الكشف عن السبب الرئيسي في اعتقال السلطات المصرية لابنة يوسف القرضاوي

اعتقال السلطات المصرية لابنة يوسف القرضاوي

رام الله الإخباري

اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن اعتقال علا القرضاوي ابنة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي في مصر هو بسبب الأزمة الخليجية والخلاف بين النظام المصري تحديداً والدوحة، وليس لأي شيء أخر.

وقالت الصحيفة الأميركية السبت 21 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إن علا القرضاوي، المسجونة في زنزانةٍ صغيرة بلا نوافذ أو فراش أو مرحاض، والممنوعة من استقبال الزيارات، والموضوعة في الحبس الانفرادي بصورةٍ مستمرة منذ أشهر، معتقلة على الأرجح بسبب خلافٍ جيوسياسي ثخين بين أثرى وأكبر بلدان الشرق الأوسط.

اُعتُقِلَت علا، 55 عاماً، في يونيو/حزيران الماضي حين اقتحم ضبَّاط جهاز الأمن الوطني المصري فيلا عائلتها الصيفية المطلة على ساحل البحر المتوسط. ومنذ ذلك الحين، يقول محاموها إنَّها حُرِمَت من الامتيازات الأساسية، ويُسمَح لها كل صباح باستراحةٍ واحدة فقط مدتها 5 دقائق لدخول المرحاض.

وفي نفس الشهر وقعت الأزمة الخليجية بين دولة قطر من ناحية و4 دول عربية أخرى وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين.

وحاصرت الدول الخليجية الثلاث قطر، ومنعت دخول القطريين أراضيها وأغلقت المنافذ البرية والبحرية والجوية في وجهه القطريين.

تهمة غير واضحة

وبحسب الصحيفة الأميركية لا يعرف حتى الآن ماهية الجريمة التي تستحق كل هذه الظروف القاسية، التي تعيشها ابنة القرضاوي إذ لم تُوجِّه السلطات المصرية بعد اتهاماتٍ رسمية لعلا، التي تعمل في إحدى السفارات وتحمل إقامةً أميركية دائمة، أو لزوجها حسام خلف، المُحتَجَز في ظروفٍ مُشابِهة بسجنٍ آخر في القاهرة. وتقول وسائل الإعلام التابعة للدولة إنَّهما متهمان بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.

وقالت آية خلف، ابنة علا القرضاوي للصحيفة الأميركية: إن السبب الرئيس وراء اعتقال والدايَ "جزءٌ كبير منه متعلق بالأزمة الخليجية".

وكان أحد المطالب التي قدَّمتها تلك الدول الأربع يتمثَّل في أن تتوقف الدوحة عن دعمها للإسلاميين البارزين مثل والد علا، الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يحمل الجنسية القطرية، ولكن الدوحة تعتبر ذلك تدخلاً في السيادة الوطنية لها.

ويُعَد القرضاوي واحداً من أكثر الدعاة التلفزيونيين شهرةً في العالم العربي. وعلى مدار سنوات، جذب ظهوره المُنتظِم في برنامج "الشريعة والحياة" على شاشة قناة الجزيرة عشرات الملايين من المشاهدين. ونبعت شعبيته من توجيهاته البسيطة النابِعة من الدين بخصوص مجموعةٍ واسعة من الموضوعات، التي كان يخشى أن يتحدث فيها علماء دين من قبل.

وبحسب نيويورك تايمز، يحظى القرضاوي، المقيم في قطر منذ فترةٍ طويلة، بقبولٍ أقل لدى الحكومات الغربية؛ إذ رفضت بريطانيا، والولايات المتحدة، وبعض دول الاتحاد الأوروبي منحه تأشيرات دخول بسبب بعض التصريحات التي تراها هذه الدولة متشددة.

ومنذ 4 سنوات لم يظهر القرضاوي رجل الدين البارز البالِغ 90 عاماً في شاشات التلفاز، لكن لا يزال يُنظَر إليه بصورةٍ واسعة على أنَّه الأب الروحي لجماعة الإخوان المسلمين، ويمثَّل وجوده في قطر مصدر إزعاج طويل للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحسب الصحيفة الأميركية.

وبعد إطاحة الجيش المصري بمحمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين من منصبه كرئيس مصر المنتخب في عام 2013، حثَّ القرضاوي المصريين على الانتفاض ضد السيسي.

