وزير المالية : حققنا نجاحاً كبيراً في سد عجز الموازنة العامة

بشارة

قال وزير المالية شكري بشارة ، إن سد العجز في الموازنة العامة يحتل أولوية لدى الحكومة، مؤكدًا أنها حققت نجاحا كبيرا في هذا المجال، بخفض العجز الجاري بمقدار النصف تقريبا،  بين عامي 2012 و2016.

وأوضح الوزير بشارة خلال لقاء مطول مع أركان وزارة المالية وممثلي القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني برام الله اليوم الأربعاء، أن مشروع الموازنة العامة لعام 2017 نوقش على مدى أربع جلسات لمجلس الوزراء، وكان من المفترض أن تناقش،" كما هي العادة في كل عام، مع رؤساء الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي، لكن تواجدهم في العاصمة الروسية موسكو في حوار المصالحة حال دون ذلك، مؤكدا أن "الموازنة لن تصبح رسميا إلا بعد مصادقة الرئيس محمود عباس عليها".

وحول الأداء المالي، ذكر أن "استمرار التحسن في الإيرادات العامة (المحلية والمقاصة)، "سيمكننا من سد العجز الجاري خلال فترة ليست بعيدة، ما يسمح بالتركيز على المشاريع التطويرية وتوجيه الدعم الخارجي نحوها".

وأضاف أن الدعم الخارجي للموازنة العامة شهد انخفاضا كبيرا في السنوات الأخيرة، متراجعا من 1.763 مليار دولار عام 2008 إلى 613 مليون دولار فقط في 2016.

وقال: "من غير المسموح لأي نظام أن يبني مستقبله على أساس استمرار المنح، هي مهمة جدا لأنها تعزز القدرة على خفض الاقتراض وتمويل المشاريع التطويرية، لكن الواجب أن لا نعتمد عليها لأنها لا تأتي مجانا".

وأشار بشارة إلى نمو كبير، ومطرد، في الإيرادات، سواء المحلية أو عائدات المقاصة مع إسرائيل، حيث ارتفعت الجباية المحلية المباشرة 150 – 170 مليون شيقل شهريا في العام 2012، لتصل إلى 250—270 مليون شيقل شهريا في العام 2016، كما ارتفعت عائدات المقاصة خلال نفس الفترة من حوالي 400 مليون شيقل شهريا إلى حوالي 700 مليون شيقل شهريا.

وقال: نفقاتنا الشهرية حوالي 1.1 مليار شيقل، مقابل حوالي 900 مليون شيقل إيرادات (محلية ومقاصة)، ما يعني عجزا شهريا بحوالي 200 مليون شيقل، ونستهدف رفع عائدات المقاصة إلى 800 مليون شيقل شهريا، والإيرادات المحلية إلى 350 مليون شيقل".

وأضاف: "إذا نجحنا بالاستمرار في نفس الخط، فسنتمكن من سد العجز الجاري، وبالتالي توجيه الدعم الخارجي نحو المشاريع التطويرية".

وأكد وزير المالية على أن النمو في الإيرادات تحقق نتيجة إصلاحات نفذتها وزارة المالية في إدارة المال العام، وتحسين الإدارة الضريبية والمتابعة الحثيثة مع الجانب الإسرائيلي لتقليل الفاقد من المستحقات الفلسطينية، دون زيادة أية أعباء جديدة على المواطنين.

وأضاف "هدف هذه الحكومة خفض الضرائب وليس زيادتها، نؤمن أن خفض الضرائب يزيد حصيلتها إذ تشجع المكلفين على أدائها، حيث بدأت هذه السياسة تأتي ثمارها بارتفاع حصيلة ضريبة الدخل بنسبة 1% في العام 2016، رغم خفض الشريحة العليا من شرائح ضريبة الدخل من 20% إلى 15% . وإذا استمر هذا التحسن ندرس خفضها إلى بنسبة 5%".

