هذه شروط الأسد القاسية لاستعادة علاقته مع حماس

هذه شروط الأسد القاسية لاستعادة علاقته مع حماس

رام الله الإخباري

تعمل إيران على استعادة حلقة مفقودة في شبكة تحالفاتها في الشرق الأوسط، فهي تحاول ضمَّ حماس مرة أخرى إلى الحلف الذي تقوده، بعد الخصام الذي نشب بين التنظيمات الفلسطينية المسلحة ونظام بشار الأسد حليف إيران، بسبب الحرب الأهلية في سوريا.

وتحاول إيران وحليفها اللبناني حزب الله بهدوء، التوسط في المصالحة بين سوريا وحماس، حسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، نشرته السبت 23 سبتمبر/ أيلول 2017.

وإذا نجحا فإنَّ ذلك سيعزز إحدى النقاط الضعيفة في الحلف، في الوقت الذي عزَّزت فيه إيران علاقاتها مع سوريا والعراق، وأنشأت جبهة دعم في المنطقة لمواجهة إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة من العرب.

كيف حدث الخصام؟

وكانت حماس تتخذ من سوريا مقراً لها منذ زمنٍ طويل، وتلقت دعماً من دمشق في حملة الجماعة المسلحة ضد إسرائيل.

وظلت القيادة القوية لحماس في المنفى في سوريا، حتى بعد تولِّي الجماعة سلطة قطاع غزة في عام 2007. وتصف إيران وحزب الله وحماس أنفسهم بأنَّهم "محور المقاومة" المحارب لإسرائيل.

لكن عندما نشبت الحرب الأهلية في سوريا، انفصلت حماس عن الرئيس السوري بشار الأسد، ووقفت بجانب المعارضة التي تقاتل للإطاحة به.

وأثارت مشاهد قتل المدنيين السنة في سوريا الاحتجاجات في المنطقة ضد الأسد، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية، إحدى الأقليات السورية، وفقاً لتقرير بلومبيرغ.

وفي الوقت نفسه، كانت إيران من أقوى مؤيدي الأسد منذ بدء الأزمة في سوريا في عام 2011، إذ ضخَّت مليارات الدولارات في الاقتصاد، وأرسلت مستشارين ومقاتلين مدعومين لمساعدته على البقاء في السلطة. وأرسل تنظيم حزب الله كذلك الآلاف من المقاتلين، وساعد في تحويل الحرب لصالح الأسد ضد المعارضة، ويساعد الآن في الحرب ضد تنظيم (داعش).

الديمقراطية

عندما بدأ الصراع في سوريا، ظلَّت قيادة حماس في المنفى صامتةً إلى حدٍّ كبير. لكن زادت التوترات مع الزيادة في إراقة الدماء، وفي يناير/كانون الثاني 2012، غادر زعيم حماس في المنفى خالد مشعل سوريا، ورحل إلى قطر، إحدى خصوم الأسد الرئيسيين.

وفي سبتمبر/أيلول التالي، ألقى خطاباً في تركيا قال فيه: "نرحب بثورة الشعب السوري الذي يسعى إلى الحرية والاستقلال"، وأنَّ "الدماء النقية لهذا الشعب العظيم تُسفَك" لأنَّهم يسعون إلى الديمقراطية.

وفي غضون ساعات، أغلقت السلطات السورية جميع مكاتب حماس في البلاد، وطردت أعضاءها إلى لبنان. ولم يُسمَح لهم بالعودة منذ ذلك الحين.

قيادة جديدة وتغيير في التحالفات

تأتي محاولة المصالحة هذه بعد أن انتخبت حماس قيادةً جديدة، إلى جانب سعي داعميها الرئيسيين، قطر وتركيا، المؤيدين القويين للمعارضة السورية، إلى تحسين العلاقات مع إيران.

لم تقطع حماس وإيران تحالفهما تماماً بعد الخصام مع الأسد، لكن فَتَرَتْ العلاقات بينهما بشدة. واستمر تمويل طهران لحركة حماس، وخاصةً بالنسبة لجناحها المسلح، ولكن على مستوى منخفض أكثر من ذي قبل، في حين تضاءلت الروابط السياسية.

