رام الله الإخباري
لم يكن مستغرباً خبر إقالة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون من منصبه، وتعيين مدير وكالة "سي آي إيه" مايك بومبيو خلفاً له. منذ الخريف الماضي، اشتدت العزلة والاستثناء من القرارات المهمة، على تيلرسون، حتى وصلت إلى خواتيمها، بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أخيراً، موافقته على عقد لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في مفاجأة كان رئيس الدبلوماسية الأميركية بعيداً عنها، بالزمان والمكان، والعلم والخبر.
لكن اختيار بومبيو (53 عاماً)، الجمهوري وممثل "حزب الشاي" عن ولاية كنساس في الكونغرس، في المقابل، يوحي بأن الإدارة الأميركية ذاهبة إلى مزيد من التشدد، بعكس التفاؤل الذي عكسته القمة المحتملة بين ترامب وجونغ أون.
ولا يبدو ملف التحقيق بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، بعيداً عن هذا الاختيار، رغم أن أسبابه العميقة تعود إلى الخلاف المتفاقم بين ترامب ووزير خارجيته المغادر، على جبهات عدة، من سورية، إلى إيران، إلى الأزمة الخليجية، إلى أفغانستان، وما إلى ذلك من ملفات خارجية لم تتمكن الإدارة الحالية في البيت الأبيض، من وضع تصور نهائي لها.
هكذا، يدخل مايك بومبيو إلى الخارجية الأميركية، وفي سجله، أنه العين والأذن والفم، بالنسبة للرئيس الأميركي الحالي، والحائز على ثقته خلال عام، غادر فيه الكثيرون البيت الأبيض، وتبدلت فيه أسماء كثيرة داخل إدارة تعد من أكثر الإدارات الأميركية إثارة للجدل.
"سيقوم بعمل رائع"، هكذا علق ترامب على تعيين بومبيو خلفاً لتيلرسون. فقد تمكن مدير وكالة الـ"سي آي إيه" الحالي، من إحداث توازن دقيق داخل الوكالة، من خلال إدارة العلاقات المتوترة بينها، وبين رئيس الولايات المتحدة الذي قارن يوماً وكالات الاستخبارات الأميركية بـ"النازيين".
لكن بومبيو اشتهر قبل كل شيء، بمواقفه المعادية لإيران، ولروسيا. وعرف برفضه القاطع لإغلاق معتقل غوانتنامو، ودفاعه عن وسائل التعذيب الأميركية. كما برز بتشدده حيال ملف وزيرة الخارجية في عهد باراك أوباما، والمرشحة الديمقراطية الخاسرة أمام ترامب، هيلاري كلينتون، في ما يتعلق بهجوم بنغازي عام 2012، الذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي هناك. وهو كذلك من أشد المعارضين لسياسات أوباما، والمطالب بإلغاء الاتفاق النووي، والمندد برفض الرئيس الأميركي السابق توصيف الإرهاب بـ"الإرهاب الراديكالي الإسلامي".
ولبومبيو مواقف مؤيدة للتنصت العشوائي على المواطنين الأميركيين، ما دفع بعض الجمهوريين إلى توجيه انتقادات واضحة له.
وأخيراً، فإن تأجيجه للإسلاموفوبيا عبر تشدّده مع الإسلام والمسلمين ليس أقل حدة، إذ عرفت عنه آراؤه المتشددة ضد الأقليات، وسبق أن اتهم المسلمين وبعض القيادات الإسلامية بتواطئها مع الإرهاب. وله تصريحات سابقة لمواقف ترامب نفسه ضد المهاجرين، حيث توعد بطرد ملايين منهم. وحذر سياسيون أميركيون من أن بومبيو سيعيد وكالة الاستخبارات الأميركية إلى "أيامها السوداء".
لكنه لا يتفق كثيراً مع ترامب على ما يبدو، في ما يتعلق بالموقف من روسيا، إذ إنه يحمل مواقف معادية لروسيا، ودعا في أكثر من موضع إلى اتخاذ "إجراءات أقسى بحقها".
العربي الجديد