وفيما يتعلق بفاتورة الرواتب التي تستحوذ على نصف الموازنة، قال بشارة: إن الحكومة تبذل جهودا لخفض هذه النسبة، سواء من الموازنة او من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بحصر التوظيف في الشواغر الناتجة عن حالات التقاعد، وترتيب بند العقود.

وأوضح: هناك عدم توازن بين الإمكانيات من جهة، والنفقات من جهة أخرى، وهذا يأتي على حساب قدرة الحكومة على تنفيذ مشاريع تطويرية، لهذا بدأنا بخفض نسبة الرواتب. كان هناك نقاش عنيف مع البنك الدولي قبل حوالي سنتين نتيجة توظيف 2000 موظف جديد تنفيذا لقرار قضائي. ندرك أنه نتيجة الظروف السياسية التي نعيشها، فان كل شيء يجب ان يدار بحكمة وتأني، واتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب"، كما ذكر.

قطاع غزة

وحول الإيرادات من قطاع غزة، قال بشارة إنها تقتصر على 7-8 ملايين شيقل من مقاصة الوقود المورد إلى القطاع، في حين أن الحكومة استمرت في الوفاء بكامل التزاماتها تجاه قطاع غزة، سواء لجهة دفع الرواتب والمخصصات الاجتماعية أو تنفيذ مشاريع تطويرية، إضافة إلى 40-50 مليون شيقل شهريا يخصمها الجانب الإسرائيلي ثمنا للطاقة الموردة إلى القطاع.

وأضاف: دور الحكومة ليس التوظيف، وإنما خلق فرص عمل، وهذا يتحقق بتعزيز دور القطاع الخاص عبر زيادة الإنفاق الرأسمالي".

تحديات 2017

 

قال بشارة إن العاملين الأبرز المطروحان في عام 2017، هما الانقسام وما إذا تحققت المصالحة أم لا، وتولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهام منصبه.

وأضاف: "أهم عامل مطروح في هذا العام إن كان هناك مصالحة أم لا، فان تحققت ما هي التبعات المالية لذلك، وان لم تتحقق كيف سنتعامل مع استمرار التناقضات القائمة، وفي كل الأحوال فان التعامل مع هذه الحالة في السنوات الماضية لا يمكن أن يستمر".

وفيما يتعلق بتولي ترامب لمهام منصبه، قال بشارة: "لا نعرف حتى الآن ما هي التأثيرات المحتملة لسياساته على الساحة الدولية، وكذلك التبعات المحتملة، سواء على الدعم المالي الأميركي أو غيرها من الدول التي تتأثر عادة بالقرارات الأميركية بهذا الشأن".

الإيرادات

بدوره، استعرض مدير عام الموازنة فريد غنام مشروع موازنة 2017، وتطورات الأداء المالي على مدى السنوات الخمس الماضية، مركزا على الأداء للعامين 2015-2016.

ففي جانب الإيرادات، قال غنام إن صافي الإيرادات حقق في عام 2016 نموا بنسبة 24% مقارنة مع عام 2015، لافتا إلى إن النمو شمل الإيرادات المحلية والمقاصة، بنسبة 41% و12% على التوالي، وهي نسبة تفوق بكثير المعدل السنوي في الزيادة منذ العام 2012، فيما عزاه إلى استعادة مبلغ 600 مليون شيقل من الجانب الإسرائيلي بدل التأمين الصحي للعاملين الفلسطينيين داخل أراضي الـ48، ودفعة بقيمة 500 مليون شيقل بدل رسوم المعابر، ورسوم إدارة الأموال الفلسطينية، وضريبة القيمة المضافة، فيما جاءت الزيادة الكبيرة في الإيرادات المحلية نتيجة استلام المالية دفعة بمقدار 558 مليون شيقل من رسوم تجديد الرخصة لشركة الاتصالات الفلسطينية.

النفقات

 

وبين غنام أن الزيادة بين عامي 2015 و2016 اقتصرت على 5% فقط، وهي تقل كثيرا عن الزيادة في الإيرادات، ما يفسر نجاح الحكومة في تقليص العجز الجاري في الموازنة.

