الحراك الشعبي بالقدس يثير قلق اسرائيل

الحراك الشعبي بالقدس

رام الله الإخباري

بالنسبة للكثير من الفلسطينيين، فقد شكّل زخم المشاركة الشبابية اللافتة في الصلوات بمحيط المسجد الأقصى، بمدينة القدس، مفاجأة سارة، ولكنه في المقابل، أقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية. ومبعث المفاجأة بالنسبة للفلسطينيين هو أن هذا الحراك الشبابي كان عفويا، لا فضل فيه للأحزاب السياسية الفلسطينية رغم مشاركة أفرادها فيه. 

أما القلق الإسرائيلي، فنابع من صعوبة الخيارات في التعامل معه، حيث لا يوجد عنوان واضح يمكن للسلطات التوجه إليه أو الضغط عليه لوقف الحراك، والتأثير على مجرياته. كما أن من الصعوبة بمكان، توجه الاتهام للحراك، بممارسة الإرهاب، كونه احتجاج سلمي شعبي. 

وبدأت صلوات الفلسطينيين المحتجين على البوابات الإسرائيلية على مداخل المسجد الأقصى، بعشرات الشبان، وتوسعت سريعا إلى المئات ثم الآلاف. واستنادا إلى تقديرات فلسطينية محلية فإن ما بين 4-5 آلاف من الشباب الفلسطيني، من اجمالي 6 آلاف مصل، باتوا يشاركون يوميا في صلوات العشاء ، التي تقام في منطقة باب الأسباط على بعد أمتار قليلة من سور المسجد الأقصى. 

ويعتقد الشبان المرابطون، في باب الأسباط أو باب المجلس، وكلاهما بوابتان تؤديان إلى المسجد الأقصى، أن التقاعس العربي والإسلامي عن نصرة المسجد الأقصى هو السبب في عفوية الحراك. وقال أحمد، البالغ من العمر 19 عاما ومن سكان البلدة القديمة، إن الخوف على مصير المسجد، في ظل الصمت العربي والإسلامي، هو الذي دفعهم للتحرك. وقال لوكالة الأناضول:" كنا ندرك أن التقاعس العربي والإسلامي بلغ مداه، ولكن شعورنا بأن هذا التقاعس وصل إلى درجة الهوان دفعنا للتحرك لإنقاذ المسجد الأقصى". 

وأضاف، أحمد الذي فضل عدم ذكر اسم عائلته، خوفا من الاعتقال على يد شرطة الاحتلال  قبيل استعداده لأداء صلاة المغرب في منطقة باب الأسباط:" الدول العربية والإسلامية، تبدع في بيانات الشجب والاستنكار، ولكن هوانها يمنعها من القيام بأي خطوة تغضب إسرائيل". وتابع أحمد:" إسرائيل، لا تنزعج من استنكارات الدول العربية والإسلامية ليل نهار، شريطة أن لا يقوموا بأي خطوة مثل سحب السفراء من تل أبيب او طرد السفراء من عواصمهم". 

وبمرور أسبوع، على الصلوات في محيط المسجد الأقصى، فإن الأعداد المتزايدة من المشاركين في الصلوات باتت تشكل مصدر قلق لإسرائيل. في نشرات الأخبار في محطات التلفزة الإسرائيلية، يتم نشر صور الأعداد الكبيرة من المصلين وغالبا ما يتم طرح سؤال" إلى أين تسير الأمور؟". 

وفي محل لقص الشعر، في شارع صلاح الدين، الشارع التجاري الأبرز في مدينة القدس، كان نحو 9 شبان على ثقة بأن إسرائيل ستضطر في نهاية الأمر إلى إزالة البوابات. واستمد الشبان التشجيع من تقرير بثته إحدى المحطات الفلسطينية، عن الجدل الدائر ما بين أجهزة الأمن الإسرائيلية حول مستقبل البوابات. 

ونقل التقرير ما نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن تأييد جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، والجيش الإسرائيلي لإزالة البوابات وإصرار الشرطة الإسرائيلية على ابقائها. وقال رامي، البالغ من العمر، 23 عاما، وهو من سكان حي رأس العامود في القدس:" في نهاية الأمر ستتم إزالة هذه البوابات، فلا خيار أمامهم، ولا مفر أمامنا سوى مواصلة التحرك حتى إزالتها". 

وأضاف:" نَفَسُنا أطول من نَفَسِهم". ويتابع الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، حراك الشباب الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية بكثير من الإعجاب. 
ويتداول الفلسطينيون على شبكات التواصل الاجتماعي صور حشود المصلين في صلاتي المغرب والعشاء، مرفقة بعبارات الدعم والتأييد. 

وقد أقرّ الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى، بأن الحشود كانت مفاجِئة. وقال :" نبارك هذه الحشود، وحقيقة لم نتوقعها ولكن سكان القدس يهبون دائما لنصرة المسجد الأقصى والدفاع عنه". وبدورها، قالت المرجعيات الإسلامية في مدينة القدس في بيان وزعته يوم 16 يوليو/تموز الجاري:" نقدر وحدة أهلنا في القدس وفلسطين بكل فخر واعتزاز في التفافهم حول المسجد الأقصى المبارك ". 

والمرجعيات الإسلامية هي رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الشيخ عبد العظيم سلهب، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري، ومفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، والقائم بأعمال قاضي القضاة واصف البكري. وباتت المرجعيات الإسلامية، عنوان الشارع الفلسطيني في احتجاجه على الإجراءات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى. 

وقد كانت المرجعيات هي من دعا إلى عدم الدخول إلى المسجد الأقصى من خلال البوابات قبل أن تدعو، وللمرة الأولى، لإغلاق المساجد الفرعية في القدس من أجل أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى فيما أنها هي من يتخذ القرار بشأن أي خطوات إسرائيلية في المسجد الأقصى. وبرز دور المرجعيات في غياب فصائل العمل السياسي الفلسطيني. 

وتحظى المرجعيات باحترام الفلسطينيين فهم يتقدمون الصفوف في الاحتجاجات، ويقومون بدور بارز في الدفاع عن المسجد الأقصى، حيال الإجراءات الإسرائيلية الساعية لفرض السيطرة عليه. 

الاناضول