كيف تحول بشار الأسد إلى رمز لليمين المتطرف في أميركا؟

كيف تحول بشار الأسد إلى رمز لليمين المتطرف في أميركا؟

رام الله الإخباري

من بين ما نُشر على ما قد تكون الصفحة الشخصية لجيمس أليكس فيلدز الابن على فيسبوك، وهو سائق السيارة التي قتلت متظاهراً معارضاً في تظاهرات اليمين المتطرف بمدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا السبت الماضي، كانت هناك صور للضفدع بيبي (الشخصية الكارتونية التي ارتبطت بالتعصب والعنصرية في الآونة الأخيرة على الشبكات الاجتماعية)، والصليب المعقوف (رمز النازية)، وصورة شخصية لأدولف هتلر في طفولته، وذلك وفقاً لموقع Buzzfeed الأميركي.

لكن، ما كان مفاجئاً حقاً، هو أنَّ بعض التقارير قد أفادت بوجود صورة للرئيس السوري بشار الأسد، مرتدياً زياً عسكرياً كاملاً، وتحتها عبارة "لا يُهزم" بحسب ما ذكر تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.

انتشرت لقطات عدة من الصفحة الشخصية على الشبكات الاجتماعية يومي السبت والأحد، رغم عدم ثبوت انتمائها لفيلدز فعلاً. لكن، مع ذلك، قد يُمثل الانبهار الواضح بالأسد رابطاً عاماً بين اليمين المتطرف والنظام السوري؛ الرابط الذي ازداد وضوحاً في الشهور الأخيرة، ولعب دوراً في تظاهرة القوميين البيض التي شهدتها ولاية فيرجينيا يوم السبت، 12 أغسطس/آب 2017.

كانت سياسات الأسد، وسياسات والده من قبله، مرتبطةً على مدار التاريخ باليسار أكثر من اليمين. وكان والده الراحل، الرئيس حافظ الأسد، أقرب حلفاء الشرق الأوسط للاتحاد السوفييتي طوال الحرب الباردة. وقد تمتع الابن بدعمٍ قوي من اليساريين خارج سوريا في محاولته لسحق الثورة السورية طوال السنوات الست الماضية.

لكن، في الشهور الأخيرة، أصبح الأسد رمزاً لليمين المتطرف أيضاً، الذي أثنى قادته والمتحدثون باسمه على شراسة الأسد في الحرب، ودوره في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وموقفه البادي ضد المسلمين واليهود.

ويبدو أنَّ أساليب الأسد القاسية التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين قد عزَّزت مكانته. وفي مقطعٍ مصوَّر نُشر على تويتر، أشاد 3 رجالٍ شاركوا في احتجاجات شارلوتسفيل باستخدام الأسد البراميل المتفجرة في مقاومة الجماعات التي انقلبت ضده، حتى أنَّ أحدهم كان يرتدي قميصاً كُتب عليه: "شركة بشار لتوصيل البراميل".

يقول تيم جيونيت، الناشط على الشبكات الاجتماعية المنتمي إلى تيار اليمين البديل، والمعروف أيضاً باسم Baked Alaska على تويتر ويوتيوب: "لم يرتكب الأسد أي خطأ". ويمكن سماعه وهو يقول في الفيديو ذاته: "نعم بشدة للبراميل المتفجرة".

ويبدو أنَّ تحول الأسد إلى بطلٍ شعبي لليمين قد تبع سلسلةً من التغريدات في آذار/مارس الماضي، نشرها زعيم جماعة "كو كلوكس كلان" السابق ديفيد ديوك (جماعة عنصرية تؤمن بالتفوق الأبيض، ومعاداة السامية والعنصرية، ومعاداة الكاثوليكية، وكراهية المثلية الجنسية)، أثنى فيها على الرئيس السوري ووصفه بأنه "قائدٌ مدهش"، إلى جانب صفاتٍ أخرى.

وكتب في إحدى هذه التغريدات: "سوريا بلدٌ جميل، يتمتع بتاريخٍ غني وقائدٍ مدهش. يجب أن يكون الرئيس الأسد حليفنا الوثيق (ليس ثمة شك في ذلك)".

وتابع في تغريدةٍ أخرى: "الرئيس الأسد يحل المشكلات. الموت لداعش وجميع مؤيديها! هل لدى أميركا أي مشكلة في ذلك؟".

وأضاف: "الأسد أحد أبطال العصر الحديث، يقف في مواجهة القوات الشيطانية التي تسعى لتدمير شعبه وأمته. بارك الله في الأسد!".

وكان زعماء يمينيون آخرون قد أعربوا منذ فترةٍ طويلة عن تأييدهم للرئيس السوري، وأملهم في أن يقيم الرئيس ترامب، الذي أشاد بالأسد في حملته الانتخابية، تحالفاً معه. واستندت هذه الآمال أيضاً إلى الدعم الذي تلقاه الأسد من بعض السياسيين اليمينيين المتطرفين في أوروبا، فعلى سبيل المثال، قالت مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية والمرشحة السابقة في انتخابات الرئاسة في فرنسا، إنَّ إبقاء الأسد في السلطة هو "أكثر الحلول طمأنةً".

وبعد أن أمر ترامب الجيش الأميركي بقصف مطارٍ سوري رداً على هجومٍ كيماوي في شمال سوريا، أعرب العديد من المعلقين اليمينيين عن استيائهم على تويتر. وبعد الهجوم بقليل، واجه محتجون يمينيون يعارضون التدخل العسكري بقيادة القومي الأبيض ريتشارد سبنسر مجموعةً من المتظاهرين المعادين للفاشية خارج البيت الأبيض.

وعلى الرغم من أنَّ ترامب واصل رفض دعم الأسد مباشرةً، حتى أنَّه وصفه بأنَّه "شخصٌ شريرٌ حقاً" في مقابلةٍ تلفزيونية في أبريل/نيسان الماضي، لا يزال اليمين المتطرف منبهراً بأسلوب الرئيس السوري في إدارة بلاده.

إلا أنَّ هذا الإعجاب الذي يكنّه تيار اليمين المتطرف للأسد متوقَّعٌ بعض الشيء. إذ يعد حزب "البعث" الخاص بالأسد حزباً قومياً وعرقياً خالصاً، يركز على تعزيز الهوية العربية. ويعد الحزب القومي الاجتماعي السوري، الذي استلهم شعاره من الصليب المعقوف، أحد الأحزاب السياسية القليلة التي يسمح بها نظام الأسد، ومن أشد المؤيدين له في حربه.

 

هافينغتون بوست