجيش الإسباني بتدريب عسكريين سعوديين على استخدام هذه السفن الحربية.
وكانت وكالات الأنباء قد قالت إنه من المنتظر أن يوقع ولي العهد السعودي، على 5 مذكرات تفاهم في مجالات الثقافة والعلوم والتوظيف والنقل الجوي والدفاع عند لقائه رئيس الوزراء ماريانو راخوي.
جولة ولي العهد الديبلوماسية، والعسكرية، والإقتصادية، أعطت زخما وسلطت الضوء على المملكة التي أظهرت سعيها لامتلاك التكنولوجيات الجديدة والاتحاق بدرب الدول المتقدمة حماية لأمنها القومي من جهة وتطوير نفسها من جهة أخرى، ولعل ما نشرته وكالة "بلومبرغ" وتسليطها الضوء على الدوافع التي تقود السعودية لدخول نادي الطاقة النووية خير دليل على ذلك، حيث تعتزم أكبر مصدر للنفط بناء 16 مفاعل نووية بتكلفة تزيد عن 80 مليار دولار.
وقالت الوكالة الاقتصادية إن المملكة تخطط لاستخدام الطاقة النووية كوسيلة لتخفيف اعتمادها على الوقود الأحفوري، رغم امتلاكها ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، لكنها مدفوعة أيضا بالمنافسة مع إيران، التي تمتلك منشآت نووية متعددة.
روسيا اليوم