ردة فعل صادمة من ترامب بعد ان طرح عليه يهودي هذا السؤال

ترامب واليهودي

رام الله الإخباري

جيك توركس مراسل حديث التعيين، لمجلة لم يكن لها مكان قبل ذلك قط في الجهاز الإعلامي للبيت الأبيض، وهي "آمي ماجازين"، مجلة يهودية أرثوذكسية أسبوعية مقرها بروكلين.

كان لتوركس حضور مميز في الغرفة الصحفية: فهو يهودي حسيدي شاب (الحاسيديم هي حركة روحانية اجتماعية يهودية نشأت في القرن السابع عشر)، تتدلى أضفار على جانبي أذنيه يرتدي قلنسوة مطرزة باسم حسابه على تويتر.

كان توركس مستعداً عندما استدعاه الرئيس ترامب في المؤتمر الصحفي قائلاً إنه يبحث عن "مراسل ودود". فقد أمضى توركس ساعة في تجهيز سؤال حول الموجة الحديثة من معاداة السامية، مع مقدمة كان يأمل بأنها ستنقل موقفه المؤيد لترامب، بحسب ما ذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

لكنَّ الأمر لم يجرِ على نحو ما توقعه المراسل. فقد كان توركس (30 عاماً) لا يزال مترنحاً من أثر الموقف، حتى بعد ساعات من مروره، وبعد انتشار الفيديو على المنصات الاجتماعية وإصدار المجموعات اليهودية بياناً صحفياً.

وقال توركس في مقابلة عبر الهاتف: "للأسف، كنت أتمنى أن يجري اليوم أفضل من ذلك".وشاهد رئيس تحرير المجلة، الحاخام يتسشوك فرانكفورتر، مذعوراً، من مقر المجلة، بينما يتلقى مراسله توبيخاً من الرئيس، وقال: "لقد كانت لحظة مُحبطة لنا للغاية أن نشاهده يتلقى هذا التوبيخ العنيف".

محبة كبيرة

بدأ الموقف عندما نهض توركس من مقعده في الصف الثالث، وقال مشيراً بشكل غير مباشر إلى زملائه المراسلين: "على الرغم مما قد قاله بعض زملائي المراسلين، فإنني لم أرَ أي شخص في مجتمعي يتهمك أو يتهم أي شخص في إدارتك بمعاداة السامية. نعرف أنَّ لديك أحفاداً يهوداً. أنت (زايدا) بالنسبة لهم (وهي كلمة باللغة اليدشية تعني جد) وهي كلمة عادة ما تستخدم للتعبير عن محبة كبيرة".

أومأ ترامب إيماءة خفيفة وقال: "شكراً لك".

وتابع توركس قائلاً: "ومع ذلك، فإنَّ ما يقلقنا وما لم نسمع مناقشة له هو التنامي في معاداة السامية وكيف تخطط الحكومة للتعامل مع الأمر. هناك تقرير يفيد بأنَّ هناك 48 تهديداً بتفجيرات ضد مراكز يهودية في كل أنحاد البلاد في الأسبوعين الأخيرين فحسب. هناك أشخاص يرتكبون أفعالاً معادية للسامية أو يهددون بـ...".

هنا قاطع ترامب قائلاً إنَّ هذا "سؤال ظالم".

وأمر ترامب المراسل قائلاً: "اجلس. أنا أفهم بقية سؤالك".

عاد توركس إلى مقعده، وقال ترامب: "هذه هي القصة يا جماعة. أولاً: أنا أقل شخص معاداة للسامية رأيتموه في حياتكم. ثانياً: العنصرية، أنا أقل شخص عنصري".

حاول توركس أن يتدخل. قال إنه أراد أن يوضح أنه لم يقصد إطلاقاً أن يتهم ترامب بمعاداة السامية، وإنما أراد أن يسأل عما يمكن أن تفعله إدارته لإيقاف حوادث معاداة السامية.

لكنَّ ترامب لم يسمح له بالكلام مرة أخرى قائلاً: "هدوء. هدوء. هدوء". هز توركس رأسه مع نظرة غير مصدقة على وجهه عندما اتهمه ترامب بالكذب عندما قال إنَّ سؤاله سيكون مباشراً وبسيطاً.

وقال ترامب: "هذا أمر شنيع. أنا أكره السؤال لأنَّ الناس الذين يعرفونني...".

وواصل ترامب الكلام عن أنَّ رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة يوم الأربعاء، أكد أنَّ ترامب صديق جيد لإسرائيل والشعب اليهودي وأنه ليس معادياً للسامية.

واختتم ترامب قائلاً إنَّ توركس كان من المفترض له أن يعتمد على إقرار نتنياهو "بدلاً من النهوض وإلقاء سؤال مهين كهذا السؤال".

وقال ترامب: "هذا يريك الكثير عن الإعلام، لكن هكذا تجري الأمور في الإعلام".

كان توركس يشير في المؤتمر الصحفي إلى زيادة الحوادث التي هزت الكثير من اليهود الأميركيين منذ انتخاب ترامب. فقد تلقت معابد، ومراكز اجتماعية، ومدارس يهودية، في 3 أيام منفصلة في يناير/كانون الثاني، ما بدا أنه موجة منظمة من التهديدات التليفونية بوجود قنابل أدت إلى إخلاء لهذه الأماكن، وتحقيقات لمكتب التحقيقات الفيدرالي. كما شهدت مؤسسات يهودية أخرى تنامياً في عمليات التخريب والكتابة على الجدران في الشهور الماضية الأخيرة.

