الحمد الله : المصالحة خيار استراتيجي لا رجعة فيه

المصالحة الفلسطينية

قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "المصالحة خيار استراتيجي لا رجعة فيه، ونؤكد ان المعابر تحتاج إلى أمن، ونأمل أن تجد الفصائل في اجتماعها في القاهرة هذا الشهر حلا لقضية الأمن، بما يمكّن الحكومة بشكل كامل في غزة".
 
جاء ذلك خلال كلمته في "المؤتمر السادس للتراث الشعبي في محافظة جنين والجليل"، اليوم الأربعاء بمدينة جنين، بحضور محافظ محافظة جنين إبراهيم رمضان، ورئيس جامعة القدس المفتوحة د. يونس عمرو، وعدد من الشخصيات الرسمية والأمنية والاعتبارية، والباحثين والأكاديميين.
 
وأضاف الحمد الله: "إننا نحث الخطى على أكثر من صعيد، لصون تراث شعبنا من السرقة والضياع والتشتيت بإعمال حقوقه والوصول بها إلى كافة المحافل الدولية لضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا وصون هويتها ومكانتها وحماية مواقعنا الأثرية التراثية، وإننا نتطلع إلى العمل البناء، مع كافة المؤسسات الأهلية والخاصة والمجتمع المدني، في كنف غزة لترميم مواقعها الأثرية وحفظ التراث الثقافي والحضاري والمعماري فيها والذي تعرضت جوانب منه للسرقة والإهمال وكذلك للتدمير بفعل العدوان الإسرائيلي المتكرر عليها".

وتابع الحمد الله: "تتملكني كل السعادة والفخر، وأنا أشارككم اليوم افتتاح مؤتمر التراث الشعبي في محافظة جنين والجليل، الذي يعد منبرا وطنيا حيويا لصون الهوية والوحدة وترسيخ التراث. ويكتسب هذا المؤتمر أهمية متزايدة في نسخته السادسة، حيث يعقد لأول مرة، بالتعاون مع أبناء شعبنا الفلسطيني في أراضي 48".
 
وأضاف رئيس الوزراء: "نيابة عن فخامة الأخ الرئيس محمود عباس، أحيي جامعة القدس المفتوحة، على احتضانها لهذا المؤتمر الإستثنائي في رمزيته ودلالاته، وأشكر كافة الباحثين والأكاديميين والمختصين، حماة تراثنا وفلكلورنا الوطني، الذين وضعوا كامل جهودهم للمساهمة في توظيف وتطويع التراث الشعبي لتكريس هويتنا الوطنية الجامعة وتعزيز الأواصر مع أهلنا في الداخل، في الناصرة والكرمل والجليل والمثلث، وفي كل جزء نابض بالألم والأمل الفلسطيني".
 
وأردف الحمد الله: "لقد ظل تراثنا الوطني  لصيقا ومرتبطا بشعبنا الفلسطيني في كافة مراحل نضاله الطويل والعنيد من أجل الحرية والاستقلال والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، فمن خيام التشرد وحطام النكبة والتمزق، ومحاولات تذويب الهوية وتشتيتها، إلى انبعاث الوطنية الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير، قائدة النضال نحو العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة، وحتى تأسيس أول سلطة وطنية فلسطينية، التي جاءت كثمرة لتضحيات الشهداء ومعاناة الأسرى وملايين اللاجئين والمشردين، وكأبرز إنجاز حققته الانتفاضة الشعبية التي انطلقت عام 1987، انبرى شعبنا على صون تراثه وإرثه الغني، وحمل ذكرياته المثقلة بالألم والمعاناة والتدمير، وتجاوز بها ويلات النكبات وتحدى بقوتها مخططات الاقتلاع والمصادرة. فظلت الرواية والأشعار والحكايات والحرف ولم تسقط الأزياء والأغاني والأمثال، فبقيت الثقافة الفلسطينية متقدة وحية بل وصامدة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته".
 
واستدرك رئيس الوزراء: "نعم لقد أعاد شعبنا الفلسطيني بوحدته وتوقه للحرية والعودة، الروح والحياة لقضيته الوطنية وعبد لها طريقها إلى الوعي الدولي والضمير الإنساني، فكانت ولا تزال حاضرة في خارطة السياسة الدولية، بعد أن كان يتهددها الاندثار والموت والنسيان، ذلك لأن التراث الشعبي لم يسقط أو يتهاوى، بل كان دائما السلاح الذي به نواجه مخططات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي". 
 
