قصة الأسد والدبة اللذين نجوا من بطش داعش.. الأردن يستقبل الحيوانات الهاربة من الحروب

الأردن يستقبل الحيوانات الهاربة من الحروب

لم يعد الأردن ملجأً لملايين البشر النازحين هرباً من نيران الحروب والأزمات والاضطهاد في سوريا والعراق وفلسطين فقط، ولكن هناك أرواح أخرى لجأت إلى أرضه للنجاة بحياتها.

ففي محافظة جرش الأردنية التي تقع على بُعد نحو 50 كيلومتراً شمال العاصمة عمان، وفي غابة من الأشجار على أحد جبال المدينة، تجد لاجئين من نوع آخر، أسود ونمور ودببة وغيرها من الحيوانات التي جاءت إلى الأردن هرباً من بطش الحرب وأصوات الانفجارات، ليتم وضعها في" محمية المأوى" الخاصة بالحيوانات القادمة من مناطق الحروب والنزاعات؛ كالعراق وسوريا وقطاع غزة.

"هافينغتون بوست عربي" زار محمية المأوى والتقى مهدي قطرميز، وهو مدير مؤسسة المأوى للطبيعة البرية، الذي قال: "هذه أول محمية على مستوى الشرق الأوسط، تم افتتاحها بشكل رسمي العام الماضي 2016 بمساحة 1400 دونم، تقوم بإيواء الحيوانات التي كانت تعيش في دول تعاني ظروفاً صعبة وغير مستقرة".

وأضاف: "دورنا إعادة تأهيل هذه الحيوانات بعدما أثرت بها أصوات القذائف والانفجارات".

وقال قطرميز: "تصل مثل هذه الحيوانات إلينا؛ إما عن طريق التنسيق مع شركائنا من جمعية فور بوز إنترناشونال الخاصة بحماية الحيوانات التي تقوم بالذهاب إلى أماكن وجود هذه الحيوانات في دول الحروب لتأمين وصولها إلى المحمية، وإما عن طريق الشرطة البيئية والجمارك الأردنية التي تقوم بمصادرة الحيوانات التي يتم ضبطها خلال عمليات تهريب الحيوانات عبر الحدود".

الأسد يفر من "داعش"

عند دخولك إلى مركز الرعاية وإعادة التأهيل التابع لمحمية المأوى، وسط الأشجار تجد العديد من الحيوانات في أماكن مسيّجة تأكل وتلهو وتمشي، غير أن ثمة قفصين متجاورين لآخر حيوانين نجيا من الأعمال القتالية التي شهدتها مدينة الموصل العراقية الرامية إلى استعادتها من تنظيم داعش؛ وهما الدبة "لولا" والأسد "سامبا" .

من الصعب أن تتمكن من رؤيتهما رغم أنهما داخل قفصيهما؛ لاختبائهما في المكان المخصص للنوم، كيف لا يحاولان الاختباء وهما الحيوانان الوحيدان الناجيان من الموصل وقد شهدا قتالاً يخشاه البشر أنفسهم!

الدكتور البيطري أمير خليل، من جمعية "فور بوز إنترنشيونال"، الخاصة بحماية الحيوانات، قال لـ"هافينغتون بوست عربي": "تلقينا اتصالات من أهالي الموصل عبر فيسبوك تفيد بتدمير حديقة حيوانات (حي المرور) في المدينة، وأن هناك حيوانات بحاجة لرعاية وطعام، وأهالي الحي غير قادرين على مساعدة هذه الحيوانات".

وأضاف أمير، وهو نمساوي من أصل مصري، أنه قام برفقة فريق من الجمعية بالذهاب إلى الموصل أواخر شهر مارس/آذار 2017، "فوجئنا بوجود حيوانين فقط على قيد الحياة هم الدبة (لولا) والأسد (سامبا). أما باقي الحيوانات، فقد ماتت؛ إما من الجوع وإما نتيجة القذائف، حيث كان عناصر تنظيم داعش يحتمون داخل الحديقة، بحسب أهالي المدينة".

وقال: "قمنا بتقديم العلاج والرعاية اللازمة لـ(لولا وسامبا) قبل أن نقوم بنقلهما برفقة 4 سيارات مصفحة تابعة لإحدى الشركات الأمنية من الموصل إلى أربيل بكردستان العراق في ظروف صعبة ، حيث مكثنا ننتظر 9 أيام على حدود أربيل حتى استطعنا الوصول إلى المطار، وكان بانتظارنا طائرة شحن أردنية من نوع إيرباص 610 بعد الترتيب مع الجانب الأردني ومحمية المأوى لنقل (لولا وسامبا) إلى الأردن".

أسود سوريا وغزة أيضاً

أما بالنسبة للحيوانات القادمة من سوريا، فقال مهدي قطرميز لـ"هافينغتون بوست عربي": "ظروف الحرب التي عاشتها حيوانات سوريا كانت مشابهة لما عايشته الحيوانات في العراق من تعرضها للجوع وعدم الرعاية والخوف من أصوات الانفجارات، حيث تم استقبال 4 أسود من دمشق، استغرقت مدة نقلهم من هناك إلى الأردن 3 أشهر من الترتيبات مع الجهات المختصة في سوريا لإحضارها إلى محمية المأوى عام 2014".

المهندس سيف الرواشدة، أحد المختصين في رعاية الحيوانات بمحمية المأوى، وهو شاب يبلغ من العمر 30 عاماً، يقول لـ"هافينغتون بوست عربي" وهو يقف إلى جانب أحد المسيّجات الخاصة بالأسود القادمة من قطاع غزة: "هذا الأسد (ماكس) واللبؤة (منى)، أتذكر أنهما كانا شرسين عندما جاءا وهم شبلان من قطاع غزة عام 2015، حيث كانا يعيشان في منزل أحد الفلسطينيين بالقطاع في ظروف خطرة وغير ملائمة".

ويضيف: "أما الأسد (سلطان) واللبؤة (صابرين)، فقد جاءا من غزة أيضاً في أثناء الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2014 ليجدا مأوىً لهما من الحروب الإسرائيلية في هذا المكان".