وفاة فتى مريض بالقلب من غزة بعد ان رفض التعاون مع اسرائيل

الطفل أحمد

 روت المواطنة أمل شبير، من سكّان غزة، ظروف وفاة طفلها المريض بالقلب، أحمد (17 عامًا)، بعد أن رفضت إسرائيل السماح بدخوله لإجراء عملية جراحية العام الجاري.

ونشر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، "بتسيلم " اليوم الخميس، تقرير خاصا حول أحمد.

وقالت الأم في إفادتها للمركز الحقوقي الإسرائيلي: إن أحمد ولد في عام 1999، وبعد أسبوع من الولادة، جاءت جارتنا، وهي طبيبة قلب، إلى منزلنا لتهنئنا، وقامت بتحويلنا إلى المستشفى بسبب لَون جلده الأزرق. وفي مستشفى النصر للأطفال اكتشفوا أنّ أحمد يعاني من عيوب خلقية وكان قلبه في منتصف الصدر، وليس جهة اليسار، وكانت هناك فتحة في غرف القلب، ومشاكل في الممرّات والشرايين والصمّامات.

وأضافت: حوّلونا إلى مستشفى المقاصد في شرقيّ القدس لإجراء عملية له وإنقاذ حياته، وخضع أحمد لعملية جراحية وعاد إلى المنزل، وبعد عام ونصف احتاج إلى جراحة قلب أخرى أكثر تعقيدًا، زراعة شرايين ووصلها بالرئتين، وخضع لعملية جراحية في مستشفى تل هشومير وعاد إلى المنزل، وبعد سبع سنوات احتاج أحمد لعملية قلب مفتوح فأجريت له في مستشفى تل هشومير حيث زرعوا له صمّامًا اصطناعيًا.

وتابعت الأم: عندما عاد اندمج في المدرسة وكان في حالة صحية جيدة. لكن في عام 2011 أصيب بنوبة قلبية. وتمّ نقله إلى مستشفى شنايدر للأطفال وخضع لجراحة قلب موسّعة تمّ خلالها استبدال مقطع من الشريان. وبعد العملية عاد إلى وضعه الطبيعي وظلّ هكذا حتى عام 2013، وعندها خضع لقسطرة في مستشفى شنايدر.

وأردفت: احتاج أحمد إلى إجراء عملية قلب مفتوح أخرى، ولكن تمّ وقف الاتفاق بين السلطة الوطنية الفلسطينية ومستشفى شنايدر، ولذلك أجرى العملية في نهاية المطاف في مستشفى المقاصد في شرقيّ القدس، وذلك في تشرين الأول عام 2015. وقد أوصى الأطباء هناك أن يواصل العلاج في مستشفى شنايدر أو مستشفى تل هشومير.

وأشارت إلى أنه في تاريخ 29-10-2015 رافقتُ أحمد إلى مستشفى تل هشومير، إذ تمّ نقله إلى هناك بشكل عاجل، وأجروا له فحوصات تمهيدًا لعملية جراحية بسبب تسرّب دم من الصمام، وخضع لعملية جراحية هناك في تاريخ 27-12-2015 وتمّ تركيب دعامة له.

وأضافت: وخضع أحمد في كانون الثاني عام 2016 لفحوصات متابعة في تل هشومير، وعيّنوا له دورًا جديدًا لشهر شباط عام 2016، ولكن في هذه المرّة لم يحصل على تصريح.

وبينت أنه في تاريخ 22-3-2016 تمكّنّا من الحصول على تصريح ثمّ وصلنا إلى معبر بيت حانون "إيرز" شمال القطاع، في طريقنا إلى مستشفى تل هشومير، وفوجئنا بأنهم يستدعوننا لمقابلة مع "الشاباك" الإسرائيليّ (جهاز الأمن العام الإسرائيليّ). أدخلوني إلى غرفة حيث قدّم ضابط نفسه باسم إبراهيم وخاطبني قائلاً: "نحن نعرف وضع ابنك، ونعرف أنّك تعانين من ارتفاع ضغط الدم والسكري، نحن على استعداد لمساعدة ابنك ولكننا نطلب معلومات عن غزة وأسماء الجيران".

