النظام السوري يستعد لحرب طويلة الأمد في إدلب أكبر معقل للمعارضة

معركة ادلب

رام الله الإخباري

قال مسؤول في الحكومة السورية منوط بالمفاوضات التي أدت إلى تخلي مقاتلي المعارضة عن مساحات من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها، إن سوريا مستعدة لخوض "معركة مفتوحة" ضد مقاتلي المعارضة في محافظة سمحت لهم الحكومة بالتجمع فيها وفقاً لاتفاقات لوقف إطلاق النار.

وشهد العام المنقضي سيطرة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على مناطق رئيسية من يد مقاتلي المعارضة بما شمل ضواحي للعاصمة دمشق، فيما تطلق عليها الحكومة اتفاقات "مصالحة" يتم فيها موافقة مسلحي المعارضة على تسليم المنطقة مقابل خروجهم الآمن منها.

ممر آمن

وأعطت الحكومة المسلحين ممراً آمناً إلى محافظة إدلب - أكبر معقل متبقٍّ في يد مقاتلي المعارضة - والواقعة شمال غرب البلاد. وأرسلت الحكومة حافلات لتقلّهم وأسرهم وفقاً لتلك الاتفاقات.

كما كانت إدلب أيضاً وجهة للكثير من المقاتلين والمدنيين البالغ عددهم 35 ألفاً الذين تم إجلاؤهم من شرق حلب الشهر الماضي بعد هزيمة مقاتلي المعارضة في المدينة.

وقال علي حيدر الذي يشغل منصب وزير المصالحة الوطنية وبالتالي كان مسؤولاً عن التفاوض على الاتفاقات المحلية، إنه يتوقع عقد المزيد من تلك الاتفاقات في الأشهر القادمة لإرسال آلاف المسلحين إلى إدلب من مناطق قرب وجنوبي دمشق فيما يواصل الجيش تقدمه.لكنه قال في مقابلة معه في دمشق إن الدولة لن تسمح ببقاء إدلب في يد مقاتلي المعارضة إلى الأبد.

واضاف: "إذا لم يكن هناك من توافق دولي على حل للأزمة السورية يُخرج المسلحين الأجانب ويقطع الطريق على الإمداد والتمويل والتسليح، وإن بقي هذا الظرف الموضوعي قائماً وبقيت إدلب ساحة لهؤلاء فالخيار الآخر هو الذهاب إلى معركة مفتوحة معهم في تلك المناطق".

وأضاف لرويترز: "الدولة السورية واضحة في سياستها عندما قالت إنها لن تتخلى عن أية بقعة من بقاع سوريا وأظن أن إدلب هي من الساحات الحارة القادمة التي تضطلع الدولة السورية بمسؤوليتها في مواجهة الإرهابيين في تلك المساحة".

وقال إن المقاتلين الأجانب يجب أن يغادروا ويجب أن تقطع خطوط الإمداد عبر تركيا.

 

انسداد الأفق

السماح للمقاتلين الذي يستسلمون في أي منطقة بالخروج إلى إدلب كان الاقتراح الأساسي المطروح على الطاولة في أي منطقة خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة حاصرتها القوات الحكومية.

وتقول دمشق إن الاتفاقات تسمح للسوريين بالبقاء فيما تعود الحياة لطبيعتها بعد وقف إطلاق النار. وتقول المعارضة إن الاتفاقات تصل إلى حد التغيير الديمغرافي القسري لطرد معارضي الأسد وهو هدف تنكره الحكومة.

ومحافظة إدلب الواقعة على الحدود مع تركيا خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة بالكامل تقريباً. وتشمل جماعات المعارضة المسلحة فصائل إسلامية قوية مثل أحرار الشام وجبهة فتح الشام المعروفة سابقاً باسم جبهة النصرة التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة.

وحول دمشق تسارعت وتيرة إبرام الاتفاقات المحلية في الأشهر الأخيرة خاصة منذ وافق مقاتلو المعارضة على مغادرة داريا جنوب غربي العاصمة في أغسطس/آب متوجهين إلى إدلب على بعد نحو 300 كيلومتر.

ويواجه مقاتلو المعارضة الآن قوة عسكرية لجيش مدعوم جواً من روسيا وبراً بقوات من إيران وجماعة حزب الله اللبنانية.

