مشعل : التفاوض مع العدو الاسرائيلي في بعض الأحيان مشروع

خالد مشعل واسرائيل

رام الله الإخباري

اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، أن مخاطر التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر وفي هذه الفترة بالذات كبيرة جداً وغير مجدية. جاء ذلك، في مقابلة مع وكالة الأناضول التركية  مشيراً إلى أن الوثيقة السياسية لحركة حماس، تخدم المصلحة الوطنية، بالإضافة إلى إيصالها لأكبر شريحة في العالم.

وفي السياق ذاته، عبر مشعل عن الارتياح العام الذي ساد الحركة بعد الإعلان عن الوثيقة، خاصة أنها دليل على الانفتاح والتطور في فكر الحركة، والمحافظة على الثوابت وحقوق الشعب الفلسطيني.وعن موقف إسرائيل من الوثيقة، قال مشعل: "إسرائيل منزعجة من أن تظهر حماس بهذه الصورة المنفتحة الواعية؛ تحسن مخاطبة العالم من حولها؛ مع بقائها بقوتها وأصالتها و مبادئها المنحازة للشعب الفلسطيني". 

وأضاف: "إسرائيل تريد حماس ضعيفة على الأرض ومتشددة في لغتها السياسية؛ فأن تفعل حماس العكس؛ وأن تكون ذات فكر معتدل وعقل سياسي منفتح، وتحسن فيه مخاطبة شعبها وأمتها والساحة الإقليمية والدولية؛ فكل هذا يزعج إسرائيل بالتأكيد".

وأكد على أن إسرائيل تسعى دائماً لتشويه الموقف الفلسطيني، وإلصاق صفة التشدد والإرهاب بشعبنا، في الوقت الذي تحاول بهذه التهم أن تخفي سلوكها الحقيقي في القتل وسفك الدماء وسرقة الأرض، ورفض أي حل عادل ينصف شعبنا، والتعامل مع العالم كله بازدراء.  

التفاوض المباشر مع إسرائيل 

وفيما يتعلق بالتفاوض المباشر مع إسرائيل، قال مشعل: "إن التفاوض مع الأعداء مشروع من حيث المبدأ حين يلزم؛ فهو سياسة قابلة للتغيير؛ فمن حق أي حركة أو دولة أن تفاوض عدوها حين يكون ذلك ضرورياً ومحققاً لغاياته، بشرط اختيار اللحظة المناسبة التي يكون فيها ميزان القوى والوضع على الأرض مناسباً ويجبر العدو على التسليم بحقوقنا، وتاريخ أمتنا والأمم الأخرى حافل بالأمثلة على ذلك". 

وأضاف: "سياسة الحركة في هذه الفترة الحالية هي عدم التفاوض المباشر مع إسرائيل، لأن لحظة التفاوض المجدية في إدارة الصراع ليست متوفرة؛ فالعدو لم يجنح للسلام ولم يعترف بحقوقنا، ولا يشعر اليوم أن هناك ما يجبره على التراجع والانسحاب والاعتراف بحقوق شعبنا؛ وبالتالي فالتفاوض هنا غير مجد ومخاطره كبيرة". 

وذكر مشعل: "أن إسرائيل اعتادت استخدام التفاوض كعلاقات عامة لخداع العالم بأنها تريد السلام؛ وتستغل كذبها وخداعها هذا لفرض المزيد من مشاريعها في الاستيطان وسرقة الأراضي والتهويد وتغيير الواقع على الأرض بما يحول دون أي خيارات مستقبلية".

وأضاف قائلاً: "إن إسرائيل تستغل هذه المفاوضات في استنزاف سقوف المواقف الفلسطينية والعربية؛ وإغراق المفاوض الفلسطيني والعربي في التفاصيل، والبدء في كل جولة جديدة من حيث انتهى التنازل والتراجع في الجولة التي سبقتها، وهذا أمر بالغ الخطورة".  

الوثيقة والمجتمع الدولي 

في سياق آخر، قال مشعل: "إن هذه الوثيقة ومع أنها تأتي تطوراً طبيعياً لفكر الحركة وأدائها وتجربتها، ومعنية بخدمة المصلحة الوطنية وخلق مناخ أفضل في الساحة الفلسطينية، إلا أنها في الوقت ذاته تصب في تعزيز صورة القضية في العالم، وإيصالها بكل مكوناتها إلى المجتمع الدولي"، نافياً في الوقت ذاته الاتهامات والصور النمطية الظالمة للمقاومة الفلسطينية، وتساعد في تحقيق مكاسب للحركة ولشعبنا وقضيتنا في الساحة الإقليمية والدولية في مواجهة الدعاية والأكاذيب الإسرائيلية. 

وطالب القوى الدولية بالتعامل بإنصاف وجدية مع القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا في الحرية والتحرر والعودة وتقرير المصير، وإدراك حقيقة أن أساس المشكلة هي في الاحتلال وفي السياسات الممارسات والمواقف الإسرائيلية، وليست في الموقف الفلسطيني أو العربي. 

الحركات الإسلامية والوثيقة 

وحول تأثير الوثيقة على تجارب الحركات الإسلامية في مجال فكرها وعملها السياسي، قال مشعل: إن حماس من خلال فكرها وأدائها السياسي تقدم نموذجاً تؤمن به، وتمارسه عملياً، وترى أنه الأصلح للحركات الجادة والمتطورة، وهو الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين التمسك بالثوابت والمرونة والانفتاح، والسعي الدائم إلى المزيد من التطور والفعالية والتجدد والإبداع، بما يوصل إلى النجاح وتحقيق الأهداف، ويعزز الثقة والرضا بين أبناء تلك الحركات. 

وكما نحن نستفيد من تجارب غيرنا في المنطقة وفي العالم، فإننا نأمل أن تستفيد الحركات الإسلامية وغيرها من تجربة حماس، مع إدراكنا باختلاف الظروف والخصوصيات بين حركة وأخرى، واختلاف ساحاتها وبيئاتها. 

مشعل بعد ترك موقعه 

وحول دوره بعد انتهاء فترة رئاسته للمكتب السياسي لحركة حماس، أكد مشعل أنه بصرف النظر عن موقعه فإنه سيواصل دوره في خدمة حركته وقضيته وشعبه، والتفاعل مع هموم أمته ومختلف قضايا الإنسانية. 

واختتم قائلاً: "كما قدمت حماس بفضل الله نموذجاً متميزاً في المقاومة والسياسة، فإنها تقدم نموذجاً رائداً في عمق الشورى والديمقراطية في عملها وتجديد مؤسساتها وقيادتها، وفي تواصل عمل القادة واستمرار دورهم بصرف النظر عن مواقعهم.

 

 


 

الاناضول