ميانمار ومسلمو الروهنغيا.. من "المجازر" إلى "الإبادة الجماعية"

ميانمار ومسلمو الروهنغيا

رام الله الإخباري

اعتبر كريم الله محمد، أحد اللاجئين الذين فروا إلى إندونيسيا من إقليم أراكان في ميانمار، أن "الانتهاكات" المرتكبة بحق مسلمي الروهنغيا تخطّت مرحلة "المجازر" لتتخذ منحى "الإبادة الجماعية".كريم الله، الذي لجأ إلى إندونيسيا قبل نحو 7 سنوات هربا من عنف جيش ميانمار، قال، للأناضول، إنّ الحكومة الميانمارية "ترتكب مجازر بحق المسلمين الروهنغيا منذ أعوام طويلة".

واستدرك أن هذه "المجازر زادت حدّتها في السنوات الأخيرة، لتتحوّل إلى إبادة جماعية"، معتبرا أنّ "هدف دولة ميانمار هو القضاء علينا (المسلمين) بشكل كامل".

اللاجئ الذي قال إنه فقد العديد من أقاربه، بينهم شقيقته، خلال هجمات استهدفت إقليم أراكان منذ أسبوع من قبل جيش ميانمار، لفت إلى أنه يتواصل مع أقاربه كل ساعة زمنية تقريبا، وهذا أقصى ما يمكنه فعله من موقعه؛ حيث "لا يملك شيئا سوى الدعاء لهم".

** "مجازر غير مسبوقة"

كريم الله قال أيضا إنّه يحصل على معلومات حول ما يتعرض له المسلمون في ميانمار، وذلك عبر الاتصال بأصدقائه وأقربائه ممن يتعرّضون لـ"ظلم" جيش ميانمار.

وأضاف بحزن واستياء: "قلبي لم يعد يتحمّل رؤية مشاهد وصور أهلنا الذين يتعرضون للقتل"؛ فـ"جيش ميانمار يرتكب منذ أسبوع، مجازر غير مسبوقة".

وتابع: "تشير أخبار يتم تداولها عبر الإنترنت إلى مقتل 300 من مسلمي الروهنغيا، غير أن المعلومات التي حصلتُ عليها من أشخاص أعرفهم تفيد بمقتل أكثر من 3 آلاف شخص، وحرق حوالي 100 قرية".

ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان شمال إقليم أراكان، تتمثل باستخدام القوة المفرطة ضد مسلمي الروهنغيا، حسب تقارير إعلامية.

ولا تتوفر إحصائية واضحة بشأن ضحايا تلك الانتهاكات، لكن المجلس الأوروبي للروهنغيا أعلن، قبل اسبوع، مقتل ما بين ألفين إلى 3 آلاف مسلم في هجمات جيش ميانمار بأراكان خلال 3 أيام فقط.

فيما أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس الأحد، فرار أكثر من 78 ألفا من الروهنغيا من أراكان إلى بنغلاديش بسبب الانتهاكات الأخيرة بحقهم.

** "معلومات ميانمار لا تعكس الواقع"

ودعا كريم الله المجتمع الدولي إلى مساعدة مسلمي أراكان ضد مجازر قال إنها "تجري على مرأى ومسمع من الجميع، غير أن العالم يظل صامتا حيالها".وتساءل عما إن كان العالم سيبقى صامتا في حال وقوع هذه المجازر في دولة أخرى، خصوصا أن ميانمار "تدّعي من خلال المعلومات التي تقدمها للحكومات الأخرى، بأن المجموعات المسلمة تهاجم الشعب البوذي وترتكب جرائم اغتصاب".

وأضاف أنّ "العديد من وسائل الإعلام تتداول هذه الأخبار على أنها صحيحة بينما هي عارية تماما عن الصحة".ومستغربا المعلومات "المغلوطة" التي تقدمها ميانمار، تساءل مستنكرا: "كيف لشعب (أو) لمجموعة مسلمة تتعرض للعنف منذ أعوام أن تقدم على فعل كهذا؟".

