وثائق سرية تكشف أن طهران تجري أبحاث نووية لأغراض عسكرية

وثائق سرية تكشف أن طهران تجري أبحاث نووية لأغراض عسكرية

رام الله الإخباري

كشفت صحيفة "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، اليوم الأربعاء، النقاب عن أن جهات غربية حولت إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإلى أميركا والعديد من الدول العظمى ووثائق ومعلومات سرية، مفادها أن إيران لم تفصح ولم تكشف النقاب عن كافة المعلومات حيال مشروعها النووي.

وحسب موفد الصحيفة إلى نيويورك، فإن الجهات الغربية قدمت المعلومات السرية بعد أشهر من توقيع الدول العظمى مع طهران الاتفاق النووي الإيراني، وحسب المزاعم، فهناك شبهات قيام طهران بأبحاث لتطوير المشروع النووي لأغراض عسكرية، وهي المعلومات التي أخفتها عن الدول العظمى قبيل إبرام الاتفاق على حد تعبير المصادر الإسرائيلية.

ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعها قولها: "في كافة المواقع والمنشآت المشتبه بوجود أنشطة لأغراض عسكرية بحسب ما شخصها مصدر غربي رفيع المستوى، لم يتم إجراء أي تفتيشات ومراقبة لما يحدث من أنشطة وتطور للأبحاث، وذلك بسبب الرفض الذي أبدته السلطات الإيرانية والتي منعت من مراقبي وكالة الطاقة الذرية دخولها، فيما تمت الصمت على ذلك، حيث لم تكن رغبة لدى الأمم المتحدة لمواجهة طهران".

وزعمت المصادر أنه حتى عندما سمحت طهران لمراقبي وكالة الطاقة الدولية الذرية دخول المنشآت الإيرانية، تعمدت على المراوغة وإضاعة الوقت ووضع عراقيل وصعوبات قبالة البعثة الدولية والمراقبين.

وعليه ترجح المصادر، بأن الاتفاق النووي الإيراني سيكون في صلب المباحثات التي ستجمع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في نيويورك على هامش أعمال مؤتمر الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

في مرحلة ما، قال المصدر الإسرائيلي للصحيفة:"رأينا أنه لا يوجد أحد للتحدث معه، فهناك قائمة بأسماء المواقع المشبوهة، حيث لا يسمح الإيرانيون للمفتشين بزيارتها ولا يقوم أي أحد بفرض الآليات والإشراف على المنشآت بموجب ما ورد في الاتفاق النووي، مثل فحص ومراقبة مناجم اليورانيوم وخطوط إنتاج أجهزة الطرد المركزي، وفي هذه المواقع قام مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش منتظمة حتى قبل الاتفاق النووي وحتى أكثر من ذلك بعده".

ولعل أحد أهم القضايا التي تقلق إسرائيل والغرب في البرنامج النووي الإيراني، هي بالذات المواقع والمنشآت غير المعلنة، حيث البحث والتطوير للبرنامج النووي العسكري، إذ أن هذه المواقع كان يجب أن تكون تحت إشراف ومعالجة طاقم الوكالة الدولية قبالة إيران ضمن تفاهمات حول مسار بعنوان "الجوانب العسكرية المحتملة للبرنامج النووي".

وتحدثت مصادر إسرائيلية نقلا عن جهات غربية بأن المنشآت المشبوهة تشمل مواقع ومنشآت مدنية بإيران، كتلك المنشأة التي كانت مثار للجدل ما بين طهران والمجتمع الدولي خلال المفاوضات التي سبقت التوقيع على الاتفاق، حيث توجه طاقم من مراقبي الوكالة الدولية لإيران بغية القيام بجولة في المكان، بيد أن السلطات الإيرانية لم تسمح للمراقبين بالدخول فورا للموقع، إذ حاولت إبداء التحفظات وأثارت طهران صعوبات ونهجت ببيروقراطية أدت إلى إطالة العملية إلى حد كبير، وبعد وقت طويل سمح للمراقبين دخول الموقع، بحسب المصدر الإسرائيلي.

وترى إسرائيل بسماح إيران للمراقبين بدخول بعض المواقع والمنشآت حالة شاذة، لكنها زعمت بأن طهران وفى سلسلة من المواقع الأخرى المشبوهة رفضت السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات تفتيش وأدعوا إنها منشآت عسكرية لا تخضع للاتفاق النووي، وبالتالي لا يسمح للمفتشين بالدخول.