وأردفت: سألته: "أنتم تريدون مساعدتي في معالجة ابني؟". أجاب: "نعم"، قلت له أنّي لا أتدخل في السياسة وأشياء من هذا القبيل، وأني أقضي كلّ حياتي في معالجة ابني، منذ 17 عامًا، ولا أشكّل أيّ خطر. قال: "يجب عليّ أن أحمي إسرائيل. لو كان هناك طفل يهودي مريض، هل كنتم ستعالجونه في مستشفى كمال عدوان عندكم؟"، أجبته: "ربّما نعم، قدر الإمكان، لأنّ هذا عمل إنسانيّ". طلب منّي أن أفكر في عرضه، وقال لي إنه سيسمح لي بالوصول إلى المستشفى وأنه سيتحدث مع المستشفى للاعتناء أكثر بابني. ذهبتُ مع ابني أحمد إلى المستشفى وأجرى الفحوصات. عدنا في اليوم التالي.

وقالت: في تاريخ 18-4-2016 وصلت مرّة أخرى إلى مستشفى تل هشومير، كمرافقة لأحمد، من أجل إجراء فحوصات طبية تمهيدًا لعملية القلب المفتوح التي كان من المفترض أن يجريها في أيلول عام 2016. ولكن عندما حان وقت العملية لم نحصل على تصريح للسفر. عيّنّا موعدًا جديدًا في المستشفى بعد شهر، في تاريخ 10-10-2016 عيّنوا، ولكن قبل الموعد المحدّد بيوم واحد تلقينا رسالة على الهاتف الخلوي بأننا لم نحصل على تصريح. بعد ذلك ببضعة أيام أبلغَنا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بأنّ أحمد مستدعىً لمقابلة مع الشاباك الإسرائيلي وأنهم سوف ينسّقون المقابلة. عيّنّا موعدًا آخر للمستشفى لتاريخ 3-11-2016، وقدّمنا مرّة أخرى طلبًا للحصول على تصريح. قبل الموعد المحدّد بيوم واحد وصلتنا رسالة نصيّة بأنه تمّ رفض الطلب.

وأضافت: في تاريخ 10-11-2016 أبلغونا أن أحمد مستدعىً إلى "الشاباك" في تاريخ 16-11-2016. سافر معه والده إلى معبر "إيرز" وظلّوا هناك من الصباح وحتى السابعة ليلاً. جرى التحقيق مع أحمد وعرضوا عليه أن يتعاون مع "الشاباك" الإسرائيلي. عرضوا أمامه أسماء أصدقاء وجيران وصور أشخاص وخرائط. قال لهم إنه لا يعرفهم لأنه قاصر ومريض، ولا يمكنه الخروج أو العمل. بعدها قالوا له: إذا كنت لا تريد أن تتعاون معنا فسوف تعود إلى غزة ليعالجك الأطباء هناك. سأل أحمد الضابط إذا كان سيسمح له بالدخول وأجاب الضابط بالنفي. بعد 12 ساعة عاد أحمد إلى المنزل منهكًا.

وتابعت: مرّة أخرى عيّنا موعدًا في مستشفى تل هشومير لتاريخ 8-12-2016، وقدّمنا طلبًا للحصول على تصريح. قبل يوم واحد من الموعد المحدّد، تلقينا طلبًا مفاده أنّ الفحص الأمني لأحمد ولي لم ينته بعد. حالة أحمد أخذت في التدهور، وكان يرقد في المستشفى كلّ بضعة أيام. كان يعاني من وذمة حول القلب والرئتين وفي الظهر والساقين. أعطاه الأطباء في غزة حقنًا للحدّ من الوذمة. كنّا ندرك أنّ حياته في خطر، ولم يكن في مقدورنا أن نفعل شيئًا. عيّنّا موعدًا آخر في مستشفى تل هشومير لتاريخ 30-1-2017 وقدّمنا طلبات للحصول على تصاريح، كنا نأمل أنّهم ونظرًا إلى تدهور حالته الصحية، سوف يسمحون لأحمد بالوصول إلى المستشفى.

وقالت: تدهورت حالة أحمد وبقينا دائمًا إلى جانبه، وشعرنا بحزن عميق وبقلّة الحيلة، وبكينا كل الوقت. وفي تاريخ 14-1-2017، فجرًا، توفّي أحمد، وكان طالبًا متميّزًا وكان لديه أمل بأن يُشفى، أن يعيشَ بدون ألم وأن يكمل دراسته.

وأضافت: بسبب معاناته أراد أحمد أن يدرس الطب ويتخصّص في جراحة القلب، ليسهّل على مرضى قلب آخرين، حتى لا يعانوا ما عاناه هو، لقد فقدنا ابننا في الوقت الذي كنّا ننتظر فيه الحصول على تصريح لمعالجته في مستشفى تل هشومير، فتأخير الموافقة على التصريح وبالتالي تأخير العلاج قصف عمره وسرقه منّا ومن أصدقائه.