ومضى يقول: "لنفترض أنه حتى وإن أقدم أحد المسلمين على جريمة كهذه، فهناك قوانين ومحاكم تعاقبه، كما أنه ينبغي معاقبته شخصيا على ما قام به؛ لأن اتهام جميع مسلمي الروهنغيا وقتلهم يتنافى مع حقوق الإنسان".

** "ميانمار تسعى لإبادة جماعية للمسلمين"

بالنسبة لـ كريم الله، فإنّ ميانمار لا تهدف لمعاقبة المجرمين أو "القضاء على عدد من المسلمين"، وإنما "ترمي لإجتثاثنا تماما، والقضاء على المسلمين في ميانمار عبر إبادتنا جماعيا".

وأوضح أنه في الوقت الذي يبلغ فيه عدد المسلمين بالبلاد نحو مليون و300 ألف شخص، تدّعي حكومة ميانمار بأن عددهم لا يتعدى الـ800 ألف فقط؛ ما يعني أنها ترمي بذلك إلى القضاء على 500 ألف مسلم؛ أي الفارق بين الرقمين.

"مخطط" قال إن بشاعة ما يحدث على أرض الواقع تترجمه بدقة، مع أن حتى المشاهد المتداولة عبر وسائل الإعلام قد لا تكشف عن جميع جوانب "الانتهاكات" التي يتعرض لها مسلمو الروهنغيا في أراكان.

وموضحا ما سبق، أشار كريم الله إلى أن "العديد من المسملين في أراكان لا يملكون هواتف نقالة أو غير مربوطين بالإنترنت لتصوير المشاهد التي يتعرضون لها هناك، ونشرها عبر الإنترنت".نقص في الإمكانيات جعل اللاجئ يجزم بأن "المشاهد التي يتم تداولها عبر الإنترنت لاتظهر سوى جزء يسير من المجازر التي تقع في أراكان".

** "ممتنون لأردوغان"

كريم الله أعرب عن "حزنه" لـ "الصمت" المطبق على العالم الإسلامي إزاء المجازر التي يتعرض لها مسلمو الروهنغيا، لافتا إلى أن "تركيا هي الوحيدة التي رفعت صوتها عاليا من أجل الدفاع عن المسلمين في سوريا وفلسطين وأراكان".

وقال في هذا الصدد: "نعرب عن امتناننا للرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان الذي كان أبرز من وقف صامدًا ضد أعمال العنف التي واجها مسلمو أراكان".وأضاف: "نلمس على الدوام ما يقدمه الشعب التركي لمسلمي أراكان من دعاء ومساعدات، سيما وأننا في أمس الحاجة حاليا إلى تلك المساعدات".

وشدد على ضرورة أن يتحرّك المجتمع الدولي ضد"الإبادة" التي تمارسها حكومة ميانمار ضد المسلمين.وموضحا الجزئية الأخيرة قال: "يتم قتل الناس الأبرياء حرقا وذبحا، وتتعرض النساء للاغتصاب، فيما يتم إلقاء الأطفال في الأنهار.. لا أستطيع استيعاب صمت بقية الدول وكأن شيئا لم يحدث، ألا يحق لمسلمي الروهنغيا العيش في هذا العالم مع أن حتى الحيوانات تتمتع بحق العيش في الغابات".

** "تركيا واللاجئون السوريون.. نموذج يمكن لإندونيسيا اعتماده"

وفق كريم الله، فإنّ فتح تركيا أبوابها لملايين السوريين الفارين من هجمات النظام السوري، يعتبر "مدعاة للفخر بالنسبة للمسلمين"، مشيرا إلى أنه من الممكن لإندونيسيا أيضا أن تمد يد العون لمسلمي الروهنغيا.

وقال مخاطبا الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو: "إندونيسيا فتحت أبوابها للعديد من اللاجئيين وأنا واحد منهم، ونتلقى دعما هنا والحمد لله، كما أن حياتنا هنا أفضل بكثير مقارنة بميانمار، لكن الأخيرة تهدف لقتل جميع مسلمي الروهنغيا، وستكمل إبادتها الجماعية في حال لم يتم مد يد العون الآن".وأضاف أن "نأمل بأن تفتح إندونيسيا أبوابها للمسلمين الروهنغيا تماما كما فعلت تركيا مع السوريين".

الاناضول