بعد أكثر من شهر من العطش.. المياه تعود إلى نابلس

بعد شهر من العطش.. المياه تعود إلى نابلس

رام الله الإخباري

بسلام اجتازت مدينة نابلس أزمة المياه، بعد أكثر من شهر من العطش غير المسبوق الذي عاشته المدينة.

اعتاد الناس في نابلس أن تصل المياه لبيوتهم بمعدل مرة كل أربعة أيام، وتضاعفت هذه المدة في ذروة الحر الشديد لتصل مدة الانقطاع في بعض المناطق إلى 14 يومًا متواصلًا.

وشغلت أزمة المياه الأهالي واستحوذت على اهتمامهم طوال الفترة الماضية، لكنها عادت الآن لتتوارى خلف قضايا أخرى، وخفّت حالة الاحتقان، بعد أن عادت المياه لمجاريها، وتقلصت فترات انقطاعها إلى مستويات مقبولة.

وكانت أزمة المياه القنبلة الأولى التي انفجرت في وجه المجلس البلدي المنتخب بعد أيام قليلة من استلامه مهامه، فوضع كل إمكاناته لحل هذه الأزمة التي أطاحت قبل سنتين بمجلس بلدي آخر قبل انتهاء مدته القانونية.

رئيس البلدية عدلي يعيش يقول إنه وقبل استلامه مهام منصبه كان يتوقع حدوث أزمة مياه، ولهذا بدأ منذ اليوم الأول بوضع الخطط لتحسين قطاع المياه، على الصعيدين القريب والبعيد.

ويوضح يعيش لوكالة "صفا" أن البلدية سعت لتقليل آثار الأزمة عبر عدالة التوزيع، ولهذا خصصت أربع نقاط لتوزيع المياه عبر الصهاريج.

واستطاعت البلدية إجراء أسرع عملية صيانة لبئر سبسطية بغضون 8أيام متواصلة ليلًا ونهارًا، بالتعاون مع خبير دولي في مجال قطاع المياه وهو أمجد عليوي.

ويعتبر بئر سبسطية من أهم مصادر مياه نابلس، وتبلغ طاقته الإنتاجية 7500 كوب يوميًا، أي 25% من مصادر المياه، ويستفيد منه ربع سكانها.

أثمرت جهود البلدية مؤخرًا بالحصول على مصادر جديدة للمياه، فقد حصلت على 2400 كوب إضافي من مزارع ومثلها من صاحب بئر في سهل السميط بالفارعة. وفق يعيش.

كما حصلت على موافقة مبدئية للحصول على 2400 كوب يوميًا من خلال النقطة (106) التابعة لشركة "مكروت" قرب حاجز حوارة.

شريان الحياة

وتعول بلدية نابلس-والحديث ليعيش- كثيًرا على مشروع استراتيجي لحل الأزمة، يتمثل بمد خط ناقل من الباذان يحمل اسم "شريان الحياة" والذي سيمكن المدينة من الاستفادة من مياه الآبار الزراعية في سهل سميط.

ويبين أن المياه في سهل سميط تفيض عن حاجة المزارعين بفصل الصيف بسبب اعتمادهم على الزراعات الشتوية، الأمر الذي يتيح إمكانية الاستفادة منها لتخفيف أزمة المياه.

لكن ما يعيق الاستفادة منها صعوبة نقلها باستخدام خط الباذان القديم، الذي يبلغ قطره 12 إنشًا، فيما يحتاج المشروع الجديد إلى خط بقطر 16 إنشًا.

ويقول يعيش إن تكلفة المشروع تبلغ 9 ملايين شيكل، وإذا ما تم البدء به قريبًا، فإنه سيكون جاهزًا للعمل قبل صيف العام القادم.

وعلى الصعيد الاستراتيجي أيضًا، بدأت البلدية بعمل دراسات لحفر بئر جديد لزيادة مواردها من المياه، وبدأت بعمل حفرة تجريبية لهذا الغرض.

ويشدد يعيش على أن مشكلة المياه في نابلس تراكمية، فهي تحتاج لمصدر جديد للمياه كل خمس سنوات.

أسباب الأزمة

ويعزو يعيش أزمة المياه في المدينة إلى عدة أسباب، مبينًا أنها تندرج ضمن الأزمة التي تعاني منها كل محافظات الضفة، باستثناء قلقيلية وطولكرم بسبب طبيعتهما الجغرافية.

وتعتمد نابلس على مصدرين للمياه، هما الينابيع والآبار الجوفية، وانعكس تراجع نسبة الأمطار في الموسم الأخير والتي بلغت 65% من معدلها السنوي، على غزارة الينابيع، أما الآبار الجوفية، فإن زيادة الاعتماد عليها أثر على إنتاجها.

موجات الحر الشديد التي ضربت المنطقة منذ أواخر يونيو الماضي، أدت لزيادة استهلاك المياه، وبذلك تأثر مخزون المياه في البيوت، وزادت الفترة التي تحتاجها كل منطقة للتزود بالمياه، وهو ما أطال فترة انتظار المناطق التالية على جدول التوزيع اليومي.

وبحسب رئيس قسم العمليات في دائرة المياه ببلدية نابلس عدنان العامودي فإن استهلاك المدينة في الوضع الطبيعي يبلغ ٣١ ألف متر مكعب يوميًا، وزادت مع ارتفاع درجات الحرارة لتصل لـ٤٥ ألف متر مكعب.

وبسبب طبيعة نابلس الجبلية، لا يمكن وقف الضخ عن منطقة قبل وصول المياه إلى آخر بيت فيها، ونتج عن ذلك خلل في عدالة التوزيع لصالح المناطق المنخفضة على حساب المناطق المرتفعة.

وكان من بين أسباب الأزمة الاتفاقية التبادلية بين البلدية وسلطة المياه، حيث تزود البلدية 21 تجمعًا سكانيًا بالمياه ضمن تلك الاتفاقية، في المقابل لا تزود سلطة المياه بلدية نابلس بكمية المياه البديلة.

غياب التخطيط

ودفعت أزمة المياه كثير من المواطنين لتحميل المجالس البلدية المتعاقبة مسؤولية أزمة المياه بسبب غياب التخطيط.

لكن يعيش يبين أنه ونتيجة للديون المتراكمة لقطاع المياه على المواطنين، والبالغة 208 ملايين شيكل، لم تتمكن البلدية من تنفيذ مشاريع لتطوير قطاع المياه منذ عام 2011، الأمر الذي انعكس سلبًا على واقع المياه.

ففي عام 2008 بدأت البلدية بتنفيذ مشاريع خفض الفاقد من المياه، وشملت بناء سبعة خزانات، وتغيير 137 كيلو متر من خطوط المياه.

وحديثًا استأنفت البلدية مشاريع خفض الفاقد، وطرحت العطاء التاسع منها بتمويل من الحكومة الألمانية، بقيمة إجمالية تبلغ 1.5 مليون يورو.

ويتضمن هذا العطاء 3 مراحل، ويهدف بشكل أساسي إلى تطوير وتحسين نظام المياه في المدينة، وتحقيق المزيد من عدالة التوزيع. يختم يعيش.

 

وكالة صفا