ومنذ تولي يحيى السنوار قيادة حماس في قطاع غزة، في فبراير/شباط 2017، أعادت الجماعة المسلحة بناء تلك العلاقات.

وفي أغسطس/آب 2017 ، زار وفدٌ من حركة حماس طهران، وكان هذا هو الوفد الأرفع منذ سنواتٍ عديدة، وشارك في تنصيب الرئيس حسن روحاني.

وخلال الزيارة، التقى الوفد برئيس البرلمان، وكبار مساعدي المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وقال مسؤولٌ فلسطيني في بيروت إنَّ مسؤولين في حماس عقدوا ثلاثة اجتماعات مع زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله هذا العام 2017، وعادت العلاقات إلى طبيعتها.

وردَّت إيران بزيادة التمويل لحماس. وقال السنوار للصحفيين، الشهر الماضي أغسطس/آب 2017، إنَّ إيران أصبحت "أكبر الداعمين من الناحية المالية والعسكرية" للجناح المسلح لحماس.

وأضاف أنَّه بمساعدة إيران، تقوم حماس "بتجميع" قواتها العسكرية استعداداً لمعركة تهدف إلى "تحرير فلسطين".

لا مكتب لحماس مجدداً

وسبق أن قال رئيس النظام في سوريا بشار الأسد، العام الماضي 2016: "أخطأنا منذ البداية، تحت التأثير الإعلامي، حين حصرنا أولوية دعمنا للقضية الفلسطينية بحركة حماس وخالد مشعل. تعلمنا الكثير من هذه التجربة، وأن الشعب الفلسطيني وقضيته لا يختزلان بفصيل واحد.

واستدرك قائلاً: "إننا نحترم كل مقاوم في حماس في وجه العدو الإسرائيلي، وسنمد أيدينا دائماً إلى هؤلاء وإلى أية قيادة سياسية جديدة. أما القيادة الحالية فمقاليدها في أيدي الخارج" (كان خالد مشعل آنذاك زعيماً للحركة).

والآن إيران تريد إنهاء الخلاف بين حلفائها، الأسد وحماس، حسب تقرير بلومبيرغ.

وأكد سياسيٌّ لبنانيٌّ، على صلةٍ وثيقة بالحكومة السورية، أنَّ وساطة إيران وحزب الله مستمرة، مضيفاً أنَّها لا تزال في "مراحل مبكرة جداً".

كما أكد مسؤولٌ فلسطيني يتابع عن كثب علاقات حماس في المنطقة جهود الوساطة هذه، وقال إنَّ هناك "مؤشرات إيجابية" من سوريا.

وتحدث كلٌّ من السياسي والمسؤول بشرط عدم الكشف عن هويتهما، لأنهَّما غير مخولين بمناقشة جهود الوساطة السرية.

لكنَّ الوساطة تواجه مهمة صعبة؛ نظراً للخلاف الشديد الذي حدث بين الطرفين.

وهذا الشهر سبتمبر/أيلول 2017، قال محمود الزهار، وهو من كبار الشخصيات في حماس في غزة، لتلفزيون "الميادين"، إنَّه يجب إصلاح العلاقات مع سوريا ودولٍ أخرى "معادية لنا دون سبب".

وحين سُئِلَ مراراً عن المصالحة المحتملة مع سوريا، قال إنَّ "هناك خطوات ويجب أن تستمر".

وكتب الصحفي الفلسطيني البارز عبد الباري عطوان في صحيفته "رأي اليوم" على الإنترنت إنَّ المسؤولين السوريين أبلغوا الوسطاء بأنَّهم منفتحون على المصالحة، لكنَّهم لن يسمحوا لحماس بفتح مكتب في دمشق.

وقال خالد عبد المجيد، وهو مسؤولٌ فلسطيني مقيم في سوريا وله علاقات وثيقة مع الحكومة، إنَّه في نظر السوريين، فإنَّ تصريحات حماس نحو تحسين العلاقات "ليست كافية".

وأضاف عبد المجيد: "ما حدث كان كبيراً، وكان خيانة كما تقول السلطات السورية". وأضاف أنَّ "جهود الوساطة هذه لم تصل إلى خطواتٍ جادة".

 

 

هاف بوست عربي