"بشمع العسل".. فنان فلسطيني يشكل أطرافاً بشرية في غزة

الفنان الفلسطيني "محمد أبو حشيش

رام الله الإخباري

يعكف الفنان الفلسطيني "محمد أبو حشيش" من قطاع غزة، على صناعة وتشكيل "أطراف بشرية" من شمع العسل الطبيعي المنتج من خلايا النحل. ويستخدم أبو حشيش، شمع العسل في تجسيد أطراف رجال، ونساء، وأطفال، بترت نتيجة الحروب الإسرائيلية المتكررة على القطاع المحاصر، في محاولة منه لتسليط الضوء على معاناتهم. 

وداخل غرفته التي اتخذها ورشة له، يصنع الشاب العشريني بأنامله يداً لطفل صغير، باستخدام شمع العسل.ويقول لوكالة الاناضول التركية :" جاءت فكرة النحت للتعبير عن الانتهاكات الإسرائيلية التي تعرض لها المدنيون بغزة لا سيما الجرحى الذين فقدوا أطرافهم". وأضاف:" هناك الآلاف من الفلسطينيين في القطاع يعانون الويلات نتيجة فقدانهم لأطرافهم بفعل الاعتداءات الإسرائيلية دون اهتمام أحد بهم". 

 ولفت إلى أن الحرب الأخيرة على قطاع غزة في صيف 2014 والتي قُتل خلالها شقيقه، وتحول جسده إلى أشلاء نتيجة القصف الإسرائيلي، جعلت فكرة تجسيد الأطراف حاضرة بقوة في مخيلته. ويقول الفنان الشاب الذي أنهى دراسته في كلية الفنون الجميلة في جامعة الأقصى في مدينة غزة، إنه أراد أن يعبر عما بداخله تجاه أولئك الذين يعانون الويلات ونقل معاناتهم للعالم. وباستخدامه لشمع العسل الطبيعي، يسعى أبو حشيش، "لكسر الروتين والابتعاد عن الطرق التقليدية في النحت". ويقول:" كنت دائم الانشغال بكيفية تجسيد عمل يليق بالشهداء والجرحى، وبنجاح هذا العمل الفني لإيصال رسالتي". 

ويضيف وهو يحاول إكمال صناعة طرف:" ابتعدت عن الطرق التقليدية في النحت واستخدمت شمع العسل لما له من قيمة عالية وغنية وجميلة ومعاصرة، وكرامات الشهداء والجرحى كبيرة جداً كما أنها قريبة من لون البشرة ومتوفرة في الأسواق". ويحصل أبو حشيش على شمع العسل عادة بعد تفريغه من العسل، وبدلاً من إتلافه يأخذها من المزارعين مجاناً، وأحياناً يضطر لشرائها بنحو 17 دولاراً للكيلو الواحد، لاتمام مجسماته. وعرض أبو حشيش أعماله الفنية على موقعي التواصل الاجتماعي فيس بوك، وتوتير ولاقت إعجاباً كبيراً من فنانين عرب وأجانب، وشكّلت صدى واسعاً، ونقلت معاناة المئات من مبتوري الأطراف في القطاع المحاصر، وفق قوله. 

كما شارك الفنان في معارض فنية مختلفة، لمنحوتات على الرخام والجبص، في غزة والأردن، حملت أسماء: (كرامات)، و(إخلاء) و(نخوة فطرية)، و(يوميات حياتنا في غزة)، قبل نحو 3 سنوات". ويتمنى أبو حشيش، أن يخرج عمله الأول من نوعه، والذي أطلق عليه اسم "شمع العسل" لعرضه خارج القطاع، "لشرح معاناة الجرحى، وصور الشهداء الذين تطايروا أشلاءً بفعل الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين في غزة" كما يقول. وخلال ست سنوات شنت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة، خلّفت آلاف القتلى والجرحى. وكانت الحرب الأخيرة في صيف العام الماضي، وأسفرت عن استشهاد  ما يزيد على 2200 فلسطيني، وإصابة 11 ألفا آخرين. 

وبحسب وزارة الصحة خلفت الحرب الأخيرة 91 شخصا من بينهم أكثر من 20 طفلا، من مبتوري الأطراف، ويحتاجون إلى أطراف صناعية لمواصلتهم الحياة. فيما خلفت الحربين السابقتين على قطاع غزة (2009-2012) نحو 300 من مبتوري الأقدام والأرجل. 

الاناضول