ودعمت الوثائق والمعلومات السرية التي قدمتها للوكالة والدول العظمى، بما وصلها من معلومات من مصدر غربي حيال منشأة مشبوهة والتي طلب بالسماح للمراقبين تفقدها ثانية، بيد أن السلطات الإيرانية رفضت الطلب دون أي تفسيرات أو مبررات، وبذلك تم الانتهاء من معالجة ملف المنشأة المذكورة.

وتدعي إسرائيل بأنه بكل ما يتعلق في لزيارة وتفتيش المواقع والمنشآت المشبوهة، لا يتم تطبيق الاتفاق المبرم ما بين إيران والدول العظمى، فلا يوجد أي زيارات، وإيران لا تسمح للمراقبين بتفقد وزيارة المنشآت، وفي هذا السياق، لا يطبق الاتفاق بحذافيره.

ورغم التناغم بالمواقف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيال الاتفاق النووي وتطلع واشنطن للانسحاب من الاتفاق مثلما يسعى نتنياهو لتحقيقه، إلا أنه تسود خلافات جدية بين المستوى السياسي الإسرائيلي، وخاصة نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، وبين كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وذلك حول ما إذا كان يجب على إسرائيل أن تدفع الرئيس الأميركي، إلى الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي جرى التوصل إليه بين إيران وبين الدول العظمى الست.

ونقلت "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين كبار، وجهات في الأجهزة الأمنية تنشغل بهذه المسألة، قولهم إنه في حين يعتقد نتنياهو وليبرمان أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يخدم مصلحة إسرائيل، فإن جهاز الأمن يتحفظ من ذلك.

ونقلت الصحيفة عن الوكالات الاستخبارية الإسرائيلية قولها إن إيران تبذل جهدا في الالتزام بالاتفاق كي تحصل على مقابل في العلاقات مع المجتمع الدولي. وتتماشى هذه التقديرات مع ما توصل إليه مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتقارير الدولية التي ينشرها مدير الوكالة يوكيا أمانو.

بالمقابل، اعتبر مسؤولون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن واشنطن "لم تقدم للوكالة أدلة تدعم الضغط الذي تمارسه عليها لتفتيش مواقع عسكرية في إيران بهدف التحقق من أنها لا تنتهك الاتفاق النووي مع القوى العالمية".

ونقل عن مسؤول بالوكالة، قوله "لن نزور موقعا عسكريا مثل بارشين فقط لنرسل مؤشرا سياسيا". وكان يشير إلى موقع عسكري كثيرا ما يستشهد به معارضو الاتفاق وبينهم إسرائيل وكثيرون من الجمهوريين الأمريكيين. وأبرم الاتفاق في عهد الرئيس السابق الديمقراطي، باراك أوباما.

وأضاف المصدر أن المدير العام للمنظمة الأممية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، وصف طبيعة عمل الوكالة بأنها "فنية وليست سياسية"، مشددا على ضرورة أن يستند عملها إلى الحقائق فحسب.

يشار إلى أن الاتفاق النووي "يقيّد أنشطة إيران النووية بهدف منعها من الحصول على ما يكفي من اليورانيوم أو البلوتونيوم المخصبين لصنع قنبلة نووية إذا قررت الانسحاب من الاتفاق والاتجاه لصنع سلاح".

كما يسمح الاتفاق للوكالة بطلب الدخول لمواقع غير المنشآت النووية التي أعلنتها إيران بالفعل إذا ساور الوكالة القلق من وجود مواد أو أنشطة محظورة هناك. لكن يتعين عليها أن تقدم أساسا لبواعث القلق هذه.

ويفسر مسؤولو الوكالة والدول الأعضاء فيها هذه المصطلحات على نطاق واسع بأنها تعني ضرورة وجود معلومات موثوقة تثير الشبهات. وأوضح المسؤولون أنهم لن يتعاملوا مع أي معلومات كأمر مسلم به.

وقال مسؤول آخر، إن عمليات التفتيش حساسة ونادرا ما تناقشها الوكالة في العلن "ينبغي أن نتحقق من هذه المعلومات".

 

عرب 48