فُقدة رمضان.. عادة نابلسية لصلة الارحام

الفقدة في نابلس

رام الله الإخباري

بعد مرور الأيام الأولى من شهر رمضان، تبدأ زيارات صلة الأرحام من النساء وتقديم الهدايا لهن، والتي تُعرف في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة باسم "فُقْدة رمضان".وفُقدة رمضان هي جزء من التراث الغني الذي يطبع مدينة نابلس بطابع خاص في شهر الصيام، ويعتز أهل نابلس بهذا الأسلوب لصلة الأرحام، ويتمسكون به ويتوارثونه جيلا بعد جيل، رغم اختلاف شكله وتفاصيله تبعًا لاختلاف الزمان والأحوال.

وفي هذه الفترة تنشط الحركة التجارية في أسواق المدينة، لا سيما في محلات الملابس والأدوات المنزلية التي تعلن عن حملة تخفيضات على الأسعار، لاجتذاب الزبائن الراغبين بشراء الهدايا الخاصة بالفُقدة.ورغم أنها تعيش خارج الوطن منذ سنوات طويلة، إلا أن شفاء عاشور لا تزال تتمسك بالعادات النابلسية، خاصة تلك المرتبطة بمناسبات وتواريخ معينة، كالشعبونية في شهر شعبان، والفُقدة في شهر رمضان.

وتقول عاشور الناشطة بصفحة "نابلس... سؤال وجواب" المختصة بالتراث النابلسي على موقع فيسبوك: "ما إن ينتهي أهالي نابلس من الشعبونية، حتى يبدأ الأب النابلسي يجهز نفسه لفُقدة رمضان".وتضيف "أعتقد أن لا أحد في الدنيا يقوم بعمل الفُقدة كما يؤديها أهل نابلس لبناتهم".

واجب على الرجال

ويقوم بواجب الفُقدة عادةً الأب والأخ والجد إن كان لا زال على قيد الحياة، والخال والعم، وأحيانا يجمعون أنفسهم لتكون زيارة الفُقدة على شكل وفد كبير، وتقدم هدية الفُقدة للأخوات والخالات والعمات والبنات المتزوجات.

وتشير عاشور إلى أن الهدية التي يحملها النابلسي في زيارة الفُقدة كانت فيما مضى من الزمن عبارة عن طرد متنوع المكونات.وكان يشمل مخلوطة المكسرات الفاخرة، والكعك بأنواعه، والفواكه مختلفة الأنواع، وملبس باللوز، وملبس بالقضامة، وملبس حامض حلو، أو أي نوع آخر، بالإضافة إلى التوفي والشوكولاتة، وكذلك البقلاوة النابلسية.

أما في الوقت الراهن، فمع تبدّل الأحوال، تغيّر شكل الفُقدة تدريجيًا، ولم يعد هناك من يقدم ذلك الطرد متنوع المحتويات، إلا ما ندر، لتحل محله هدية للبيت، أو هدية شخصية للمرأة، أو مبلغ من المال تختلف قيمته باختلاف الوضع المادي للرجل.

طقوس من الزمن الجميل

وللفُقدة في نابلس طقوس كانت فيما مضى تختلف باختلاف طبيعة الرحم، وتقول عاشور: "أجمل ما في فقدة رمضان حين تكون التي ستقدم لها الفُقدة عروسًا، سواء أكانت خاطبة أم متزوجة حديثًا".

فإن كانت خاطبة ولا تزال في بيت أهلها، فإن أهل الخطيب يقدمون لها فقدة هي عبارة عن سدر كنافة أو بقلاوة نابلسية فاخرة، ويقوم أهل العريس بتزيينها بأغصان الليمون الخضراء والزهور المتوفرة في البيت، ويضعون عليها قلادة ذهبية.

وتقوم والدة العروس بتوزيع الحلويات على الأهل والجيران، وهي تباهي بأنسبائهم الجدد.أما إن كانت العروس في بيت زوجها، فإن أهلها هم من يقومون بهذه المهمة، فيحضرون لها سدر الكنافة أو البقلاوة المزين وعليه القلادة الذهبية، ويقدمها الوالد لأهل الزوج، لتقوم الحماة بتوزيع كنافة أول فقدة لكنتهم لتطعم الأهل والجيران.

عادة وعبادة

ويعتبر الداعية الشيخ محمد البشتاوي أن لهذه العادة آثار اجتماعية إيجابية لا تخفى على أحد.ويقول البشتاوي" إن هذه العادة فيها صلةٌ للرحم، وتفقّدٌ لأحوال الأقارب، وتعزيز لصلات القرابة بين الجيل الجديد داخل العائلة الواحدة، مضيفًا: "وهذه أمور نتمنى أن يكون رمضان قاعدة لها لتطبق في كل الشهور".ويرى أن هذه العادة وغيرها من المظاهر الخاصة بشهر رمضان تعكس تميز هذا الشهر عن بقية الأشهر، وتثير في الناس الاشتياق الدائم لهذا الشهر طوال العام، لما فيه من مظاهر الألفة والمحبة والخير.

وكالة صفا