وقال حيدر: "انسداد الأفق أمام المسلحين نتيجة إنجازات الجيش ونتيجة صمود الدولة وصمود الشعب.. هذا الانسداد في الأفق هو الذي دعا البعض منهم إلى القبول بمغادرة دمشق وأرياف دمشق وباقي المناطق التي أنجزت بها مصالحات".

وأضاف: "تجربة داريا سرعت الاقتناع النهائي من المسلحين بأن الدولة لا تواجه إلى ما لا نهاية وأنه لا بد من إيجاد حل وأنه جزء من هذا الحل إما بالتسوية والمصالحات أو بالخروج إلى ساحات أخرى بعيدة".

وقدر حيدر إن نحو 10 آلاف من مقاتلي المعارضة استفادوا من منحهم ممراً آمناً إلى إدلب حتى الآن من مناطق غير حلب، وقال: "نستطيع أن نتكلم حتى الآن عن حوالي 10 آلاف مقاتل. قد يكون العدد أكثر في الفترات القادمة... طبعاً دون حلب لأن حلب وضع آخر. بعد حلب لم ينجز الحساب الأخير".

وتوقع أن يكون هناك عدد موازٍ لذلك خلال الأشهر الستة القادمة، وقال: "أظن هذا العدد يوازي هذا العدد إذا أكملنا ساحة المصالحات على مستوى ريف دمشق ودرعا والقنيطرة".

 

لا اتفاق بعد في دوما

 

لا يزال مقاتلو المعارضة يسيطرون على أراض في تلك المناطق وقرب دمشق بما يشمل دوما في منطقة الغوطة الشرقية.

وقال حيدر إن جهود إبرام اتفاق للمصالحة هناك لم تثمر بعد وألقى باللوم في ذلك على السعودية التي تتمتع بنفوذ لدى الجماعة المسلحة الرئيسية هناك وهي جماعة جيش الإسلام.

والسعودية أحد الداعمين الرئيسين لمقاتلي المعارضة ضد الأسد ومعها قطر وتركيا والولايات المتحدة. وعن الوضع في دمشق قال حيدر: "تبقى المعضلة هي معضلة دوما تحديداً لأن الجميع يعرف أنه في دوما تنظيم مسلح مرتبط بالسعودية".

وأشار أيضاً إلى أن اتفاقاً محلياً يمكن التوصل إليه قريباً في وادي بردى قرب دمشق، حيث تحارب القوات الحكومية وحلفاؤها مقاتلي المعارضة حالياً. وقال: "أظن أن وادي بردى سينجز وقد ينجز خلال فترة قصير جداً ليست بالأشهر".

واستشهد مقاتلو المعارضة بالهجوم على وادي بردى كدليل على أن الحكومة غير ملتزمة بوقف إطلاق نار جديد توسطت فيه تركيا وروسيا. وتقول الأمم المتحدة إنها تلقت تقارير عن أن المعارك الأخيرة شردت 7 آلاف شخص على الأقل من منطقة يقدر عدد من يعيشون فيها بـ45 ألفاً.

وقالت جماعات المعارضة المسلحة في سوريا الاثنين الماضي إنها قررت تجميد أي حديث عن مشاركتها المحتملة في مفاوضات سلام يقترح عقدها لحين وقف الحكومة وحلفائها المدعومين من إيران لما يصفه المقاتلون بأنه انتهاكات للهدنة.

واتهم حيدر السعودية وقطر بمحاولة عرقلة الاجتماع المقرر في آستانة عاصمة قازاخستان، فيما قال عن موقف تركيا: "مجموعة عوامل جعلت التركي يبحث عن مخرج له بعيداً حتى عن حلفاء السابق السعوديين والقطريين وفي منافسة صريحة مع المصري على المنطقة. هذا الواقع الذي استفاد منه الروسي بشكل جيد وطرح مسارا يؤدي إلى جنيف في النهاية".

وتابع قائلاً: "حتى الآن الأستانة هي تعبير عن نوايا إيجابية ولم تترجم هذه النوايا إلى أفعال حقيقية"، لكنه أضاف أن من الممكن عقد أول اجتماع بنهاية هذا الشهر، وقال: "أظن أنه من الممكن أن يعقد في نهاية هذا الشهر ولو الجولة الأولى من هذا الحراك".

       

رويترز