مطالبة قطر بتسلم القرضاوي

وبعد فترةٍ وجيزة من فرض الحصار على قطر في يونيو/حزيران، عزَّزت مصر طلبها بتسليم القرضاوي باعتباره شرطاً لرفع الحصار. لكن الدوحة رفضت ذلك على اعتبار أنه يحمل الجنسية القطرية، كما أن التهم التي يروجها النظام المصري ضد رجل الدين لا تخرج عن إطار الخصومة السياسية، بحسب الصحيفة الأميركية.

وبعد ذلك، في 30 يونيو/حزيران، اعتقلت قوات الأمن المصرية ابنته وزوجها، حسام خلف، 58 عاماً، وداهمت قوات الأمن شقتهما في القاهرة، وصادرت أموالاً، ومجوهرات، ووثائق. وفي أغسطس/آب، جمَّدت السلطات أصول الزوجين التي، بحسب قولها، كانت تُستخدَم لتمويل الإخوان المسلمين.

لم تكن أبداً ناشطة

وتُصِر علا أنَّها لم تكن أبداً نشطةً في الحياة السياسية، وأدانت منظمة هيومان رايتس ووتش ومنظماتٌ أخرى اعتقالها ووصفته بأنَّه مدفوعٌ سياسياً. وعلى الرغم من أنَّ السيسي سجن الآلاف من أنصار الإخوان منذ 2013، تُرِك بصورةٍ عامة أفراد عائلات هؤلاء من الإناث وشأنهم. وبالنسبة للمنتقدين، يحمل اعتقال الزوجين نكهة ثأرٍ مرتبطة بالأزمة الخليجية، بحسب الصحيفة الأميركية.

فكتب مصطفى النجار، وهو عضوٌ سابق بمجلس الشعب المصري، في منشورٍ له على موقع فيسبوك: "لا يمكن تصديق أنَّنا صرنا نعيش في عهد اختطاف الرهائن من أهل الخصوم".

وكانت علا وزوجها بالفعل يخضعان لتدقيقٍ كبير قبل اعتقالها. وكان زوجها حسام قد سُجِنَ في عام 2014 لعلاقاته بحزبٍ سياسي إسلامي صغير، وأُطلِقَ سراحه دون توجيه اتهام بعد عامين. وتعمل علا كباحثةٍ في السفارة القطرية بالقاهرة.

ويأمل الزوجان أن تساعد وضعيتهما كمقيمين في الولايات المتحدة، وهي الإقامة التي حصلا عليها العام الماضي، في إقناع البيت الأبيض بمتابعة قضيتهما. وعلى الرغم من إشادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيسي باعتباره "رجلاً رائعاً"، قطعت إدارته وأوقفت 291 مليون دولار من المساعدات الأميركية إلى مصر في أغسطس/آب، رداً على سجل السيسي المؤسف في حقوق الإنسان، وكذلك رداً على تعامل القاهرة مع النظام الكوري الشمالي الذي تفرض عليه واشنطن عقوبات كبيرة بسبب برنامجه النووي، كما تقول نيويورك تايمز.

ترامب والتوسط في خروج آية حجازي

وفي الربيع الماضي، وفي واحدٍ من أكثر إنجازات إدارته وضوحاً في مجال السياسة الخارجية، ساعد ترامب في تأمين الإفراج عن آية حجازي، عاملة الإغاثة المصرية الأميركية التي كانت مسجونة في مصر.

لكنَّ عملية إقناع الأميركيين بقبول الإخوان المسلمين، في واشنطن، أصبحت عملية أكثر صعوبة الآن. فقد فكَّر ترامب في تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً هذا العام، ولم يتراجع سوى بعد نصيحةٍ من مسؤولي الاستخبارات والدبلوماسيين.

وتدعم الإمارات وبشكل كبير المؤيدين لتصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، داخل الإدارة الأميركية ومنهم مستشار ترامب الخاصة وصهره جاريد كوشنر، الذي تربطه علاقات خاصة بالسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة.

وفي الأسابيع الأولى من الربيع العربي في عام 2011، ألقى القرضاوي خطاباً أمام حشودٍ ضخمة في ميدان التحرير بالقاهرة. وللقرضاوي ما يزيد على 100 كتاب منشور، ولديه أكثر من 1.8 مليون متابع على تويتر.

ورغم أنَّه ينفي كونه عضواً في الإخوان المسلمين، فإنَّ خطبه تحظى بتأثيرٍ كبير في مصر، التي اتَّهمت حكومة السيسي فيها إيَّاه بالإرهاب.

وقبل عدة أسابيع رفعت الشرطة الدولية "الإنتربول" اسم القرضاوي وعدد من المعارضين المصريين من قوائمها، على اعتبار أن الأمر يتعلق بـ الخصومة السياسية بين النظام المصري ومعارضيه.

 

هاف بوست عربي