وقال الحمد الله: "ونحن نقترب من الذكرى الثالثة عشر لاستشهاده، نستذكر الزعيم الخالد ياسر عرفات، الذي نهض بقضيتنا من قلب المعاناة ومن مآسي النكبة والتهجير والشتات، إلى دروب الثورة والكفاح والمقاومة. فكان هو ورفاق دربه من المؤسسين ورواد العمل الوطني ورموز العمل الثقافي والفكري والشعب الفلسطيني بأسره، حراس التراث الوطني الذي يمثل أبرز ركائز الهوية الفلسطينية الجامعة والراسخة. فالتراث هو روح الشعب وثقافته وتاريخه وذاكرته الجمعية".
 
وأضاف رئيس الوزراء: "منذ سبعة عقود وشعبنا متمسك بهويته وتراثه وبإرثه الثقافي والحضاري، في وجه احتلال استيطاني توسعي، يمعن في هيمنته على أرضنا ويقطع أوصالها ويحاصرها بمخططات التهجير والاقتلاع، ويحكم حصاره حول قطاع غزة ويحاول تكريس إنفصاله، ويسعى إلى عزل القدس عن محيطها وتغيير معالمها والسيطرة على مقدساتها. إن إسرائيل بهذا، إنما تواصل ممارساتها الهادفة إلى اقتلاع شعبنا وتبديد تراثه وتقويض أية فرصة للتوصل إلى سلام عادل يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا".
 
وأوضح الحمد الله: "إزاء هذا، عقد شعبنا العزم على ترسيخ إرثه للأجيال القادمة وحماية بلداته القديمة وإقامة الأنشطة الشعبية والتراثية فيها وتشجيع السياحة إليها، وعملنا على إدراج كنوزنا ومعالمنا العمرانية التاريخية في قائمة التراث العالمي لتعزيز وصون هويتها. كما عملت المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية بتوجيهات من السيد الرئيس محمود عباس على إبراز التراث وحفظ المواد التراثية وإنتاج الروايات عن تاريخ فلسطين ومكانتها وثقافتها، من خلال تأسيس المتاحف كفضاء تعليمي وثقافي وإقامة المهرجانات والمعارض والمؤتمرات التراثية في الوطن وفي الخارج، وكذلك استغلال الفضاء الإلكتروني لتعزيز روابط الفلسطينيين ببعضهم وبتراثهم الشعبي وتكريس حضور بلادنا ثقافيا على الصعيدين العربي والدولي".
 
واستطرد رئيس الوزراء: "لقد اعتمدت القيادة والحكومة استراتيجية قطاعية للثقافة والتراث، لتحقيق التبادل والتواصل الثقافي  وتعميق الثقافة الوطنية الديمقراطية والإنسانية، وتوجهت نحو دعم الإنتاج الثقافي المبني على الموروث، ودعم الصناعات الثقافية والحرفية، كما تبنينا خطة وطنية لجمع التراث الشعبي وأسسنا له سجلا وطنيا، وأصدرت، وزارة الثقافة، العديد من الكتب والدراسات في قضايا التراث وحفظه وتوثيقه تمهيدا لتسجيل بعض عناصرها على القوائم التمثيلية العالمية لمنظمة اليونسكو، هذا بالإضافة إلى إنجاز المسودة النهائية لقانون التراث الثقافي غير المادي لتنظيم العمل في قطاع التراث وحمايته وتعزيزه، وقد انصب العمل أيضا على تعزيز العلاقة مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، لجمع التراث المشترك واعتماد بوابة إلكترونية واحدة".
 
وتابع الحمد الله: "إننا ندرك أن الحفاظ على الإرث وحماية وطننا وهويتنا، يتطلب العمل المشترك مع كافة الأطراف والشراكات لتشجيع الفكر العلمي والإبداع والابتكار، وهو ما نراه اليوم واضحا في رحاب هذا المؤتمر الهام، وبالمقاربة بين محافظة جنين ومنطقة الجليل التي على أرضهما تأصلت مبادئ التعايش والإخاء بعيدا عن التهميش والتمييز والعنصرية، وتولدت قيم تراثية وشعبية نتشاركها حتى يومنا هذا ورغم كافة المعيقات".
 
واختتم رئيس الوزراء كلمته: "نيابة عن فخامة الرئيس محمود عباس أشكر كل الجهود التي ساهمت في تنظيم مؤتمر التراث الشعبي في محافظة جنين والجليل وإغنائه بأوراق العمل والدراسات وباللوحات الفنية والتراثية. واشكر جامعة القدس المفتوحة، هذه الجامعة العريقة التي تحقق الانجاز تلو الانجاز. فمن خلالكم، إنما نعزز وحدتنا وتواصلنا مع أهلنا في الداخل، ونوسع الوعي بأهمية حفظ التراث الوطني بكافة مكوناته. وإننا نتطلع إلى عقد مؤتمرات مماثلة قريبا في غزة، وفي المزيد من بلدات ومدن الداخل، لنستذكر ونحيي تراثنا الوطني المشترك".