رام الله الإخباري

هل تذكرون أين ذهبتم في ثالث مرة ركبتم فيها السيارة، أو متى بالضبط كان ذلك؟ هل تذكرون ماذا كانت هدية عيد ميلادك الحادي عشر التي تلقيتها من عمّك؟ من الطبيعي أن لا تتذكر كل تفاصيل حياتك، ولكن ماذا لو كنت مثل "جل برايس"، المرأة التي لا تنسى، أبداً؟

إليك قصّتها كما جاءت في الغارديان

عبء الذاكرة التي لا تموت

جل برايس، امرأة أمريكية تبلغ من العمر 51 عاماً، تتذكر كل تاريخ حياتها منذ كان عمرها 8 سنوات ونصف عاماً. فيمكنها أن تسرد لك شريط الأخبار الذي شاهدته طيلة حياتها، وتتذكر أنها قادت السيارة للمرة الثالثة في 29 أغسطس 1980 وكان عمرها 14 عاماً و8 أشهر.

كيف توقفت عن النسيان؟

"دماغي تمزّقت" تقول برايس وهي تصف ما حلّ بدماغها لحظة انتقالها مع أهلها من الحيّ الذي تحب في نيو جيرسي إلى لوس أنجليس بسبب عمل والدها في 1974. حينها قررت براس أن تلتزم بتذكر كل تفاصيل حياتها السابقة التي شعرت أنها انتزعت منها، فأنشأت ملفات لحفظ التواريخ والصور وبطاقات المواصلات ودرّبت دماغها على تذكّر كل شيء. وهو ما فقدت السيطرة عليه لاحقاً.

"إنها نقمة"

تقول برايس إن في عقلها شطرين من الشاشات، اليسرى ترى فيه الواقع والحاضر وما يحصل حولها، واليمنى تتراطم فيها جميع ذكرياتها بالماضي. هذه الحقيقة تشكل عبئاً ذهنياً لا يمكن احتماله. "كل حياتي تدور في رأسي كل يوم وهذا يصيبني بالجنون".

أول مقابلة تلفزيونية مع برايس

تشخيص المرض

برايس هي أول من شخّص كمصاب باضطراب نادر جداً بالذاكرة، أطلق عليه اسم "HSAM" أو "الذاكرة الشخصية المتفوقة جداً"، وهي واحدة من 60 حالة فقط تم تشخيص إصابتها بهذا الاضطراب.

لم تتوجه برايس فوراً لطلب مساعدة الطب، ففي عام 20000 كانت أول مرة تتوجه فيها لخبير الذاكرة وعالم الأعصاب البيولوجية بجامعة كاليفورنيا، د. جيمس ماكغو.

ماذا فعل د. ماكغو؟

دعا د. ماكغو برايس إلى مكتبه، وأحضر كتاب "القرن العشرين يوماً بيوم"، الذي يحتوي على صور وتفاصيل تلخص أهم أخبار القرن العشرين وذلك بهدف اختبار نقطة بداية "الذاكرة المفرطة" لدى برايس، وتبيّن أنها فعلاً بدأت عام 1974.

لاحقاً، شاركت برايس بسلسلة أبحاث مكثفة لدراسة حالتها، ونشر على اثر ذلك أول ورقة بحثية تعرّف الاضطراب عام 2006 باسم "هايبرثيمسيا"، أي الاستذكار المفرط، مما ساعد في فهم أكبر لأمراض ضعف الذاكرة وتلاشيها مثل الألزهايمر.

برايس ليست وحدها

لاحقاً لبرايس تحفّز "بوب باترلا"، الكاتب والمنتج التلفزيوني الأمريكي، التوجه لفحص حالته، إذ كان يلاحظ قدرته المفرطة على التذكر. واتضح من البحث أن كلاهما بدأ اضطرابهم بعد عقدهم نيّة عدم نسيان فترة مهمة عاطفياً ونفسياً لهم. كما اتضح أن المصابين لديهم نمط تصرفات تشبه "الوسواس القهري"، كما أن تركيبة دماغهم مختلفة عن ذوي الذاكرة العادية.

تطبيق اسطرلاب