الكثير من الحب

وكان الرئيس الأميركي قد قال، الأربعاء الماضي، إن الولايات المتحدة ستشهد "الكثير من الحب" في السنوات القادمة، وذلك رداً على سؤال بشأن تصاعد الأعمال المعادية للسامية في بلاده في الأشهر الأخيرة.

وأضاف ترامب في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو: "سنوقف الجريمة في هذا البلد. وسنفعل كل ما بوسعنا لإنهاء العنصرية الكامنة منذ فترة طويلة"، مشيرا إلى بلد "منقسم جداً".

وتابع: "آمل أن أتمكن من فعل شيء بهذا الشأن"، مضيفاً: "أما بالنسبة لليهود.. فبينهم الكثير من الأصدقاء، بنت موجودة هنا (إيفانكا ترامب) وصهر (جاريد كوشنر) وثلاثة أحفاد. أعتقد أنكم سترون ولايات متحدة مختلفة جداً خلال الثلاث أو أربع أو ثماني سنوات قادمة".

وكوشنر المستشار المقرب من الرئيس الأميركي، يهودي الديانة واعتنقت إيفانكا ترامب اليهودية قبل أن تتزوجه في 2009.

وأصدرت رابطة معاداة التشهير بياناً يوم الخميس قالت فيه: "من المحيّر أن نفهم لماذا يفضل ترامب أن يُسكت مراسلاً صحفياً أو يتهم سؤاله بأنَّ الغرض منه الإلهاء السياسي".

وقال ديفيد هاريس، كبير المديرين التنفيذيين للجنة اليهودية الأميركية: "بكل احترام، نرجو منك سيادة الرئيس أن تستخدم سلطته لا للتنمر على المراسلين الذين يسألون أسئلة من شأنها أن تؤثر على ملايين الأميركيين، وإنما للمساعدة على حل مشكلة بالنسبة للكثيرين هي مشكلة حقيقية وخطيرة".

وتظهر استطلاعات الرأي أنَّ ترامب لم يكن اختيار غالبية اليهود الأميركيين، الذين يميلون للتصويت للديمقراطيين وأيدوا هيلاري كلينتون بقوة. الكثير من اليهود انتقدوا ترامب لعدم انتقاده أعداء السامية والعنصريين، أمثال ديفيد ديوك، الزعيم السابق لجماعة كو كلوكس كلان، التي أيدت ترامب خلال الحملة الانتخابية. كما أنَّ الكثير من الزعماء اليهود قلقون من ستيف بانون، كبير المخططين الاستراتيجيين للرئيس، بسبب الروابط الوثيقة بين بريتبارت نيوز، التي كان بانون يديرها يوماً ما، وحركة المؤمنين بسيادة العرق الأبيض المعروفة بألت رايت.

معارضة للسفير

وأعلن زعماء مؤسسة "ريفورم جواديزم"، التي تتضمن أكثر من ثلث اليهود الأميركيين، وهي أكبر تجمع لليهود الأميركيين، يوم الجمعة، أنهم يعارضون تعيين ديفيد فريدمان سفيراً لإسرائيل. وقال الزعماء في بيان إنَّ فريدمان، المؤيد للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، غير مؤهل، ومتطرف ويعتنق "أفكاراً متشددة" حول إسرائيل سوف تعرض "الأمن الأميركي والإسرائيلي للخطر".

حاز ترامب على شعبية بين اليهود الأرثوذكس، الذين شعروا بالاطمئنان لرؤية يهود أرثوذكس بين أفراد عائلته، وجذبهم محاباته المتحمسة لإسرائيل، ودعمه لإيصالات المدارس اليهودية ووعده بحظر المهاجرين المسلمين من دخول البلاد.

أنشأت ريكي فرانكفورتر، وزوجها الحاخام فرانكفورتر، مجلة آمي ماجازين منذ أكثر منذ ستة أعوام لخدمة الجمهور اليهودي المحافظ. تباع المجلة في الولايات المتحدة، وكندا، وأوروبا، وأستراليا وهي واحدة من الكثير من المطبوعات الجديدة الناطقة باللغة الإنكليزية التي تخدم المجتمع اليهودي المحافظ. تصدر المجلة أسبوعياً، ولها ثلاث مطبوعات أخرى تابعة لها: واحدة للنساء، وواحدة للمراهقين، ومجلة متخصصة في الطبخ تسمى ويسك.

عقدت المجلة حواراً صحفياً مع ترامب قبل إعلانه ترشحه لمنصب الرئاسة، وكذا فعلت أثناء حملته الانتخابية.وأكد الحاخام فرانكفورتر، مدير التحرير: "لم ندعم ترامب سياسياً، لكنني أردت حقاً أن يتم انتخابه، وأريد له أن ينجح".

وقالت ريكي فرانكفورتر، كبيرة محرري المجلة، إنَّ من الواضح أنَّ ترامب ليس معادياً للسامية وإنه "لابد أنه لم يسمع السؤال جيداً" من مراسل المجلة. وأضافت أنَّ "الرئيس حساس جداً لمثل هذه الاتهامات، ونحن نجد هذا الأمر مطمئناً" لأنه يعني أنه يفهم بشاعة أن يظن الناس أنك مُعادٍ للسامية.

وأضاف الحاخام فرانكفورتر، الذي نجا والداه من الهولوكوست: "ربما يجدر بالرئيس أن يتكلم بقوة أكثر من ذلك. للرئيس منبرٌ قويٌ ينبغي له استخدامه في الخير".

 

 

هافينغتون بوست عربي