وجاءت الزيادة في بنود الإنفاق وصافي الإقراض بنسبة 5% للرواتب و7% للنفقات الأخرى (14% للنفقات التشغيلية، و2% للنفقات التحويلية، و27% للنفقات الرأسمالية، فيما تراجع صافي الإقراض (المبالغ التي تقتطعها إسرائيل من عائدات المقاصة لتسديد أثمان الخدمات وخصوصا الكهرباء) بنسبة 12%.

العجز:

 

وقال غنام إن التحسن المطرد في الإيرادات والذي قابلة نمو اقل في الإنفاق أدى إلى ارتفاع نسبة تغطية الإيرادات للنفقات من 69% في العام 2013 إلى 84% في العام 2016، موضحاً أن هدف الحكومة هو الوصول إلى تغطية كاملة بنسبة 100 للنفقات من الإيرادات المحلية، وتوجيه كامل الدعم الخارجي إلى المشاريع التطويرية.

وتبعا للتحسن الملحوظ في الإيرادات، ذكر غنام أن العجز الجاري انخفض في عام 2016 بنسبة 38% مقارنة مع العام 2015، وبالإجمال، فقد انخفض العجز الجاري بين عامي 2012 و2016 إلى النصف تقريبا، من حوالي 5.6 مليار شيقل عام 2012 إلى حوالي 2.9 مليار شيقل عام 2016.

وانخفض العجز الكلي (مع إضافة الإنفاق الرأسمالي)، في عام 2016 بنسبة 25% مقارنة مع عام 2015، وبالإجمال، فقد تراجع العجز الكلي من حوالي 6.5 مليار شيقل، شكل 15% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012، إلى حوالي 4.2 مليار شيقل او 8.34% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، بحسب غنام.

أداء 2016

واستعرض غنام جملة من الالتزامات التي تمكنت وزارة المالية من الوفاء بها خلال العام 2016، أبرزها: المحافظة على مستوى التعيينات الوظيفية، وتحويل 20 مليون شيقل شهريا لصالح هيئة التقاعد، وخفض متأخرات القطاع الخاص بمقدار 370 مليون دولار، وإصدار اذونات الدفع بمقدار 607 ملايين شيقل خصصت لسداد مطالبات القطاع الخاص، والاستمرار في سياسة عدم مزاحمة القطاع الخاص في الاقتراض من البنوك، وخفض الدين المحلي من 1.450 مليار دولار في نهاية عام 2015 إلى 1.390 مليار دولار نهاية العام 2016 مع الاستمرار في سياسة تجنب الاقتراض.

ونوه إلى أن الحكومة نجحت في معالجة القضية المرفوعة ضد السلطة الوطنية ومنظمة التحرير في الولايات المتحدة الأميركية، ما جنب السلطة مطالبات بحوالي 1.3 مليار دولار.

موازنة 2017

 

وفيما يتعلق بموازنة 2017، قال غنام ان منطلقاتها في جانب الإيرادات، تتمثل باستمرار الضغط المباشر وغير المباشر على إسرائيل لمعالجة باقي الملفات المالية العالقة، والاستمرار في سياسة تعظيم الإيرادات وترشيد الإنفاق، وتصويب منظومة تجارة التبغ والوقود والرسوم.

أما في جانب النفقات، لفت غنام إلى أن موازنة 2017 تنطلق من الاستمرار في المحافظة على نفس مستوى التوظيف، والتركيز على المشاريع التطويرية بتخصيص 250 مليون دولار لهذا البند، والاستمرار في إصدار اذونات الدفع للقطاع الخاص لضخ 50-70 مليون شيقل شهريا وصولا إلى التخلص منها نهائيا.

وتابع:" والعمل على إصلاح القطاع الصحي وتصويب نظام التحويلات الطبية، وتخصيص 30 مليون شيقل للمشاريع الصغيرة بهدف توفير فرص عمل، ودعم صمود المواطنين في القدس من خلال رزمة مشاريع جديدة في قطاع التربية بقيمة 222 مليون شيقل، ودعم المناطق المهمشة، خصوصا في المناطق المسماة "ج"، بالشراكة مع وزارة الحكم المحلي".