شكل هطول الأمطار في اليومين الماضيين، على أغلب مناطق الضفة الغربية، وإن كان بدرجات متفاوتة، ما يمكن اعتباره حالة ابتهاج لدى المزارعين الذين رأوا فيها "شتوة" تعزز أمثالهم الشعبية في أنها "تحيي الإنسان"، وتُزين وتطيل بعمر الربيع بمزيد من الخُضرة.
ويطلق الفلسطينيون، وربما غيرهم من الأقطار العربية المجاورة، على هذه الأمطار في هذا الوقت من السنة بـ"شتوة نيسان".ويرى المزارعون هذه الشتوة ضرورية لمنافعها على بعض الزراعات والمحاصيل الشتوية والصيفية بالمقام الأول، أكثر من أهميتها للمخزون الجوفي.يقول مدير دائرة الخدمات الارشادية في زراعة طوباس، المهندس منذر صلاح، هذه الشتوة مكملة للموسم الشتوي (..)، وتؤكد المثل القائل "نيسان فحلها، ونيسان محلها".
"هذه الشتوة عرفت منذ سنين أنها مفيدة للشجر(..)، تغسل أوراقه من الأوساخ والحشرات". يقول فريح دراغمة، وهو أحد المزارعين من مدينة طوباس.ويرافق عادة هذه الشتوة تدني في درجات الحرارة بشكل عام.
وعبّر عشرات المواطنين خلال في اليومين الماضيين، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، عن ابتهاجهم لهطول الأمطار "المتفرقة" على بعض المناطق، وما رافقها من أجواء باردة خصوصا في ساعات المساء، وشبّهوا هذه الأجواء بأيام "المربعانية"، خصوصا وأنه سبق هذه الشتوة ارتفاع لدرجات الحرارة بشكل ملموس.
وفي تاريخ المثل الفلسطيني، قال الفلاحون عن هذه الشتوة "شتوة نيسان بتحيي الإنسان"، للدلالة على ضرورة وجودها.يقول دراغمة "هذه شتوة ضرورية للمحاصيل البعلية المتأخرة أو ما تعرف بين المواطنين باسم "المقاثي"، وهي محاصيل بعلية مثل البندورة، والكوسا، تروى بماء المطر".
مزارعون من نابلس الواقعة شمال الضفة الغربية أكدوا ذلك."قديما كانت المقاثي التي تعتمد بشكل أساسي على شتوة نيسان تنتشر كثيرا، لكن في السنوات الأخيرة الماضية خفت هذه الزراعة في طوباس". أضاف دراغمة.
ويشير المهندس منذر صلاح، الى هذه الشتوة تشكل عاملا أساسيا لرطوبة الجو والأرض، والزراعة البعلية تعتمد عليهما بشكل كبير."إن توقف الأمطار في نيسان يتسبب في تلف المحاصيل البعلية". قال صلاح، عدا عن تأثيرها الايجابي على المياه الجوفية على المنطقة التي تعد من أكبر الأحواض المائية في فلسطين.
قيل في المثل الفلسطيني " شتوة نيسان بتسوى العدة والفدان".
وبحسب احصاءات مديرية الزراعة، وصلت نسبة الامطار خلال نيسان في محافظة طوباس إلى 20 ملم تقريبا. ويرى صلاح أن هذه الكمية ممتازة خصوصا للزراعات المتأخرة كالسمسم، والكوسا، وغيرها.
كما ويتعدى تأثير هذه الشتوة حدود الزراعة البعلية، ليصل إلى المراعي المنتشرة في مناطق شرق طوباس، حيثيعتمد المزارعون في الأغوار الشمالية على تربية الماشية.